Archive for يوليو, 2012

تعاظمني ذنبي .

الأحد, يوليو 22nd, 2012

إليك إله الخلق أرفع رغبتي .. وإن كنتُ ياذا المنِّ والجود مجرماً / ولَّما قسا قلبي، وضاقت مذاهبي .. جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لِعَفْوِكَ سُلّمَا / تعاظمني ذنبي فلَّما قرنتهُ .. بعفوكَ ربي كانَ عفوكَ أعظما / فَمَا زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ .. تَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّمَا / فلولاكَ لم يصمد لإبليسَ عابدٌ .. فكيفَ وقد أغوى صفيَّكَ آدما / فيا ليت شعري هل أصير لجنةٍ .. أهنا, وأما للسعير فأندما / فإن تعفُ عني تعفُ عن متمردٍ .. ظَلُومٍ غَشُومٍ لا يزايلُ مأثما / وإن تنتقمْ مني فلستُ بآيسٍ .. ولو أدخلوا نفسي بجُرْم جهنَّما / فَللَّهِ دَرُّ الْعَارِفِ النَّدْبِ إنَّهُ .. تفيض لِفَرْطِ الْوَجْدِ أجفانُهُ دَمَا / يُقِيمُ إذَا مَا الليلُ مَدَّ ظَلاَمَهُ ..على نفسهِ من شدَّة الخوفِ مأتما / فَصِيحاً إِذَا مَا كَانَ فِي ذِكْرِ رَبِّهِ .. وَفِي مَا سِواهُ فِي الْوَرَى كَانَ أَعْجَمَا / ويذكرُ أياماً مضت من شبابهِ .. وَمَا كَانَ فِيهَا بِالْجَهَالَةِ أَجْرَمَا / فَصَارَ قَرِينَ الهَمِّ طُولَ نَهَارِهِ .. أخا السُّهدِ والنَّجوى إذا الليلُ أظلما / يَقُولُ حَبيبي أَنْتَ سُؤْلِي وَبُغْيَتِي .. كفى بكَ للراجينَ سؤلاً ومغنما / ألستَ الذِّي غذيتني وهديتني .. وَلاَ زِلْتَ مَنَّاناً عَلَيَّ وَمُنْعِمَا / عَسَى مَنْ لَهُ الإِحْسَانُ يَغْفِرُ زَلَّتي .. ويسترُ أوزاري وما قد تقدما .

الإمام الشافعي

لـحبيبي :)

الأحد, يوليو 15th, 2012

الجمعة, يوليو 6th, 2012

 

المحاورة : ماهو شعورك بالنسبة لإجراء الحوارات الصحفية ؟
أورهان باموق : أحياناً أكون عصبياً لأنني أرد بإجابات غبية على أسئلة معينة سخيفة . ويحدث ذلك بالتركية كما في الأنجليزية . إنني أتحدث التركية بطريقة سيئة, وأنطق بعبارات حمقاء . وقد هوجمت في تركيا بسبب محاوراتي أكثر مما هوجمت بسبب كتبي . فكُتّاب المقالات والأعمدة السياسية لا يقرأون الروايات .
المحاورة : أين تكتب ؟
باموق : كنت أفكر دائماً أن المكان الذي ينام فيه المرء أو المكان الذي يشارك فيه شريك حياته لا بد أن يكون منفصلاً عن المكان الذي يكتب فيه . فالطقوس والتفاصيل المنزلية أحياناً تقتل الخيال . إنها تقتل روحي الإبداعية . البيت, الروتين اليومي يجعل الاشتياق للعالم الآخر – الذي يحتاجه الخيال ليعمل – يخبو, ولهذا فلسنوات كان لي دائماً مكتب أو مكان صغير خارج البيت أعمل فيه . كانت لي دائماً شقق مختلفة .
لكني قضيت نصف عام دراسي في الولايات المتحدة بينما كانت زوجتي السابقة تدرس للحصول على الدكتوراة في جامعة كولومبيا . كنا نعيش في شقة للطلبة المتزوجين, ولم يكن لدينا أي مساحة, وهكذا كان عليّ أن أنام وأكتب في نفس المكان . وكل ما يذكرني بالحياة العائلية كان حولي . وقد جعلني ذلك اكتئب . اعتدت في الصباح أن أودع زوجتي كما لو كنت ذاهباً إلى العمل . وأترك البيت, وأسير عابراً بضع كتل سكنية, ثم أعود وكأنني شخص يصل إلى المكتب .
ومنذ عشر سنوات وجدت شقة تطل على البوسفور, وعلى منظر المدينة القديمة . وربما كان لها أفضل المناظر في أسطنبول . وكانت على بعد خمس وعشرين دقيقة من مكان إقامتي . وهي مليئة بالكتب, ومكتبي يطل على المنظر . وأنا أقضي كل يوم حوالي عشر ساعات هناك .
المحاورة : عشر ساعات يومياً ؟
باموق : نعم, أنا عامل مجتهد جداً . أستمتع بعملي . يقول الناس إنني طموح, وربما تكون هذه حقيقة أيضاً . لكني أحب ما أعمل . وأستمتع بالجلوس إلى مكتبي كطفل يلعب بالدمى . إنه العمل, جوهرياً, لكنه ممتع وهو لعب أيضاً .
المحاورة : أورهان, راويك والمسمى باسمك في رواية " الثلج " يصف نفسه بأنه موظف كتابي يجلس في نفس الوقت كل يوم . هل تتبع نفس هذا النظام الصارم للكتابة ؟
باموق : لقد كنت أؤكد على الطبيعة " الكتابية " للروائي باعتبارها مختلفة عن طبيعة الشاعر, الذي يحظى تقليدياً بهيبة واحترام كبيرين في تركيا . أن يكون المرء شاعراً هو أمر محترم ومقبول شعبياً . وكان معظم السلاطين العثمانين ورجال الدولة شعراء . لكن ليس الطريقة التي نفهم بها الشعراء الآن . فقد كان الشعر, لمئات السنين, طريقة لتوطيد مكانة المرء كمثقف . واعتاد معظم هؤلاء الناس جمع قصائدهم في مخطوطات تسمى " الدواوين " . والواقع أن شعر البلاط العثماني كان يسمى " شعر الديوان " . وقد أنتج نصف رجال الدولة العثمانيين دواوين . كانت طريقة معقدة وتثقيفية لكتابة الأشياء, لها قواعد وطقوس كثيرة . شديدة التقليدية والتكرارية . وبعد أن جاءت الأفكار الغربية إلى تركيا, اجتمع هذا التراث مع الفكرة الحديثة والرومانتيكية عن الشاعر كإنسان يحترق من أجل الحقيقة . وقد أضافت المزيد من الوزن لمكانة الشاعر . ومن ناحية أخرى, الروائي في الأساس شخص يغطي مسافة من خلال صبره, ببطء, مثل النمل . الروائي يؤثر فينا ليس عن طريق رؤيته الخيالية والرومانتيكية, ولكن عن طريق صبره .
المحاورة : هل كتبت شعراً أبداً ؟
باموق : كثيراً ما يُوجه لي هذا السؤال. فعلت عندما كنت في الثامنة عشرة, وقد نشرت بعض القصائد في تركيا, ثم توقفت. وتفسيري هو أنني اكتشفت أن الشاعر شخص يتحدث الله من خلاله . لا بد أن يكون الشعر هاجساً يستولي عليك . وقد جربت يدي في كتابة الشعر, لكني اكتشفت بعد بعض الوقت أن الله لا يتحدث لي . وقد شعرت بالأسف لهذا, ثم حاولت أن أتخيل إن كان الله يتحدث من خلالي, فماذا يمكن أن يقول؟ بدأت أكتب بصبر, وببطء, محاولاً أن أفهم ذلك . وهذه هي الكتابة النثرية, الكتابة القصصية. ومن ثم فقد عملت مثل الكاتب الموظف . بعض الكتّاب الآخرين يعتبرون هذا التعبير نوعاً من الإهانة . لكني أقبله, نعم, أنا أعمل مثل "الكتبة".
المحاورة : هل يمكن أن تقول إن كتابة النثر قد أصبحت أكثر سهولة بالنسبة لك بمرور الوقت ؟
باموق : لسوء الحظ, لا . أحياناً أشعر أن بطلي لا بد أن يدخل غرفة, ولكني لا أزال لا أعرف كيف أجعله يدخل . قد أكون أكتسبت المزيد من الثقة بنفسي, وهو ما يمكن أن يكون غير مفيد أحياناً, لأنك في هذه الحالة لاتجرب, وإنما تكتب فقط ما يعنّ لقلمك . لقد ظللت أكتب القصص طوال الثلاثين عاماً الأخيرة, ومن ثم لا بد أن أفكر أنني قد تحسنت قليلاً . ولكني لا أزال أحياناً أقف عند نقطة ميتة كنت أظن أنني لن أجد مثلها على الإطلاق . بطلي لا يستطيع دخول غرفة, وأنا لا أعرف ماذا أفعل . حتى بعد ثلاثين عاماً .
إن تقسيم كتاب إلى فصول أمر بالغ الأهمية لطريقتي في التفكير . عندما أكتب رواية, لو كنت أعرف خط القصة كاملاً مقدماً – وفي معظم الأوقات أعرف ذلك – أقسمها إلى فصول, وأفكر في تفاصيل ما أريد أن يحدث في كل فصل منها . ولا أبدأ بالضرورة بالفصل الأول وأكتب كل الفصول التالية بالترتيب . عندما أصاب بحالة توقف, وهو أمر ليس مرعباً جداً بالنسبة لي, أستمر في أي شيء يسترعي خيالي . قد أكتب من الفصل الأول إلى الخامس, ثم, إن لم أكن مستمتعاً به, أتركه إلى الفصل الخامس عشر وأستمر من هناك .
المحاورة : هل تعني أنك ترسم خريطة كاملة للكتاب مقدماً ؟
باموق : كل شيء, على سبيل المثال, تحتوي رواية اسمي أحمر, على الكثير من الشخصيات, وقد عينت لكل شخصية عدداً من الفصول . وعندما كنت أكتب, أحياناً أود أن " أكون " إحدى الشخصيات . وهكذا, عندما أنتهي من كتابة أحد فصول شكور, الفصل السابع مثلاً, أقفز إلى الفصل الحادي عشر, الخاص بها مرة أخرى . كنت أحب أكون في دور شكور . فالقفز من شخصية أو من أحد الأبطال إلى شخصية أخرى يمكن أن يكون مثيراً للاكتئاب .
لكن الفصل الأخير دائماً أكتبه في النهاية . هذا مؤكد . أحب أن أغيظ نفسي, أسأل نفسي ماذا يمكن أن يمكن أن تكون النهاية . ولا أستطيع كتابة النهاية إلا مرة واحدة . وعندما تقترب الخاتمة, قبل أن أنتهي, أتوقف وأعيد كتابة معظم الفصول المبكرة .
المحاورة : هل يكون لديك أي قاريء أثناء عملك ؟
باموق : دائماً أقرأ عملي إلى الشخصية التي أشاركها حياتي, وأشعر دائماً بالامتنان إذا قالت لي : أرني أكثر, أو أرني ماذا فعلت اليوم . هذا لا يقدم بعض الضغط الضروري, لكنه يشبه أن تكون لديك أم أو أب يربت على ظهرك ويقول : أحسنت . أحياناً, قد تقول لي, آسفة, هذا لا يقنعني . وهذا جيد, أحب هذا النوع من الطقوس .
ودائماً أتذكر توماس مان, أحد الشخصيات التي أعتبرها مثلاً أعلى . كان معتاداً على جمع العائلة معاً, أطفاله الستة وزوجته . وكان يقرأ لكل عائلته مجتمعة . أحب هذا . الأب يروي قصة .
المحاورة : عندما كنت صغيراً كنت تريد أن تكون فناناً تشكيلياً . متى تخليت عن حب الرسم إلى حب الكتابة ؟
باموق : عندما كنت في الثانية والعشرين . منذ كنت في السابعة كنت أريد أن أصبح فناناً تشكيلياً, وكانت عائلتي قد تقبلت هذا . كلهم ظنوا أنني سوف أكون رساماً شهيراً . لكن حدث شيء في رأسي وتبينت أن أحد المسامير لم يكن مربوطاً بإحكام وتوقفت عن الرسم, وسرعان ما بدأت أكتب روايتي الأولى .
المحاورة : أحد المسامير غير مربوط بإحكام ؟!
باموق : لا أستطيع أن أوضح الأسباب التي من أجلها فعلت ذلك . لقد نشرت أخيراً كتاباً بعنوان " إسطنبول " . نصف هذا الكتاب هو سيرتي الذاتية حتى تلك اللحظة, والنصف الآخر مقال عن اسطنبول, أو بدقة أكبر, رؤية طفل لإسطنبول . إنه يجمع بين التفكير في الصور والمناظر وكيمياء مدينة, وإدراك طفل لتلك المدينة, والسيرة الذاتية لذلك الطفل . العبارة الأخيرة من الكتاب تقول : " قلت : لا أريد أن أصبح فناناً, سوف أكون كاتباً " . وليس هناك شرح لذلك . رغم أن قراءة الكتاب كله قد تفسر شيئاً .
المحاورة : هل كانت روايتك الأولى في ذهنك بالفعل عندما قررت أن تترك الرسم؟ هل هذا هو السبب الذي جعلك تفعل ذلك؟
باموق : بقدر ما أتذكر, أردت أن أكون روائياً قبل أن أعرف ماذا أكتب . والواقع أنني عندما بدأت أكتب بدايتين أو ثلاث بدايات فاشلة . ولا تزال الدفاتر عندي . لكن بعد حوالي ستة أشهر بدأت مشروع رواية كبيرة نشرت في النهاية تحت عنوان " جودت بيه وأولاده " .
المحاورة : إلتزامك بالأدب القصصي أوقعك في مشكلات ومتاعب . من المحتمل أن يوقعك في المزيد من المتاعب . لقد كان يعني توتر الصلات العاطفية . إنه ثمن غالٍ .
باموق : نعم, لكنه أمر مدهش ورائع . عندما أسافر, ولست وحدي على مكتبي, بعد فترة أشعر بالاكتئاب . إنني سعيد عندما أكون وحيداً في غرفة وأبدع . إن ما أكرس له نفسي أكثر من مجرد الإلتزام بالفن أو بالمهنة, إنه الإلتزام بأن أكون وحدي في غرفة . وأنا مستمر في أداء هذه الشعيرة, مؤمناً بأن ما افعله الآن سوف ينشر في يوم ما, ويجعل أحلام يقظتي شيئاً مشروعاً . إنني بحاجة إلى ساعات انفرادية على مكتب مع ورق جيد وقلم متدفق مثلما يحتاج بعض الناس إلى تناول حبة من أجل صحتهم . وأنا ملتزم بهذه الشعائر .
المحاورة : لمن, إذن, تكتب ؟
باموق : كلما مرّ الزمن وقصرت الحياة, يسأل الإنسان نفسه هذا السؤال كثيراً . لقد كتبت سبع روايات . وأحب أن أكتب سبع روايات أخرى قبل أن أموت . ولكن رغم كل شيء, الحياة قصيرة . فماذا عن المزيد من الاستمتاع بالحياة؟ أحياناً أضطر إلى إجبار نفسي حقاً . لماذا أفعل ذلك؟ ما معنى كل هذا؟ أولاً, كما قلت, إنها غريزة أن أكون وحدي في غرفة ؟ ثانياً, هناك جاتب تنافسي صبياني داخلي يريد أن يحاول كتاباً جيداً مرة أخرى . ويقلّ إيماني بخلود المؤلفين شيئاً فشيئاً . إننا نقرأ القليل للغاية من الكتب التي كتبت منذ مائتي عام . هناك أشياء تتغير بسرعة لدرجة أن كتب اليوم قد تنسى في مدى مائة عام . قليل جداً سوف يُقرأ . بعد مائتي عام, ربما سوف تكون خمسة كتب من كتبنا اليوم فقط حية . فهل أنا واثق من أنني أكتب واحداً من هؤلاء الخمسة؟ ولكن هذا هو معنى الكتابة؟ لماذا ينبغي أن أهتم بقراءة كتبي بعد مائتي عام؟ أليس من الأفضل أن أهتم بالحياة لوقت أطول؟ هل أنا بحاجة لأن أعرف أنني سوف أُقرأ في المستقبل كعزاء؟ إنني أفكر في كل هذه الأشياء و أستمر في الكتابة . ولا أعرف لماذا . لكنني لا أيأس أبداً . هذا الاعتقاد بأن كتبك سوف يكون لها تأثير في المستقبل هو العزاء الوحيد لديك لكي تشعر بالاستمتاع في هذه الحياة .
المحاورة : إسطنبول تعطي إحساساً بأنك كنت دائماً شخصية شديدة الوحدانية. إنك وحيد بكل تأكيد ككاتب في تركيا الحديثة اليوم . نشأت ومستمر في الحياة في عالم أنت منفصل فيه .
باموق : رغم أنني نشأت في عائلة مزدحمة, وتعلمت أن أحترم الجماعة, فإنني فيما بعد امتلكت نبض التمرد والخروج . هناك جانب مدمر للذات داخل نفسي, وفي نوبات الغضب ولحظات الغيظ أفعل أشياء تقطعني عن الصحبة الطيبة للمجتمع . وفي بدايات حياتي, تبينت أن الجماعة تقتل خيالي . إنني بحاجة إلى ألم الانفراد لجعل خيالي يعمل . وهنا أشعر بالسعادة . ولكن كوني تركيّاً, بعد قليل أجدني بحاجة إلى السلوان الرقيق للجماعة, وهو ما قد أكون قد دمرته . إسطنبول دمرت علاقتي بأمي ونحن لم نعد نرى أحدنا الآخر . وبالطبع, لا ألتقي بأخي إلا نادراً . علاقتي بعامة الأتراك, بسبب تعليقاتي الأخيرة, صعبة أيضاً .

* من حوار صحفي مع أورهان باموق لمجلة " باريس ريفيو " .