Archive for مارس, 2013

وحباً لأنك أهلٌ لذاك.

الجمعة, مارس 22nd, 2013

عرَفْتُ الهَوى مُذ عَرَفْتُ هواك

وأغْلَقْتُ قَلْبي عَلىٰ مَنْ عَاداكْ

رابعة

Bonjour Paris

الأربعاء, مارس 13th, 2013

Sinnerman

الإثنين, مارس 4th, 2013

I said, Rock, what’s a matter with you rock?
Don’t you see I need you, rock?
Lord, Lord, Lord.

ميلان.

السبت, مارس 2nd, 2013

(13-14)

لا أعرف إسمها, ولم أفكر بسؤالها عنه. فقط كنت أناديها سنيورا. في اليوم الأول استيقظت متأخراً لأني لم أصل إليهم سوا في الساعة الواحدة فجراً, بسبب ما حدث لي في مطار أمستردام, حيث قام موظفو الهجرة بالتحقيق معي لمدة أربع ساعات بسبب الفيزا, لأن هناك سؤالاً وجودياً حيّرهم: "لماذا استخرجت الفيزا من السفارة الألمانية وأنت ذاهب إلى ميلانو أولاً؟" كان هذا من أسخف المواقف التي مررت بها في حياتي, على أية حال سمحوا لي بالمرور وحجزوا لي على رحلة آخر الليل المتجهة إلى ميلانو. الفرق بين الهولنديين والإيطاليين هو كالتالي: الهولنديون يسألوني عن سبب ذهابي لميلانو وأقول لهم لأحتفل بعيد ميلادي, ولمدة ثلاث ساعات يتسائلون عن هذا الأمر, لم يتركوا سؤالاً في العالم لم يسألوني عنه ورغم ذلك يقول أحدهم لي انت تكذب, توقف عن الكذب حتى ننتهي من هذا الأمر. لم يتوقف كل هذا الهراء إلا حينما قلت لهم اتصلوا الآن على سفارتي ليحضر معي أحد التحقيق لأن الموضوع بدأ يطول أكثر من اللازم ولن أسمح لهذه الوقاحة أن تستمر, بعدها جاء ضابط كبير وأنهى كل شيء بنصف ساعة وسمح لي بالذهاب. أما الإيطاليين فمن شدة تعبي ذاك اليوم مررت بجانب الجمارك مسرعاً ولم أنتبه حتى ناداني ضابط وقال لي هيه هيه سنيوري ألا تشاهد هذه اللوحة؟ وأشار إلى لوحة الجمارك فوق رأسه, قلت له أعذرني لم أنتبه, سألني ماذا معك في الشنطة؟ قلت له ملابس فقط, سألني هل تسمح لي بأن أرى؟ فتحتها له ونظر قليلاً ثم أغلقها بنفسه. سألني بعدها ماذا تريد أن تفعل في ميلانو؟ قلت له أريد أن أحتفل بعيد ميلادي لكن يبدو أن الوقت قد فاتني, تجمّع الضباط ونظروا إلى تاريخ ميلادي في الجواز وصرخوا صحيح صحيح إنه عيد ميلاد السنيور وبدأو بالتصفيق لي! كان تعب الدنيا كله بي قبل تلك اللحظة, ثم سعادة الدنيا كلها عادت لي. أخذت تاكسي والحمدلله أني كتبت عنوان السيدة التي سأسكن عندها "روزأنجيلا" على دفتري البنيّ الصغير, لأن بطارية هاتفي نفدت والهولنديون لم يعطوني شاحن آيفون. على أية حال وجدت روزأنجيلا في إنتظاري وبدأنا نشتم الهولنديين سوية لمدة عشر دقائق ثم أخذتني إلى الغرفة الجميلة التي سأسكنها. كل شيء في هذا البيت يبعث على الراحة. لم يطل بي الأمر حتى نمت طويلاً واستيقظت في العاشرة صباحاً, وجدت العجوز تنتظرني بتململ لم تبذل أي جهد في إخفاءه. سألتني لماذا استيقظت متأخراً؟ قلت لها لم أصل إلى ميلانو إلا متأخراً. أعدت لي القهوة والفطور, كانت قهوة لم أذق مثلها في حياتي من قبل. سألتني عن اسمي وهل أنا فرنسي؟ قلت لا, قالت هذا أفضل لأني أكره الفرنسيين. ثم سألتني أنت تركي؟ قلت لا. قالت من أين أنت؟ قلت أرابيا سآودتيا. حركت يدها ونفخت بفمها بصوت مضحك وقالت لا أعرف أين. ضحكت أنا أيضاً. انتظرت قليلاً ثم سألتني أين هذا البلد الذي قلت عنه؟ في أفريقيا؟ أردت أن أقول في الكاريبي لكن ربما تأثر هذه المعلومة عليها كامل حياتها, قلت لها تعرفين دبي؟ قالت أوه أوه دبي أعرفها, قلت أنا من هناك. بعد أن أنتهيت من كل شيء لبست ملابسي وأنا خارج صرخت السنيورا قائلةً أوه بيلّيسمو منسورو! وقبلّت خدي. عدت بعد المغرب وجدتها جالسة تتابع التلفزيون قالت لي تعال أجلس بجانبي, شاهدنا برنامجاً يتحدث عن كارلا بروني, المذيع الإيطالي نطق اسمها بالطريقة الفرنسية ولم تتمالك العجوز نفسها بالضحك. وبدأت تكررها, كارلا برونييي برونييي برونيي وتضحك بصخب وتقول الفرنسيين أكرههم بشدة لأنهم أغبياء.

 

 

في الصباح التالي نمت طويلاً كالعادة, دخلت إلى المطبخ وسخنّت القهوة كما علمتني بالأمس, كانت تقرأ الجريدة بالعدسة المكبرة ولم تنتبه لي إلا بسبب حركة القط مانغو, رمت الجريدة جانباً ووضعت العدسة فوقها وجاءت لي وهي تتمتم بكلمات لا أدري ماهي ثم وقفت مقابلي و صرخت بوجهي لماذا أنت تنام كثيراً؟ كل السياح الذين يأتون إلى ميلانو يستيقظون من السادسة صباحاً, يجب أن تتعلم كيف تكون سائحاً حقيقياً, تفوتك أشياء كثيرة بسبب نومك هذا, هناك أشياء لا يمكن أن تشاهدها إلا في الصباح فقط. قلت لها سنيورا أنا بامبينو (طفل) أنام كثيراً. توقفت العجوز عن الكلام لدقيقة وبدأت بتأمل وجهي وأنا أشرب فنجان القهوة وقالت أوه برافو برافو, بيليسمو منسورو! بيليسمو بامبينو منسورو.. ومسحت على رأسي بحنان الجدّة. أحببتها, أحبت كل من في هذا البيت. أحببت هذه المدينة, قلت في قلبي سأقضي يوماً ما كامل حياتي هنا في بلد الألوان هذا.

(15)

كانت ليلة شديدة البرودة, الثلوج تملأ طرقات ميلانو. كان الحماس يغمرني لمشاهدة مباراة ميلان وبارما, هذه المرة الأولى التي أشاهد فيها مباراة لفريقي الذي أعشقه منذ الصغر. ذهبت قبل المباراة بساعتين ونصف, كانت البوابات مغقلة, لكن الأمن أخبروني أنهم سيبدأون بفتحها بعد نصف ساعة, قبل الموعد المحدد أدخلوني, الإيطاليون آخر همومهم الإلتزام بأي قانون. الملعب كبير جداً وجميل من الخارج, لكن ممراته الداخلية مريعة. بدأت بالبحث عن كرسيي وشاهد حيرتي أحد الباعة الجوالين في الملعب, قال لي " أقعد بأي مكان محدش حيقولك حاقة" جميع الباعة في الملعب مصريين. قلت له لا, أريد أن أجلس في كرسيي, رد عليّ "طيب عاوز كوكا"؟ كوكا! كنت على وشك أن أسبه لأنه غبي لكن قلت هذا أحد أسعد أيامي ولا أريد أن يشوهه أي شيء. وجدت كرسيي وجلست فيه, كان الملعب خاوياً سوى من بعض الأشخاص الذين بدأو يتوافدون. كنت أجلس وحيداً في المدرج البرتقاليّ, أتأمل فقط أرضية الملعب العشبية و باقي المدرجات. بعد دقائق بدأو بعرض أهداف فريق ميلان كامل الموسم, كان هذا أحد أسوأ مواسم ميلان على الإطلاق, انهزموا في أغلب مباراياتهم, قال الجميع أنه انهار إلى الأبد, وأنه ربما سينزل إلى الدرجة الثانية. كنت أتذكر تلك اللحظات حينما كان ترتيبه السابع عشر من أصل عشرين فريقاً يلعبون بالدرجة الأولى, كنتُ أتذكر لحظات انكسار قلبي وأنا أشاهده ينهزم مرةً تلو المرة. لكن لم يتوقف إيماني به, لم أشعر أني أكرهه, على العكس تماماً شعرت بأن هذه هي اللحظة الحقيقية التي يجب عليّ فيها أن أحبه أكثر. كنت أنظر إلى الشاشة الكبيرة وأشاهد جميع الأهداف التي شاهدتها يوماً ما في منزلي, كنت أحفظها عن ظهر حب, كنت أركز النظر في وجوه اللاعبين و للمرة الأولى أشاهد فيها الحزن يملأهم, كانت وجوههم حزينة جداً وتقول نحن أفضل من هذا. ومع الأهداف كانت هناك أغنية مؤثرة, في هذه اللحظة لم أتمالك نفسي وبدأت بالبكاء. كانت لحظة عاطفية كبيرة, لا أذكر آخر مرة بكيت فيها من قلبي, ربما حينما توفي جدي رحمه الله. لكني لم أجبر نفسي على التوقف, أردت أن أبكي أكثر و أكثر, كان شعوري حينها صافياً, كأنه الماء الذي انبجس من الصخر. عرفت حينها أن الإيمان ربما هو أعظم ما تملكه النفس. انتصرنا في هذه المباراة وصرخت مع الجماهير طوال الوقت, في الملعب ونحن خارجون, وقفزت معهم وهم يقولون من لا يقفز فهو نيراتزوري (لون الأعداء), كنا نغني طوال الطريق. حينما عدت إلى البيت وجدت روزأنجيلا في انتظاري سألتَني هل فزنا؟ لكن وجهي أجاب قبل أن أجيب بكلماتي, وبدأت تصرخ بسعادة هي أيضاً. في الصباح سألتني أمها العجوز هل فزنا؟ نعم نعم سنيورا نونّا فزنا وسنفوز دائماً بكل شيء لأننا الأعظم صح؟