14 يناير 2014
"كتب روبرت ليسي يقول إن كسينجر بدا منفعلاً عندما حوّمت طائرته فوق البادية قبل أن تحط في الرياض. حاول أن يطلق نكتة، فجاءت "بائخة": "لن يخرج من الطائرة إلا السكسونيون البيض. هل بينكم سكسونيون؟" سأل كسينجر الصحافيين فارتفعت الأيدي. فقال لهم: "طيب، انزلوا من الطائرة في البداية، أما أنتم الثلاثة فآخر من ينزل". وأشار بيده إلى ثلاثة من الصحافيين اليهود. كان كسينجر يمزح، أو حاول أن يمزح.
حصل ذلك في 8 نوفمبر 1973م، بعد حوالي أسبوعين ونصف الأسبوع من حظر البترول السعودي.
وقبل يوم واحد كان كسينجر قد تحدث إلى أنور السادات في القاهرة، وسأله ماذا نتوقع "من أقوى عربي خلال الألف عام الأخيرة"؟
فأجاب السادات: يا دكتور كسينجر، الأرجح أنه سيلقي عليك محاضرة عن الشيوعية واليهود.
ولذا بدأ وزير الخارجية الأميركي من مبلغ 2.2 مليار دولار الذي خصصه الأميركيون للمساعدات الحربية لإسرائيل كي يبرر فعلتهم وقال:
كان هدفنا خلال الحرب، يا صاحب الجلالة، هو منع انتشار النفوذ الشيوعي في المنظقة. وعندما أرسل الاتحاد السوفياتي كميات كبيرة من الأسلحة إلى المنطقة (يقصد مصر وسورية) قرّرنا أن نرد على ذلك.
استمع إليه فيصل بصمت. لم يبتسم، بل كانت أصابعه الطويلة تدعك العباءة، كعادته حينما ينفعل. لم تقنعه تبريرات هذا الأميركي، ثم قال بصوته الرفيع:
نحن نعرف أن الولايات المتحدة، خلال تاريخها، وقفت دائماً ضد المعتدي… وعندما طمعت ألمانيا النازية في أراضي دول مجاورة… اعترضت الولايات المتحددة من دون أي تردد. وفي سنة 1956م لم تتردد الولايات المتحدة في معارضة التحالف بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عندما اشتركوا في الاعتداء على مصر. لهذا في سنة 1967م، عندنا اعتدت إسرائيل على مصر وسورية والأدرن، كان يجب على الولايات المتحدة… أن تضغط، في الحال، على إسرائيل لتعود إلى حدود 4 يونيو. لو فعلت ذلك لما حدثت التطورات الأخيرة.
وواصل الملك:
قبل تأسيس إسرائيل لم يكن هناك ما يعرقل العلاقات بين العرب واليهود، ولم يكن هناك سبب يدعو العرب إلى مقاومة اليهود. وكان هناك يهود كثيرون يعيشون في دول عربية، وكنا نسميهم "اليهود العرب". وقبل مئات السنين، وعندما عُذّب اليهود في إسبانيا (على أيدي محاكم التفتيش الكاثوليكية) قام المسلمون بحمايتهم.
وأضاف: "ستالين هو الذي قال في يالطا بلزوم قيام الدولة العبرية".
وبعد ذلك عرض الملك فيصل آراءه في شأن الصهيونية والشيوعية:
لسوء الحظ تعمل إسرائيل لتحقيق الأهداف الشيوعية… ويوجد وسط الذين يعتنقون الدين اليهودي من يؤيد الصهيونية… والمشكلة أن حرب سنة 1967م أعطت الشيوعيين فرصة لزيادة نفوذهم في الشرق الأوسط. لا يتوقف الشيوعيون عن خلق مشاكل لنا لأنهم يعرفون أننا أكبر حاجز أمام نشر مخططاتهم في المنظقة.
فأجاب كسينجر من دون ارتباك:
يا صاحب الجلالة، تواجه الولايات المتحدة مشكلة الانتقال من الوضع الحاضر، وهو وضع لا يقدر العرب على تحمله، إلى وضع سلام حقيقي.
فرد فيصل بإيجاز: "لتبدأو بأن تضغطوا على إسرائيل لتنسحب…" (في مثل هذا الموقف اقترح والد الملك فيصل الملك عبدالعزيز على روزفلت أن يؤسس موطناً لليهود في ألمانيا).
وسأل كيسينجر:"هل تستطيعون يا صاحب الجلالة أن تتخذوا خطوات تقيّد استخدام حظر البترول؟".
فأجاب الملك: "على الولايات المتحدة أولاً أن تأمر إسرائيل بالإنسحاب".
"ألا يفكر صاحب الجلالة بالتأثير النفسي لحظر البترول على موقف الأمريكيين من المسألة العربية؟"
فأجاب الملك فيصل: "يجب أن تعاد للفلسطينيين حقوقهم المشروعة".
كانت تلك أفكاراً واضحة عرضها الملك بكل بساطة، رداً على كل محاولات كيسينجر لدفع دبلوماسيته إلى الأمام.
إدوارد شيهان، أحد الصحافيين الذين مازحهم كيسينجر في الطائرة، أجرى ذلك اليوم مقابلة حصرية مع الملك فيصل، وسأله عن عائدية الأماكن المقدسة في القدس الشريف، فأجابه الملك: المسلمون والمسيحيون فقط لهم أماكن مقدسة وحقوق في القدس، ولا وجود لمقدسات عند اليهود هناك. وسأل الصحافي: وحائط المبكى؟ فكرر الملك فيصل: ليس لليهود أي حقوق في القدس. واستشهد بتقرير لعصبة الأمم جاء فيه أن حائط البراق (المبكى) جزء من المسجد الأقصى. وأضاف الملك: يمكنهم بناء حائط آخر يبكون أمامه".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"كان الملك فيصل حاد الذهن حتى خُيّل إليّ أحياناً أن يقرأ أفكار الآخرين. صحيح أنه ما كان يظهر عليه أن اكتشف كذب كيسينجر علينا. فالملك يجيد أداء الدور حتى النهاية".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"كان فيصل يعتقد صادقاً أن الصهيونية والشيوعية وجهان لمؤامرة دولية واحدة. ماركس كان يهودياً، وكان تروتسكي يهودياً أيضاً، وكثير من زعماء الثورة البلشفية في روسيا يهود. وعندما عرضوا على فيصل النسخة القيصرية المزورة من "بروتوكلات حكماء صهيون" اعتبرها دليلاً على صحة ما قاله والده من أن اليهود مرتدون عن الدين.
"فالبروتوكلات" تصور اليهود والماسونيين بأنهم دبروا مؤامرة تقويض المسيحية والعالم المتحضر من خلال دفعهم للحركة الليبرالية والاشتراكية.
يقول محمد عنان:
عندما زار وفد من الكتائب اللبناني، الحزب الماروني، برئاسة الشيخ بيار جميّل وعدد من أقطاب الحزب المملكة العربية السعودية، دخلنا على الملك فيصل فأخذ يقول للشيخ بيار جميّل: ابتعدوا عن شيئين لا ثالث لهما، الشيوعية والصهيونية. وأخذ يركز على هذه العبارة ليؤكد لبيار جميّل وجماعته أن لبنان إذا سمح لهذين الخطين ستكون نهاية لبنان، وخصوصاً الصهيونية. وعندما وقف الشيخ بيار جميّل تطلع فيه الملك فيصل وقال له يا شيخ بيار احذر الصهيونية، احذر ثلاث مرات.
وقال فيصل في حديثه إلى مجلة "نيوز ويك" عام 1970م: "إن الشيوعية هي من صنع الصهيونية".
ورداً على سؤال لمراسل المجلة وجّهه إلى جلالته يقول: هل يقلقكم ازدياد النفوذ الشيوعي في الشرق الأوسط؟
قال جلالته:
الصهيونية والشيوعية تعملان بتعاون وثيق لإحباط أي تسوية لإحلال السلام. إن ذلك كله من مكيدة كبرى، من مؤامرة ضخمة. إن الشيوعية هي من صنع الصهيونية، كما قلت، وهدفها هو تحقيق أهداف الصهيونية، وحين تتظاهر الحركتان الشيوعية والصهيونية بأن إحداهما تعمل ضد الأخرى في الشرق الأوسط، فإن ذلك من قبيل ذر الرماد في العيون ليس إلا".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"كان فيصل ضد الإلحاد والشيوعية. كنا في أفغانستان نزور الملك ظاهر شاه، وكان البرتوكول الأفغاني في تلك الأيام يقتضي أن رئيس الدول الضيف، قبل أن يقيم رئيس الدولة المضيف العشاء، يُقّدم له السلك الدبلوماسي. ووقف الملك فيصل لاستقبالهم، فجاؤوا بسفير الإتحاد السوفياتي ولا أتذكر اسمه، لكنه يتكلم عربي كما نتكلم أنا وأنت عربي. فقال له: يا صاحب الجلالة، أول من اعترف بنظام أبيك هو الاتحاد السوفياتي، فلماذا لا تفتح سفارة وتعترف بالإتحاد السوفياتي؟ فرّد عليه الملك فيصل وأنا واقف هناك: يا جناب السفير، اذهب لموسكو وقل لهم فليعترفوا بالله وأنا أفتح سفارة عندها غداً. ثم أن الملك فيصل كان ضد الصهيونية، وكانت نظريته هي العلاقة ما بين الشيوعية والصهيونية. هذه هي المسألة. وكان لا يتورع عن أن يحكي هذه القصة لأول أجنبي يجلس معه. حتى مع كسينجر حصل ذلك".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"يجب علينا أن نعود إلى أنفسنا وأن نحاسب أنفسنا، لماذا تصيبنا هذه النكبات ولماذا نتعرض لهذا العدوان من أعداء الإسلام وأعداء البشرية وأعداء الإنسانية؟!
– من كلمة وجهها الملك فيصل إلى حجاج بيت الله الحرام عام 1970م."
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"يقول أحمد بن عبدالوهاب:
القصور الفاخرة كلها لم تبنَ في عهد الملك فيصل يا سيدي العزيز. لم نبنِ قصوراً فخمة. الرجل ما كان يؤمن بهذا. كان اشتراكياً… هاهاها".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"رباطة الجأش وضبط النفس إلى جانب الإحترام في معاملة الآخرين والمرؤوسين وحتى الخدم من خصال فيصل التي تمثّل في حد ذاتها ظاهرة مميزة. فكان من هذه الناحية يختلف حتى عن والده شديد الانفعال رغم قدرته على ضبط أعصابه في اللحظة المناسبة. أُورد بهذا الخصوص بعضاً مما أكده معاصروه.
يقول هشام ناظر :"عمرك لا تسمع كلمة بذيئة من فم الملك فيصل. عمرك لا تسمع أي نوع من الشدة حتى لو غضب".
يقول نهاد الغادري:
لم يسمع أحد أولاده أو زوجته أو إنسان آخر صوته مرتفعاً أبداً. ولم يسمع منه أحد في حياته كلمة نابية. ولم يشتم حتى في عصبيته. وإذا غضب لا يظهر منه الغضب. قد يبدو عليه الألم، لكنه يكبت مشاعره. قدرة عجيبة. لا تستطيع أن تقرأ في وجهه شيئاً. وجه ثابت. مشاعره الداخلية لا يعبر عنها لا بالحركة ولا بالكلمة. الذين يعرفونه من قريب يعلمون أن الطريقة التي يتعامل فيها مع ثيابه تدل على أنه متنرفز إذا كان متنرفزاً. وإذا بدأ ينتف بهدوء معنى ذلك أن الحديث الذي يسمعه، يريد أن يعطي إشارة بأنه غير مهتم به أو أنه منزعج.
يقول أحمد بن عبدالوهاب:
إذا غضب يغضب من دون أن ينظر إلى الشخص الذي أمامه، ولايقول كلمة نابية، يا سعيد أو يا بعيد أنت كذا، أبداً. وهو لا يعرف كلمات مثل يا كلب، يا حمار، أبداً. لا، أبداً. أنا شخصياً والله ما سمعت منه أي كلمة. كان متمكناً من نفسه، ولكن إذا زعل يزعل. ومن ميزات الأمير والملك أنه كان من الرجال القليلين الذين يقيّمون الخطأ. وتقييم الخطأ يعني أنه ليس كل خطأ يثير زعله. إذا غلطت معه ماكان يزعل لمجرد أنك غلطت معه، لكنه يقيّم غلطتك وقد يجد لك عذراً في غلطتك. ولكن إذا طفح الكيل وغضب يغضب حقاً".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"يقول محمد عنان:
كان الملك فيصل يحرص أن يكون حوله مثقفون من مستوى رفيع. ليس ثقافة عادية. كان يأتي بشخص من فرنسا متخصص بالبوليتكنيك ويأتي بآخر من أميركا عنده مستوى. أحمد بن عبدالوهاب وصل إلى مرحلة يسمونه كإبن للملك فيصل. والدكتور رشاد فرعون كان إلى جانب الملك فيصل ولم يتركه لحظة واحدة. كمال أدهم مثلاً كان رئيس الاتصالات الخارجية. وأنا أعتبره ظاهرة. تمكن من ضبط الاتصالات العربية مع فيصل بطريقة لا أذكى منها أبداً، الاتصال بين الملك والرؤساء وليس جهاز استخبارات أو مخابرات. كان هو كل شيء. فمثلاً، في المهمات السرية الخاصة كان يذهب هو شخصياً ولا يكلف سفيراً أو غيره. الشيخ كمال أدهم كان يثق به فيصل ثقة عمياء، وكان يتكلم العربية والإنجليزية والفرنسية.
يقول أحمد بن عبدالوهاب عن أقرب مستشاري الملك فيصل:
رشاد فرعون كان أقرب شخص إليه. وعلاقته مع رشاد فرعون أن الأخير كان طبيب الملك عبدالعزيز، وكان فيصل عندما يذهب إلى عبدالعزيز يجد رشاد دائماً قريباً منه. وكان يتمتع بشخصية محبوبة وجاذبية خاصة، ولذلك عندما مات الملك عبدالعزيز وترك رشاد المملكة إلى باريس جاء به وعيّنه وزيراً للصحة. وكان قريباً منه وجليسه عائلياً، وليس عائلياً فقط. وكان رشاد فرعون أجرأ موظفي الملك فيصل عليه، بأدب طبعاً. وكان الملك فيصل رحمه الله يرتاح إلى رأيه. لم يكن فقط يستمع إليه، بل كان يرتاح إلى رأيه. وهو على الرغم من أنه طبيب جراح، إلا أنه كان يتمتع بأفق سياسي واسع. وهو سوري الأصل. وقد أخلص لفيصل وأدرك فيصل إخلاصه له، وهذه نقطة مهمة، لأن الإخلاص المتبادل بين شخصين في غاية الأهمية.
س: وكمال أدهم؟
ج: كمال أدهم كان ابناً له كواحد من أبنائه. ربّاه مثلما ربّاني، وكان كمال أخا زوجته. أنا وكمال أدهم كنا أول الأولاد الذين يلعبون في بيت الأمير فيصل.
أنا عشت معه يمكن أكثر من أولاده، لأنني كنت أعيش معه من الصبح، من السرير إلى أن يدخل السرير مرة ثانية… وأقرب شخص سياسي للملك فيصل في فترة مُلكه هو رشاد فرعون. ولم يكن فيصل يفرّق بين الناس فاكهة كذا وفاكهة كذا. كان الناس عنده سواء. ومن يقل لك إني كنت رقم واحد عند فيصل بلّغه سلامي وقل له إن أحمد عبدالوهاب يقول لا. أنا شاهد على العصر. وأنا أكرر ذلك. كان الملك فيصل عنده الناس سواسية".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"عندما عاد فيصل من القاهرة إلى جدة أوائل خريف 1964م علم أن أنصاره أجروا محادثات متوترة مع الملك لإقناعه بالتنازل عن العرش. فقال في معرض تقييمه لتصرفات أخيه: أُعالج جرحاً فينفتق جرح آخر. وفي 24 أكتوبر غادر فيصل جدة متوجهاً إلى الرياض عن طريق البر من دون استعجال، تاركاً الأحداث تتطور من دون أن يتدخل فيها. عاد الأمراء إلى العاصمة بعد لقائهم معه في جدة لينهوا المهمة ويضعوا فيصل أمام الأمر الواقع.
عندما كان الأمراء والعلماء مجتمعين للتشاور في الرياض، سلك فيصل الطريق من جدة إلى العاصمة وطوله 1300 كيلومتر على مهل ومن دون تسرع. فالتقى وجهاء القبائل وأوضح لهم الموقف، مثلما فعل والده عبدالعزيز في حينه، وحدثهم عن خططه ومشاريعه وعن خلافه مع الملك سعود، ووزع عليهم الهدايا. وكان واضحاً له أن القبائل تقف إلى جانبه.
كانت الرياض هادئة، لأن الجميع مهيأون نفسياً للتغييرات.
عبدالله بن عبدالرحمن، عم الأمير فيصل وصديقه منذ الطفولة، بحث قضية خلع الملك مع أبرز الشيوخ والعلماء، وفهم أنهم يشاطرونه فكرته، فيما كان هو يؤدي الدور الرئيس في المفاوضات مع سعود أيضاً.
وفي 29 أكتوبر 1964م اجتمع نحو مئة من كبار الأمراء والعلماء في فندق "الصحراء" أو "صحارى بالاس" قرب مطار الرياض. في الزمن الحاضر، هذا الفندق محاط بالفيلات والمباني العالية الكثيرة. أما في تلك الفترة فكان عبارة عن بناية مربعة بلون المغرة تنتصب وحيدة في الصحراء.
وقبل ذلك بقليل التقى كبار الأمراء في منزل خالد بن عبدالعزيز، الأخ غير الشقيق للأمير فيصل وصديقه الحميم، وقرروا إرغام سعود على التخلي عن العرش. وكان كبار العلماء أيضاً مستعدين لتنصيب فيصل ملكاً على البلاد.
وقد أعدّ العلماء الفتوى اللازمة، فيما توجه وفد الأمراء وأهل الحل والعقد لمقابلة الأمير فيصل.
كتب دوغوري في وصف هذا اللقاء يقول:
عرف فيصل بنبأ الفتوى مساء 29 أكتوبر أثناء التقائه بشيوخ القبائل. وبعد أن قرأ نص الفتوى أذّن المؤذن داعياً إلى صلاة العصر، فمضى فيصل ليصلي من دون أن ينبس ببنت شفة. وعاد بعد الصلاة صامتاً أيضاً، إلى أن طالبه رسل الأمراء والعلماء بالجواب. فقال: انتظروا الجواب حتى صلاة المغرب. وعندما حان الموعد طالبوه بالجواب من جديد. فقال: من حقي أن أسألكم كيف تنوون تنفيذ قراركم. فأجابوه: نعلن أنك أنت الملك. فسأل فيصل في شبه ابتسامة: وماذا بشأن الملك الحالي؟ فلم يجيبوا عن السؤال. فواصل فيصل كلامه: نحن في بيت عبدالعزيز لا نسقط ملكاً إلا بعد فشل كل محاولات الإقناع، فهل استنفدتم كل إمكانيات الإقناع؟ فهتف أعضاء الوفد: والله أنت ملك حقيقي.
عاد الوفد إلى الرياض ومضى إلى قصر "الناصرية" لإقناع الملك بالتنازل عن العرش. وقالوا له إن بوسعه أن يختار أي طريقة يرغب فيها للتخلي عن الحكم. حدثوه عن موقف فيصل الرافض للخلع، وحذروه قبل أن ينصرفوا بأنهم يأملون تسلّم الجواب بحلول صباح الثاني من نوفمبر. فإذا امتنع عن التنازل فإن الأمراء والعلماء سينفذون قرارهم بحقه.
آنذاك وصل فيصل إلى الخرج التي تبعد 70 كيلومتر عن الرياض، واستقبل هنا وفداً حدثه عما جرى أثناء اللقاء مع الملك، فطلب منهم أن يواصلوا محاولات اقناع أخيه وتحذيره، لأنه هو، فيصل، لا يريد القيام بأي خطوة تسيء إلى سمعة آل سعود والعرش السعودي، اللهم إذا تعرضا فعلاً لخطر عظيم. وأصرّ أعضاء الوفد على أن مهمتهم انتهت، وبات على الأمراء وفيصل نفسه أن ينفذوا الفتوى.
في 31 أكتوبر التقى كبار الأمراء الملك سعود من جديد، ولكن من دون جدوى. وفي اليوم ذاته وصل فيصل إلى الرياض.
استدعى فيصل أخاه خالد، نائب رئيس الوزراء، إلى القصر وبحث معه ومع باقي الأمراء خطة العمل اللاحق. ظل الموقف على حاله في 1 نوفمبر.
كان الجميع يدركون ضرورة وضع حد لازدواجية السلطة بنحو حازم. "حرام أن نضحى بالبلاد". في مثل هذه العبارة يكمن منطق تصرفاتهم.
وفي الجلسة المشتركة لمجلس الوزراء ومجلس الشورى برئاسة خالد بن عبدالعزيز قرر الحاضرون بالإجماع مبايعة فيصل بالمُلك والامامة.
كتب منير العجلاني يقول:
حمل قرار مجلسي الوزراء والشورى إلى فيصل، وفي حضور عدد من أكابر العلماء والأمراء، فوقف المفتي الأكبر للمملكة ورئيس قضائها معلناً البيعة لجلالة الملك فيصل باتفاق رجال الحل والعقد ومن ورائهم الشعب كله. قال سماحته موجهاً الخطاب إلى فيصل:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وبعد، فقد حصل الاتفاق والاجماع من أمراء سائر العائلة المكرمة السعودية ومن طلبة العلم على خلع سعود بن عبدالعزيز، وهو الآن مخلوع، وسيبايع فيصل الآن، نسأله تعالى أن يوفق فيصل لما يحبه، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
ثم تقدم سماحته فبايع جلالة الملك المعظم قائلاً:
لقد بايعتك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى إقامة العدل والإنصاف والقيام بأمور الإمامة وأداء حقوقها، المعروفة والمعلومة، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
فأجاب صاحب الجلالة:
وأنا من جانبي أبايعكم على اتباع كتاب الله وسنة رسوله وتحكيم الشريعة، وأن أكون خادماً للشرع في جميع الأمور، وأن أسعى بكل مافي إمكاني لحفظ كيان هذا البلد وخدمة مواطنيه فيما يصلح دينهم ودنياهم […].
وتوالى الحاضرون من الأمراء والوزراء والعلماء والأعيان بمبايعة جلالته".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"قال عبدالعزيز لأحد مستشاريه وهو جالس في الكرسي المتحرك والدموع تترقرق في عينيه: ياليت عندي ثلاثة أولاد مثل فيصل".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"يقول أحمد عبدالوهاب عن الملك فيصل:
كان عائلياً، والفضل في كونه عائلياً يرجع إلى الملكة عِفّت. فهي التي أوجدت له الجو العائلي، وهي التي ربّت هؤلاء الأولاد الذين رأيتهم. وأنا أعتقد أن عفّت ربّته هو نفسه. فكان لها تأثير كبير عليه. ولذلك يقال في تاريخنا العربي إن كل رجل عظيم وراءه امرأة. كثير من العظماء وراءهم امرأة".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"كتب المستشرق محمد أسد يقول:
كنت جالساً في المكتبة تحت نوافذ المسجد الكبير. وكان الجو مريحاً في الحجرات المستطيلة الظليلة، بين المجلدات العربية والفارسية والتركية. الهدوء يخيم هناك والوئام. وفجأة ظهرت جماعة وأمامها حراس مسلحون. كانت الجماعة هي الأمير فيصل وحاشيته. مروا بالمكتبة في طريقهم إلى الكعبة. كان الأمير نحيلاً فارع القامة، والكرامة تشع من محياه ومن قيافته. وهو في الثانية والعشرين آنذاك، لم يكن ملتحياً. قدمني إليه أمين المكتبة، وهو عالم من أهالي مكة تربطني به علاقة صداقة. صافحني الأمير، وعندما انحنيت احتراماً له رفع رأسي بيده وقال والابتسامة الدافئة تشع على وجهه: نحن أهل نجد نعتقد أن الإنسان يجب ألا يركع أمام الإنسان. فالركوع في الصلاة لله وحده. كان نبله ينبع من دخيلته وليس ظاهرياً متظاهراً".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف, الفيصل | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"تركت لنا المستعربة الإنجليزية جرترود بيل في كتابها الحرب العربية الصورة الأدبية الآتية لعبدالعزيز:
يداه نحيفتان بأصابع رقيقة. وتلك من سمات القبائل العربية الأصلية. ورغم قامته الفارعة وكتفيه العريضتين يبدو متعباً، لكن ذلك ليس تعباً شخصياً، وليست له علاقة بالعمل. وإنما تلك سمة من سمات شعب عريق لم يتعامل كثيراً مع الشعوب الأخرى، شعب أنفق الكثير من طاقاته الحيوية ولم يغترف إلا القليل من الطاقات خارج حدود بلاده الوعرة. حركاته المتأنية، ابتسامته الرقيقة البطيئة، عيناه اللتان تتطلعان بتأمل من بين جفون ثقيلة، كل ذلك أضاف إلى كراماته جاذبية وروعة لا يعتبرهما المنظّرون الغربيون من سمات الشخصية النشيطة. إلا أن الروايات تتحدث عن تحملّه البدني الذي قلّ أن تجد مثله حتى في جزيرة العرب بظروفها الصعبة".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف | | لا تعليقات »
14 يناير 2014
"قال عبدالعزيز للرحالة المعروف والكاتب العربي من أدباء المهجر أمين الريحاني: نحن نتربى على التحمّل، وينبغي لنا أن نتحمل كل الصعاب. هذه هي طبيعة أرضنا ونمط حياتنا ومصيرنا. ويجب أن نكون مستعدين دوماً لكل شيء. أنا أعلّم أولادي أن يمشوا حفاة ويستيقظوا قبل الفجر بساعتين ويأكلوا القليل ويركبوا الجياد من دون سرج. فقد لا يبقى لنا وقت لشد السروج. ويجب ركوبها والإنطلاق رأساً. تلك هي نجد, تلك هي روح نجد، وتلك هي ظروف الحياة في نجد، وخصوصاً في جنوبها. نحن مثل بدونا".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه
مصنف في: ألكسي فاسيليف | | لا تعليقات »
26 أكتوبر 2013
خرجنا من الكنيسة في تلك الصبيحة. هل خرجنا أم انبسطت الكنيسة على ساحتها؟ أليست هي مدعوّة أن تكون المدى؟ خرجنا لنلتقي نحن البشر الذين كنا في الداخل. هل انقطعنا عن الداخل أم تغيرت فقط الأشكال الهندسية؟ خرجنا حاملين ما سمعناه. أخرجنا الكلمات من الكتب لتصير فينا ألحانًا ومعاني ونصيرها، ليلتحم الحرف بالكلمة والقلم بما كان في البدء، ليعود كل شيء إلى البدء.
عملية حب نفّذناها بكلمات سمعناها ثم قلناها. عندما قال صاحب الإنجيل الرابع: "في البدء كان الكلمة" إذا قرأناها عربيًا – وهذا حق لنا – يريد أنّ في البدء كان الجرح. القلب يجرحه الله ليلد منه كلمات وبلا جرح تخلو من المعنى. كل شيء جاء من ذاك الذي طعن جنبه بحربة «وخرج منه دم وماء». والذي عاين شهد ونحن بدورنا بالحب نعاين ونشهد والحب يتدفق من أفواهنا كلمات تبقى إلى الأبد.
عندما رأيت الأحد الماضي المؤمنين في ساحة الكنيسة يتحدثون تساءلت هل انتهت المسرحية التي لعبتها الملائكة في البيعة؟ ما الفارق بين طعام الملائكة وما ذاقه العاشقون ربهم في ذبيحة الحب التي ذبحت لهم دما وقيامة؟ هل تجاوزت رؤى القديسين أم رؤى القديسين وشعوري بهم واحد؟ جرحي أنّ هذه الجماهير المتجمعة صبيحة الآحاد ما دخلت في سرّ الحب الإلهي الا ذلك الدخول الكلامي الذي بقي على الألسنة وكأننا ما كسرنا باب القبر ليخرج منه المخلص. هل إذا خرج المؤمنون الى العالم يحملون اليه المسيح الذي اتخذوه في المناولة الإلهية أم مات فيهم فور المناولة؟ أنا أريد أن أعتقد أنّ شيئًا من السيد المبارك يبقى في كل من تناوله صباح الأحد ليصبح به إنسانًا جديدًا حيًّا بالحق.
ثم رأيت أن الكنيسة في ساحتها الخارجية ليست الا ذاتها في ساحتها الداخلية لأن الناطق بنا داخل الجدران هو إياه الناطق بنا خارج الجدران. رأيت أننا صباح الأحد حياة دفوق، بشر نازلون من السماء. فلكون المسيح صعد إليها من بعد قيامته ننزل نحن منها لكوننا نجيء منه.
نجيء هكذا بعد أن بتنا قياميين بحيث أننا نكون حملنا نوره الينا ورأينا به. القيامة فينا تعني أننا غلبنا الموت. انبعاثنا بقوة الروح القدس ما كان فينا وعدا فقط. هو جرعات البعث الأخير، أذواق مقسّطة لذوقنا النهائي لله. القيامة مبثوثة إلى كل يوم فينا إن بقينا في حال التسليم لأن القيامة حال بعد أن كانت في المسيح حدثا.
أجل المؤمن بيسوع يموت قسطًا بعد قسط في هذا السر أنه يخطئ ويفنى ثم يعود بحياة القيامة التي تجددت فيه. الموت يعود إلينا لكنه لا يفنينا لأن قيامة المسيح حدث نهائي. إنها حدث نهائي فينا والموت إذًا طارئ. عندما نرتل في الفصح: المسيح قام من بين الأموات لا نريد قيامة يومًا واحدًا بل قيامة أبدية. تخترقها ميتاتنا ولا تلغيها لأننا نتجدد بوعده لنا بالروح القدس وبانبعاثنا من خطيئة حتى يزول الموت حسب وعد الروح.
مصنف في: صحافة | | لا تعليقات »
26 أكتوبر 2013
"عندما تغادر البوسطة ساحة القرية،
يرفرف خلفها طير، أو فراشة، كما لو كانت
سفينة مهاجرة يودِّعها النوْرَس لحظة الإبحار"
أورتيغا
المسألة، دائماً، أن المتفردين لا يرحلون كأفراد. أحياناً يرحلون كجماعة، وأحياناً كظاهرة، وأحياناً كمرحلة وقَّعوا على بدايتها وصار موتهم خاتمتها. وديع الصافي مرحلة بدأت منتصف القرن الماضي مع جمالات القرن الماضي، وانتهت مع عذابات هذا القرن. لن يغنّي أحد لبنان بعد اليوم "كقطعة سما"، لأنه أصبح قطعة من هباء الشرق، ولن يكتب الشعراء من بعده أغنية تبدأ بـ"طلّ الصباح وزقزق العصفور"، لأن العصافير لم تعد تأمَن المرور حتى في طريق الهجرة. لن يعاتب عاشق حبيبته بثلاثة أحرف حزينة، مهزومة، مثل عرائش الخريف: ولو!…
كتب له هذه الأغنية أسعد السبعلي، الذي تحدّث إلى جيزيل خوري عن شبابه في بيروت، جالساً حول موقد فقير في الجبل. قال لها إنه أحب زوجته حباً كثيراً. خطبَها وتزوَّجها، وحملها معه إلى البيت الزوجي، هنا، في الجبل، حول الموقد. كيف؟ ركبا معاً البوسطة من بيروت. مبروك يا أسعد.
لم يكن السبعلي يُدرك أنه يُبكي السامعين في حكاية تشبه أفراح الرسوم المتحركة. لكنَّنا كنّا نتأمّل في تذكاراته وفي الموقد الشحيح، ونتذكّر تلك الكوكبة التي نزلت من الجبال، بفقر وقِلّة وحلم كبير، لتصوغ صورة لبنان الجديد. لبنان المُغنّى. نزل الصافي من تومات (مرتفعات) نيحا، والسبعلي من سبعل، والرحابنة من مراعي الشوير، ولا أدري من أين نزل أسعد سابا، ومن الغباطية في جوَارنا نزل مارون كرم، ومن مرارات الفقر ولؤمه، نزل بحدّته ومرارته توفيق بركات، ومن وادي شحرور أطلَّت شحرورة الوادي، ومن مزيارة ركب يونس الابن الغيم والضباب، ومن مشغرة جاء لورد الفولكلور زكي ناصيف.
القاسم المشترك بينهم لم يكن وحده الصوت، ولا نوع الموسيقى، ولا جزالة الشعر. كان، أنهم أتوا من جبل مأخوذ بطمأنينته إلى مدينة مشغولة بقلقها، خائفة على غدها. كانوا مرتضين بكفاية اسمها لبنان، فوجدوا مدناً لا ترتضيه. رأوا الساحل، بعكس الجبل، متواطئاً مع الخارج، خجولاً بالداخل، الذي أدار له ظهره. غنّوا للجبل من أجل أن تفرح الولاية وتفرد لهم مكاناً وقبولاً.
على كتفَيه حمل وديع الصافي الجبل، تساعده حنجرة من صوّان ونشوة ووديان. لم تُذبه المدينة، وأيضاً لم تشذِّب الريفيّ الذي فيه، ولم تخفّف حَذر القرى، وخوفها من الديب، وغدر المواسم. الحذر منعه من أن يسلِّم ثروته الالماسية إلى خبير يعدّد آفاقها. الرحابنة لم يتوقفوا عن توسُّل الصقل وسبر الآفاق. صغاراً لجأوا إلى مدرسة الأب بولس الأشقر، معلِّم الموسيقى الوحيد في متناولهم، وكباراً اعتمدوا خُبُرات صبري الشريف، القادم من "الشرق الأدنى". وقد ظلّ "الموزِّع" لهم الموسيقى طوال سِفر الأغنية، في عطائهم المشترك.
وديع كان معتدّاً بصوته، يعتقد أنه فوق اللحن والشعر. لذلك أخفق في العمل الجماعي. وفات، كما فات الفن والموسيقى، استمرار ظهوراته مع فيروز وصباح، وبقي أسير عُوده وحده، بينما تنقَّل الرحابنة في الألوان، من تانغو "البالوما" وميلانكوليا "عتاب" إلى هدير "أجراس العودة"، ومن فخر الدين إلى بترا، المملكة المحفورة في صخر.
على أن وديع صمَد بلونه ووحدانيّته. نقل لبنان وجبله إلى مسارح تونس والكويت ومصر. حمله إلى اللبنانيين الذائبين حنيناً، في البرازيل وأميركا الشمالية، وأوروبا، إلى وفر الصبا.
كان له طقس في الغناء: مهما غنّى خلال السهرة لنفسه أو لسواه، لا بدّ أن يبدأ بأغنية عن لبنان، ويختم بأغنية للبنان. كان يعتبر لبنان مسؤولية رعوية، مثل أولاده، الذين جعلهم فرقته الخاصة. لا غرباء في البيت. حتى عندما أراد شريكة في الغناء، اختار زوجة ابنه. هكذا حرم نفسه وحرم الفن والإبداع، استمرار تلك الشركة العابرة مع فيروز أو صباح، أو نجاح سلام.
يا أستاذنا الحبيب، قلت له مرة، تخيَّل هذا المشهد: أنت وفيروز وصباح على مسرح واحد، تغنّون، أي شيء من دفاتركم. تصدحون. تدندنون. أنت على عُودك. صباح على زُلُفِها. فيروز على قمرها. تصوّر… لا تحرموا العالم العربي هذا اللقاء.
لم يخرج القروي من وديع. قطع كل هذا التمنّي بغضبة نيحاوية: "روح يا سَندي احكي فيروز وبعدين رجاع". لم أرُح طبعاً إلى فيروز. أنا كنت أتحدث إليه كحالم يذهب إلى سماعه في باريس وفي لندن وفي الحازمية، وليس كراعي حفلات.
إنها روح الفنّان. أو روح الإنسان. كان وديع يرتِّل إلى الله طوال النهار، شاكراً نِعَمه. يُقيم النذور في الكنائس، ويتطلَّع إلى السماء ويبلِّغها همساً امتنانه. لكنه كان دائم العتب على الأرض وأهلها وديارها. وعلى رغم المكان الذي بلغه، ظلّ يشعر بالخوف. لم تخرج القرية منه. اثنان لا يؤتمنان: الفقر والديب. وفي طريقه الطويل كم رأى من حوله الفنّانين يسقطون في الفقر والنسيان والإهمال. نجوم لامعة تبهت وتسقط. النزلة الأخيرة عن المسرح قَدَم أولى في الموت المهني، وأحياناً حتى في موات الحياة وضنى الأيام. كم رآهم من حوله مَرضى لا يملكون العلاج، ومعوَزين لا يملكون حتى الستر، وكم سمع عنهم في مصر لم يعد لهم رفاق سوى القطط.
كانوا فرقة سلاح المواهب وفرسان الجبل. فيما كان الكونسرفاتوار يعلِّم الموسيقى للقادرين، كان عاصي الرحباني يتسقَّط علم الألحان من النوافذ. فيما كان أحمد رامي يعرِّب الخيّام لأم كلثوم، كان أسعد السبعلي يكتب "ولَو" لوديع الصافي. فيما كان الزجل المصري يرقرق العيون، كان الزجل اللبناني يهدهد الجفون. فرقة الروَّاد الذين يأتون مرة واحدة ليفاجئوا العصر. ينزلون من نيحا ومن سبعل ومن طريق النحل وليس لهم في بيروت إلاَّغرفة شقيّة بلا أثاث، خلف سوق النجارين. خلف سوق الحدادين. خلف سوق العطّارات! كان القرويّون المندهشون يسمّون كل شارع سوقاً. كانوا الجبل وكانت بيروت مجموعة قرى ساحلية متلاصقة. آباؤهم مرّوا بها فقط لكي يركبوا ميناءها على عجل. هم أداروا ظهورهم للميناء. "لن يبنوا أنّى نشأ لبنانا" كما صاح سعيد عقل، بل سوف يبنون لبناناً صغيراً هنا، في العاصمة المولودة حديثاً، وسوف يحاولون إغراء بقية الجبليين بالبقاء، أمّا أهل المدينة، ورجال "مؤتمر الساحل"، فسوف يحاولون إغراءهم بالقبول بهذه الدولة الجديدة، دولة يُغنّى لها، ووطن يٌشهِرُ حبّه بلا خجل، يتفرّد أهله بالأشياء الجميلة.
يقول الحَبر كلود فرولو في "أحدب نوتردام": الكتاب سوف يقتل العمارة! قتل الكتاب اللبناني غول الأحجام. ارتضى العرب بشارة الخوري خليفة لأحمد شوقي. حوَّل الرحابنة قلعة بعلبك الصامتة كدهرها، قلعة تغوي القمر بالاقتراب ليسمع جيّداً ماذا تغنّيه. ذهب وديع إلى نهر الكلب، ينافسهم وينكي إهمالهم له، فغرق في شختورة المنافسة. مسح بلَل الغرق وقام.
شكّلوا، مجموعة أو أفراداً، مصرفاً هائلاً لم يُكتب اسمه على أي مبنى: مصرف تسليف الفرح. مصنع تصدير الفَرَح. شركة توصيل العشّاق حتى بالبوسطة. الفرقة المجانية لموسيقى وأغاني الأعراس. في الجبل وفي المدينة، في السهول وفي السهوب، كانوا يغنّون فتطرَب الأرض وتردّد الوديان. مخمَّس مردود.
صار العالم العربي يحب لبنان ويغبطه. بلد لا نيلَ فيه ولا كرنك، لكن الأمَّة تصغي إليه كما تصغي إلى أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم. بلد عاميَّةٌ صعبة وضيِّقة وألفاظها خشنة و"دبشة"، ومع ذلك يضعه مغنّوه على البرنامج الإذاعي في الجزائر أو تونس أو جيبوتي.
لم يعد هناك اليوم شيء يُدعى الجبل إلاّ بالمعنى السياسي. بالمعنى الشعري والفنّي، صار جزءاً من المدينة. انطوى مسرحه وانطوت تقاليده وتغيَّر معناه. استراحت القافلة. لم يعد "ناي" جوزف أيوب يتفرّد "صولو" في الأغاني كلما أراد المغني شدّنا إلى عالم الرعيان وصفاء الأودية. مرحلة ومضت… جبل وهوى.
مصنف في: سمير عطا الله, صحافة | | لا تعليقات »
30 يونيو 2013
"كان هتلر فاشيا، ولذلك كانت ألمانيا كذلك. لم يسأل أحد ملايين الألمان المعارضين للفاشية المقيمين في ألمانيا عن آرائهم. كان ستالين شيوعيا، ومن ثم كان السوفيات كذلك بالمثل. لكن ماذا عن ملايين الروس الذين تجرعوا كؤوس المعاناة تحت حكم الشيوعية؟ هل سمعت من قبل عن ثورتهم ضد الشيوعية؟ كلا.. لأنه لم يكن من المتاح بالنسبة لهم أن يجعلوا أصواتهم مسموعة. لم تكن وسائل الإعلام خاضعة مطلقا لسيطرتهم. إنهم فقط يقرأون «البرافدا» ونشأوا على تلقي تعاليم ماركس من التلفزيون، أو الاستماع لخطاب هتلر في الإذاعة.
نحن مختلفون. بإمكاننا الدخول على شبكة الإنترنت من هواتفنا الجوالة. وبوسعنا أن نخبر العالم بأسره أشياء وأن نصل لأي معلومات نريدها وقتما نشاء. هذا أمر جيد بالطبع، لكنه من القوة بالدرجة الكافية أيضا لإطاحة حكومات وإغراق اقتصاد، بل وحتى تمزيق أوصال أمم.
تظهر أنظمة مضللة عدة تهدف لخداع عامة الشعب في أوقات التوترات. ويعرف هذا باسم التضليل. تحت تأثير التضليل، قد يخرج مواطن يجلس صامتا في منزله إلى الشوارع، ويجد نفسه وسط حشد مكتظ يضرم النيران في السيارات. وربما يصبح مؤيدا عنيفا لمظاهرات لا يدري هدفها. إن لوسائل الإعلام تأثيرا قويا.
يصف عالم الاجتماع الأميركي، ريفرز، بشكل جدير بالملاحظة، وسائل الإعلام بأنها «حكومة ثانية أو أخرى» (ريفرز، 1982: 7-20).
كانت واحدة من أكثر المنظمات التي سمعنا عنها في وسائل الإعلام التركية إبان المظاهرات التركية التي استمرت على مدار ثلاثة أسابيع هي «أوتبور». كانت «أوتبور» منظمة شبابية لعبت دورا رئيسا في انقسام يوغوسلافيا، وفي الثورات «الملونة» في أوروبا الشرقية والقوقاز ووسط آسيا وفي تنظيم المظاهرات في نيويورك من موقع «تويتر». لقد سمع اسم «أوتبور»، التي تمول من قبل الصندوق الوطني للديمقراطية التابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، في تركيا لسببين: أولا، أنها كانت حركة منظمة، والثاني أنها أقيمت من خلال مواقع تواصل اجتماعي مثل «تويتر».
في واقع الأمر، كان كل شيء يحدث أمام أعين هؤلاء الذين يتابعون مواقع التواصل الاجتماعي. كان هناك أفراد وصفوا الحكومة بأنها ديكتاتورية وأرادوا انقلابا، وقالوا: «نحن لا نعبأ بما إذا انفصلت الدولة، طالما تغيرت الحكومة»، والذين كانوا أعضاء في جماعات شيوعية أحدثوا أكبر المشكلات إبان تلك الأحداث. ولكن المشكلة كالتالي؛ كان بعض الناس يستمع إليهم بإنصات شديد. أنتجت بعض الصحف الأجنبية البارزة عناوين أخبار تتحدث عن «مذبحة» استنادا إلى تقارير مغلوطة على موقع «تويتر». ربما تكون الوسيلة التي تمكنت من خلالها وسائل الإعلام العالمية من إنتاج تقارير لم يتحقق من صحتها.
نشرت «سي إن إن إنترناشيونال» صورة لمسيرة مؤيدة للنظام شارك فيها أكثر من مليون شخص ووصفتها بأنها «مظاهرة معارضة للنظام في تركيا». هل تعتقدون أن هذا كان خطأ؟ كلا على الإطلاق. أرسل مسؤولون حكوميون وممثلون من الصحافة التركية تحذيرات إلى «سي إن إن إنترناشيونال» عبر وسائل متعددة. بالطبع سمعت «سي إن إن»، التي تعلم بظهور أي صحيفة جديدة في تركيا وجعلها الموضوع الذي يحتل صفحة غلافها على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، تلك التحذيرات. غير أنها لم تجد غضاضة في إبقاء الخبر على صفحتها الرئيسة لما يقرب من يومين، وهي فترة طويلة، إذ ان أفعال التحريض قد تنتشر على نطاق واسع.
كانت ألمانيا مثالا شائقا. استخدمت المستشارة الألمانية ميركل لغة غريبة في انتقاد الحكومة التركية، بينما أطلقت صحيفة ألمانية يومية سيلا من الإهانات ضد رئيس الوزراء التركي.
دعونا نشر بين الأقواس إلى أن مصرفا ألمانيا بارزا حقق ربحا قيمته 187 مليون ليرة تركية (96 مليون دولار) في بورصة إسطنبول إبان المظاهرات. توضح كلمات جوزيف غوبلز، وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر، الكثير: «الناس يصدقون الأكاذيب الكبيرة بشكل أسرع من تصديقهم الأكاذيب الصغيرة. إذا كررت كذبة، فسوف يصدقها الناس في نهاية المطاف».
ماذا يحدث عندما يصدقونها؟ دعونا نستمع إلى إيفان ماروفيك، زعيم «أوتبور»: «لا شيء يحدث (عفويا) في التخطيط لعمل ثوري! ربما يبدو أن الناس قد تدفقوا فجأة إلى الشوارع. لكن تلك نتيجة التحضير الدقيق الذي استمر لأشهر بل لأعوام! إن كل شيء يبقى تحت السيطرة الكاملة، حتى الوصول لنقطة بعينها، وإلى أن يجري تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات. لكن عندما تصل إلى تلك النقطة، يصل كل شيء إلى نهاية خلال بضعة أسابيع!» (ريفولشن يو، «فورين بوليسي»، 16 فبراير/ شباط 2011).
من ثم، عندما يصدق الناس تلك الأكذوبة الكبرى، تندلع الثورات. تستلزم فرضية روكفيلر أن «تصبح الدول المائتان في العالم اليوم عما قريب ألف دولة»، أي تفكك الدول؛ كارثة مثل الفاشية يمكن أن تلقى ترحيبا من شعب دولة، أو ربما يصبح الناس عبيدا للشيوعية من خلال دعاية لينينية.
هذا هو نطاق التضليل الذي عمل كمخطط للثورات البرتقالية.
بالطبع، كان لهذا التضليل تأثير مدمر في مظاهرات ساحة «تقسيم». لكن توقعات المحرضين لم تحدث. لم تكن هناك مذبحة في الشوارع أو ثورة دموية. تبدو الأمور هادئة في تلك اللحظة. ويتمثل أحد أسباب ذلك في أن وسائل الإعلام قد وظفت مجددا بشكل فعلي. تم تحذير المتظاهرين الشباب السلميين بسرعة ضد المحرضين وخططهم التدميرية. وسرعان ما أدركوا أن «أهدافهم ليست مماثلة لأهدافنا». من المهم توفير معلومات دقيقة بشفافية وفاعلية. غير أن ثمة أمرا آخر يحتاج إلى التعلم؛ ألا وهو الحب."
مصنف في: صحافة | | لا تعليقات »
8 يونيو 2013
" في خريف سنة 1974م (1394هـ) قرّر الملك فيصل, رحمه الله, أن يزور المنطقة الشرقية, وقرر أن يأتي بالقطار. أُبلغنا بالخبر قبل الرحلة بأقل من اسبوعين, و وقع الخبر علينا وقع الصاعقة. كان الملك سعود, رحمه الله, يحب استخدام القطار, إلا أن الملك فيصل لم يسبق له خلال فترة حكمه أن استعمل القطار. كانت هناك عربة ملكية إلا أنها بعد سنين من عدم الاستعمال لم تعد صالحة. أثبت الزملاء العاملون في الورشة أنهم على مستوى التحدي. خلال تلك الفترة الوجيزة تمكنوا من تجهيز عربة ملكية جديدة تحتوي على صالة وغرفة نوم (لم يستعملها الملك!) وغرفة طعام. في الموعد المحدد كان كل شيء جاهزاً, وكنت في محطة الرياض استقبل الملك فيصل و أسافر في معيته.
كنتُ قد رأيت الملك فيصل, أول ما رأيته, خلال عملي في اليمن. بعد ذلك, خلال عملي في الجامعة, كنتُ أذهب للسلام عليه وتناول العشاء على مائدته مرة كل ثلاثة شهور أو أربعة. كان الجلوس على مائدته متعة كبرى. كانت الطاولة صغيرة وكان بوسع الموجودين جميعاً المشاركة في الحوار. كان الملك يتحدث في عدد من المواضيع أقربها إلى قلبه الشئون الخارجية. عبر حياته كلها كان الملك فيصل قليل الكلام إلا أنه في سنواته الأخيرة أصبح يميل إلى التأمل والسكوت وكان نادراً ما يتحدث. أتاحت لي سفرة القطار أن أشهد عن كثب, الإنضباط الصارم الذي كان مفتاح شخصيته.
جلس على المقعد بقرب النافذة ولم يتحرك طيلة الرحلة التي استغرقت قرابة سبع ساعات. خلال هذه الساعات لم ينطق إلا بجملتين أو ثلاث. ما أدهشني هو أنه استطاع البقاء هذه الفترة الطويلة دون أن يتململ, أو يغّير جلسته, أو يطلب شيئاً, أو يقول شيئاً. طلب مني الصديق الأستاذ محمد النويصر, رئيس المكتب الخاص وقتها, أن أذهب إلى الملك واشرح له معالم الطريق. لم يكن الملك فيصل يحب المتطفلين, ورأيت أن من التطفّل أن أحدثه عن مواقع يعرف عنها أضعاف ما أعرف أنا. رأيتُ على مائدته, أكثر من مرة, ما يحدث لأولئك الذين كانوا يخوضون في مواضيع لا يكادون يعرفون شيئاً عنها. كانت تعليقات الملك النفّاذة تتركهم صامتين ولسان حالهم يُردّد "رُبَّ كلمةٍ قالت لصاحبها: دعنيّ!". أثناء زيارة الملك كُلفت بإلقاء كلمة الأهالي الترحيبية. كانت كلمة من طراز فريد: لم يكن فيها أي إطراء شخصي. أخبرني الأمير سلطان فيما بعد, أنه لم ير الملك يصفق إلا تلك الليلة".
حياة في الإدارة
مصنف في: الفيصل, غازي القصيبي | | لا تعليقات »
8 يونيو 2013
" قال لي الأمير عبدالله بعد إنتهاء الأزمة: "كنت أعرف عنك أشياء كثيرة, ولكني لم أكتشف, إلا أثناء الأزمة, أنك شجاع". كانت هذه مجاملة كريمة من إنسان كريم. ذكرّني تعليق ولي العهد بحوار طريف دار, ذات يوم, بين الملك خالد رحمه الله, وبيني. سألني الملك: "غازي! هل أنت شجاع؟". قلت: "لا أدري". ضحك الملك وقال: "لاتدري؟ ماذا تقصد؟". قلت: "لم يسبق أن مرّ بي موقف يتطلب شجاعة حقيقية. عندما أتعرض لموقف كهذا يمكن أن أجيب على السؤال". قال الملك: "معظم الناس لو تسألهم هل هم شجعان يردّون بالإيجاب". قلت: "ربما كان معظم الناس شجعاناً بالفعل" قال الملك: "أشك في ذلك".
حياة في الإدارة
مصنف في: غازي القصيبي | | لا تعليقات »
8 يونيو 2013
"كان الأمير فهد, وفيما بعد الملك فهد, رجلاً جمّ الأدب شديد الحياء. لم أره, قط, يرفض طلباً من وزير أو من أي إنسان آخر بصفة مباشرة. مع الزمن تعودتُ, وتعودّ بقية الوزراء, على أسلوب ولي العهد. عندما يوافق على طلب من وزير كان يوجهه بأن يمضي قدماً في التنفيذ (كان يستعمل عبارات مثل "على بركة الله" أو "توكل على الله" أو "هذا مناسب جداً"). عندما تكون لديه تحفظات على الطلب كان يطلب من الوزير أن يكتب له رسالة عن الموضوع (يعني هذا أن إحتمال الموافقة قد انخفض إلى 50%). عندما تكون لديه شكوك جديّة حول حكمة القرار المطلوب كان يقول للوزير "دعني أفكر". (معنى هذا أن إحتمال الموافقة انخفض إلى 10%). عندما يقرر عدم الإستجابة لطلب كان يطلب من الوزير أن يبحث الموضوع مع وزير المالية (يعني هذا أن إحتمال الموافقة أصبح 1%)".
حياة في الإدارة
مصنف في: غازي القصيبي | | لا تعليقات »
7 يونيو 2013
" لم تتوطدّ علاقتي مع ولي العهد –فهد بن عبدالعزيز- وتتعمق إلا خلال الوزارة. عندما أتحدث عن علاقة وطيدة عميقة فأنا أتحدث عن علاقة عمل. لقد لقيت من عطف هذا الرجل, أميراً وولياً للعهد وملكاً, ما يجعلني عاجزاً عن أن أفيه حقه مهما فعلت أو قلت. ولكني أكذب عليه وعلى نفسي وعلى التاريخ إذا زعمت أن العلاقة بين الرئيس والمرؤوس تحوّلت إلى صداقة أو ما يشبه الصداقة. كان فارق السن بيننا يسمح لي أن أعتبره بمثابة الأب, وكان الإحترام, من جانبي, يقودني إلى أن أعامله كما أعامل الأب. الذين تصورّوا, وردّدوا, أني كنت أقرب الناس إليه يتحدثون عن شرف لم أدّعه وعن شيء لم يحدث. كان ولي العهد قائداً سياسياً لديه برنامج سياسي وكان بوسعي أن أنفذّ برنامجه, في مجال عملي, بلا تحفظ. أعتقد أنه لمس فيّ القدرة على تنفيذ ما يكله إليّ من المهام بقدر من الفعالية".
حياة في الإدارة
مصنف في: غازي القصيبي | | لا تعليقات »
7 يونيو 2013
" كنت ولا أزال من المؤمنين بحرية الإرادة المحكومة بقدر الله. وكنتُ, و لا أزال, أرى أن على المرء أن يخطط لمستقبله بكل ما يملك من قوة وأن يعرف, في الوقت نفسه, أن إرادة الله, لا تخطيطه, هي التي سترسم مسار هذا المستقبل".
حياة في الإدارة
مصنف في: غازي القصيبي | | لا تعليقات »
12 يوليو 2012
" ارتكب سليمان خطأ فادحاً عندما نشدَ الحكمة .
( عثر بين أوراق تشيخوف على هذه المناجاة منفصلةً ومكتوبة بخط يده :
سليمان ( وحيداً ) : آه! يالهذه الحياة المظلمة! عندما كنتُ طفلاً, ما من ليلٍ أرعبني بظلامه كما يرعبني الآن وجودي الخفيّ. يا ربّ, أما وهبتَ داود هبة الكلمات والأصوات المتناغمة لكي يترنم ويحمدك على أوتاره, في رثاءٍ عذب, ويبكي الناس أو يدفعهم إلى حب الجمال؛ فلماذا وهبتني هذا العقل الجائع المؤرق المثقل بالتأملات؟ أتخفّى في الظلام مثل حشرةٍ ولدت من الغبار؛ وكياني كله يرتجف ويرتعد في خوفٍ ويأس, أرى وأسمع في كل شيء لغزاً خفياً. لماذا هذا الصباح؟ لماذا تشرق الشمس من وراء المعبد لتذهِّب النخلة؟ لماذا جمال النساء هذا؟ إلى أين يسرع العصفور, وما معنى طيرانه, ما دام هو وصغاره والمكان الذي يهرعون إليه سيصيرون غباراً مثلي؟ كان خيراً لي لو لم أولد قط أو ليتني كنتُ حجراً لم ينعم عليه الله بالعيون والأفكار. وإنهاكاً مني لجسدي عند حلول الليل, حملتُ الرخام إلى المعبد مثل أيِّ عامل طوال نهار أمس؛ ولكن ها قد حلّ الليل الآن ولا أستطيع النوم .. سأذهب وأستلقي. أخبرني الفريسيون أنه إذا ما تخيل المرء قطيع شياهٍ يركض, ثم صوّب انتباهه عليه, اضطربَ الخاطر وأخلْدَ إلى النوم, وهذا ما سوف أفعله .. ( يخرج ) "
دفاتر سريّة
مصنف في: أنطون تشيخوف | | لا تعليقات »
12 يوليو 2012
" لمَ تنمو الأشجار بكل هذا البذخ حين يموت أصحابها؟ "
دفاتر سريّة
مصنف في: أنطون تشيخوف | | لا تعليقات »
12 يوليو 2012
" لست وسيماً, أنا بالأحرى جذّاب "
دفاتر سريّة
مصنف في: أنطون تشيخوف | | لا تعليقات »
12 يوليو 2012
" كلما استفحل غباء الفلاح تفهمّه الحصان على نحو أحسن "
دفاتر سريّة
مصنف في: أنطون تشيخوف | | لا تعليقات »
12 يوليو 2012
" اعتاد ن طوال حياته كتابة رسائل نابية للمغنيين والممثلين والكتّاب المشهورين : ( من تظن نفسك, أيها النذل .. ) , دون أن يوقع بإسمه "
دفاتر سريّة
مصنف في: أنطون تشيخوف | | لا تعليقات »
12 يوليو 2012
" الحب إما بقية من شيء يتضاءل وكان هائلاً فيما مضى, أو أنه جزء من شيء سيغدو هائلاً في المستقبل؛ أما في الوقت الحاضر فلا يروي الغليل لأنه يمنح المرء أقل مما يتوقعه بكثير "
دفاتر سريّة
مصنف في: أنطون تشيخوف | | لا تعليقات »
12 يوليو 2012
" لم أقرأ هربرت سبنسر . حدثني عن مواضيع كتبه . عمّ يكتب؟
أريد أن أرسم لوحة من أجل معرض باريس, اقترح عليّ موضوعاً .
( سيد مملة ) "
دفاتر سريّة
مصنف في: أنطون تشيخوف | | لا تعليقات »
12 يوليو 2012
" لقد أرهقنا الخنوع والرياء "
دفاتر سريّة
مصنف في: أنطون تشيخوف | | لا تعليقات »