في الفيلم المجنون ( The Legend Of 1900 ) الذي يحكي قصة عازف البيانو ( داني بودمان تي دي ليمون 1900 ) الذي لا يضاهيه أحد في عزف البيانو ولا في قصته كذلك !
يولد 1900 على سفينة فيرجينيا في سنة 1900 ولم يغادر هذه السفينة قط , عاش 33 عاماً ولم تطأ رجلاه البحرية أرضاً , كان اصدقائه يسألونه لماذا , ويحاولون إقناعه بالنزول يوماً عن السفينة , وهو يرفض .. كان يرى حياة ” الأرضيين ” غير منطقية !
حتى جاء اليوم الذي بدأت فيه الحرب , و قرروا فيه تفجير السفينة فيرجينا التي لم تعد صالحة للإستخدام .. صعق صديقه ماكس لهذا الخبر , فهو يعلم أن صديقه 1900 لن ينزل عن هذه السفينة المليئة بالديناميت , حاول مراراً إقناعهم بإيقاف تفجير السفينة , ولكن بلا جدوى !
فبدأ بالبحث عن 1900 طويلاً ومعه مجموعة من البوليس , ولكن لم يعثروا له على أثر .. لم ييأس ماكس وواصل البحث عنه , كان هناك اسطوانة وحيدة سجلها 1900 يوماً ولكن قام بإتلافها ( لأنه لا يريد لموسيقاه أن تغادر من دونه ) .. و حينما باعوا محتويات السفينة ومنها بيانو 1900 الذي قام بشراءه بائع آلات موسيقية , وجد هذه الاسطوانة مهشمة في البيانو فقام بتجمعيها حتى استطاع إعادتها إلى الحياة , قرر ماكس سرقة هذه الاسطوانة من البائع , فقام بتشغليها على ظهر السفينة , ولم ينتظر طويلاً حتى ظهر 1900 .. وهو يقول له مرحباً , هل فقدت أرجلك البحرية ؟ أين بحق الجحيم عثرت على هذا التسجيل ؟!
سأله ماكس : أين كنت طوال كل هذه السنوات ؟
كان ببساطة يؤلف الموسيقى , لم يصدق ماكس , فقال : حتى خلال سنين الحرب ؟
” حتى عندما لم يكن أحد يرقص , حتى عندما كانت القنابل تتساقط علينا , كانت الموسيقى تساعدهم على أن يتحسنوا , أعني المصابين , أو أيضاً أنها كانت تسليهم وهم يتسربون إلى عالم آخر , لدرجة أنهم أحياناً , لم يكونوا يعترضوا على الرحيل إلى العالم الاخر , وإذا كانوا يستطيعون سماع الموسيقى فان وجهي كان آخر ما يرونه , لقد ظللت أعزف على البيانو إلى أن توقفت الباخرة هنا !
حاول ماكس إقناعه من جديد بالنزول من جبل الديناميت هذا , حاول اغراءه بالثروة والشهرة وأن الناس جميعاً سوف يتعلقون بكل كلمة يقولها , وسوف يجنّون بموسيقاه !
كان مبتسماً طوال الوقت وهو يستمع إلى صديقه , ولكنه لا يستطيع مغادرة السفينة , قال : ” صدقني , كل تلك المدينة إنك لا تستطيع أن ترى لها آخر .. أرجوك هل تستطيع أن ترني أين تنتهي ؟! إن كل شيء على ما يرام على هذه السلالم , وكنت على ثقة كبيرة وأنا أرتدي معطفي ولم يكن لدي شك فى الرحيل , لم يكن هناك أدنى مشكلة , إن ما أوقفني ليس ما رأيته , بل الذى لم أراه .. هل تفهمني ؟! الذى لم أره .. كان هناك فى هذه المدينة المزدحمة كل شيء ما عدا نهاية لها , كان هناك كل شيء , ولكن لم يكن لها نهاية !
الذى لم استطع أن اراه هو أين ينتهي كل هذا , نهاية العالم !
خذ البيانو على سبيل المثال , هناك بداية ونهاية لمفاتيح البيانو , إنك تعرف الثمانية والثمانين مفتاحاً فى البيانو، لا أحد يشك فى هذا , وعلى تلك الثمانية والثمانين مفتاحاً .. تستطيع أن تؤلف موسيقى إلى الأبد , أنا أحب هذا استطيع أن أتعايش مع هذا , ولكن عندما تضعني على هذه السلالم لأرى أن المدينة كبيانو بملايين المفاتيح , وهذه هى الحقيقة لا توجد نهاية لها , فإنك لا تستطيع أن تعزف عليه موسيقى , إنك فى هذه الحالة تجلس على الجانب الخطأ لأن المدينة هى بيانو الرب !
يا إلهي هل رأيت الشوارع ؟! .. هناك الآلاف منها , كيف تعيش على مجرد اختيار واحد ؟! إمراة واحدة , وبيت واحد , وقطعة واحدة من الأرض تمتلكها , ومنظر واحد تطل عليه , وطريقة واحدة تموت بها !
كل هذا العالم ينهال عليك .. بدون أن تعرف أين ينتهي , الا تخاف من الانهيار ؟! من مجرد التفكير فى بشاعة الحياة فيها ؟!
لقد ولدت على هذه السفينة , لقد مر العالم أمامي ولكن ألفي شخص فى الثانية , لقد كانت هنا أمنيات ولكنها كانت قابلة للتحقق في تلك السفينة , بين مقدمة الباخرة ومؤخرتها تعبر عن سعادتك بالموسيقى , على مفاتيح بيانو لها نهاية , لقد تعلمت أن أحيا بهذه الطريقة ..
الأرض .. إنها سفينة كبيرة جداً بالنسبة لي , إنها إمرأة جميلة جداً , إنها رحلة طويلة جداً , عطراً شديد التأثير , إنها موسيقى .. لا أعرف كيف أكتبها !
إنني لا أستطيع أن اغادر السفينة , من الأفضل أن أغادر جسدي عن أن اغادر السفينة .. وبعد كل شيء .. أنا لم أوجد أبداً , أنت استثناء يا ماكس , إنك الوحيد الذي يعرف أنني هنا .. أنت من القلة ومن الأفضل أن تعتاد على هذا .. اغفر لي يا صديقي , ولكني لن أترك السفينة !