Archive for the ‘Citazione’ Category

دموع الـ٢٤ رجلاً

الإثنين, أكتوبر 31st, 2016

"كان الصمت مطبقًا في الغرفة الصغيرة الخانقة. يصعب القول كم من الرجال الأحد عشر الجالسين حول الطاولة الطويلة عرفوا أو خمنوا أن سوزوكي سيتخذ تلك الخطوة، لم يُسمع في تاريخ اليابان أن طُلب من الإمبراطور اتخاذ قرار ما، أو القول كم كانت الصدمة حتى النخاع بهذا الإجراء غير التقليدي.

في الأيام السابقة كانت البيانات الإمبراطورية الرسمية تسمى «صوت الغرنوق»، والغرنوق يمثل رمز الإمبراطورية، ويقال إن صوت الغرنوق يظل مسموعًا في السماء حتى لو حُجب عن الرؤية. بالنسبة للمجلس الأعلى للحرب، في الساعة الثانية من صباح الجمعة، العاشر من أغسطس 1945، كان صوت الغرنوق على وشك أن يُسمع مرة أخرى في الأرض.

قال الإمبراطور في هدوء: «استمرار الحرب يمكن أن يؤدي فقط إلى إبادة الشعب الياباني ويطيل المعاناة البشرية. يبدو واضحًا أن الأمّة لم تعد قادرة على تحمل الحرب، وقدرتها على الدفاع عن شواطئها مشكوك فيها. هذا لا يُطاق بالنسبة لي»، ثم أضاف: «أن أرى جنودي المخلصين منزوعي السلاح ذاهبين من دون قول.. لكن جاء الوقت لتحمل ما لا يُطاق تحمّله».

لم يعد الإمبراطور بحاجة لأن يضع قراره في صياغة معينة، مع ذلك، استمر في الهدوء ذاته، وبصوت ثابت قال: «أعطي موافقتي إلى جانب قبول إعلان الحلفاء على أساس الشروط التي طرحها وزير الخارجية». ثم غادر الغرفة ببطء.

في الصمت، عاودت المناديل البيضاء الظهور، ربما لمسح العرق الذي يتصبب في أغسطس بتلك الغرفة الصغيرة، أو ربما لمسح الدموع التي ترقرقت في أعين الرجال الذين أصبحوا ملزمين بمنح بلدهم للعدو."

* تحقيق من ثلاثة حلقات في صحيفة الشرق الأوسط بعنوان “أطول يوم في تاريخ اليابان”.
الحلقة الأولى
الحلقة الثانية
الحلقة الثالثة

أعوذ بالله من قهر شرّ الناس! الله يلعن الصهاينة.

الأحد, أغسطس 9th, 2015

ولم يكن من السهل العيش في منزل محاط بالركام، خصوصا أنني وشقيقي فاقدان للبصر. ومع ذلك، وجدتني عاجزًا عن التخلص من الخرسانة المحطمة التي اختلطت بشظايا من حياتي بأكملها. لقد كان كل زرع تم اقتلاعه وكل قطعة أثاث تحطمت جزءا من قصتنا. وبينما كان من الصعب العيش وسط الركام، كان من الصعب علينا أيضًا التخلص منه بإلقائه في سلة المهملات.

 

أرجو قراءة كامل المقال هنا

السبت, مارس 28th, 2015

ياشيخ باح الصبر من طول المقام .. ياحامي الونات يا ريف الغريب
اضرب على الكايد ولا تسمع كلام .. العز بالقلطات والراي الصليب

محمد العوني

الأحد, يناير 18th, 2015

“No man can wear one face to himself and another to the multitude without finally getting bewildered as to which may be true”

لا يعيش رجل بوجهٍ واحد يظهر به أمام نفسه ووجه آخر يظهر به أمام الناس دون أن يشعر في النهاية بالإرتباك فيما يتسائل أيهما الحقيقيّ.

من مسلسل The Soprano’s

يا لجمال هذه اللغة :)

الأربعاء, ديسمبر 17th, 2014

“مشكلة زمننا هذا، أن المستقبل لم يعد كما كان”.
بول فاليري

في بروق الذاكرة صورة سوق الصاغة في بيروت. كان فسحة صغيرة تلمع فيها أضواء كثيرة معكوسة على صفوف من الأساور في الواجهات، كأنها واجهة واحدة. وكانت أمي تأخذني معها إلى هناك لكي ترهن سواراً آخر، أو أخيراً. ولم تستطع أن تفكّ الرهن مرة. لكنها لم تكن تريد أن تفزعنا بكلمة بيع.
بقي لمَعان الأساور المضيئة في ذاكرتي. وصورة الصيّاغين منكبّين في المحترف الصغير على مصانعة الذهب، يساعدهم منظار مكبِّر فوق النظارتين.
مثل سوق الصاغة الذي أُغلق على ذاكرة بيروت، غابوا في عام واحد: أرباب الصياغة وصنّاع الأحرف. صاغة في الشعر، صاغة في النثر، صاغة في الفصيح، في العامية، في القوافي وفي النثر الذهبي. في عام واحد: أنسي الحاج. جوزف حرب. جورج جرداق وسعيد عقل. قافلة أفرح غناؤها اللغة، وأحزن حدّاؤها دروب الغياب.
كان جول رينار ينصح الكتّاب دوماً: “ضعْ قمراً صغيراً في ما تكتب”. وضعوا بدوراً في ما كتبوا. حملوا أضواء القمر معهم من الريف، حيث يكون أكثر صفاء ونعمة “يتأنّى ويخطر ويفرش الضوء” ويخصّب المخيّلات والمشاعر ويوسّع دائرة الحنان وزوايا الحنين.
هذا، قاسم. أي الريف. قرية أو بلدة أو مدينة مثل زحلة، كان سعيد عقل يحلم بأن منها، كما بدأ البارون هوسمان عضو بلدية في بوردو (النبيذ مجرد مصادفة)، ينتقل بعدها إلى صناعة جمال العاصمة. كان سعيد عقل مكلَّفاً، في جملة ما هو مكلَّف من وكالات مطلقة، حراسة الجمال أنّى وُجد.
القاسم الثاني كان فيروز. هناك الشعر، شعراً أو عاميا، وهناك الشعر إذا غنّته فيروز. وقد غنّت منحوتات سعيد عقل، وغنّت “باللغا اللبنانيي”، كما غنّت لجوزف حرب بالفصحى والعامية، وغناها أنسي الحاج بأجمل ما عَقَدَ وأفردَ وصاغَ من نثر وابتهال.
القاسم الثالث، المرحلة، لبنان في عقوده الذهبية يطوف في رومانسيات الشعر والحب والغناء. بلد ذهبي صغير يطلّ منه مرة عاصي – مرة منصور – مرة سعيد عقل، ودائماً تُشرق “حارسة المفاتيح”. تضع قمراً في كل كلمة وبدراً في كل لحن، وأرضاً في كل غياب.
لم يعد للسنين أحداث مفرحة. روزنامة سوداء. ختم هذا القرن نفسه بآخر أغصان المسك. مائة عام من الصيّاغين ومعرض دائم للآلئ. بيروت المتوسط المرصع، تفيض في الداخل ببحر من الحبر. كان هذا قرن الأدب وجبابرة المغنى. انتهى. fin de siècle. انتهى. كلما حاولتَ أن تعدِّد لكي تُحصي، شعرتَ بكم ظَلمت ممن نَسيت. من 1914 إلى 2014 تحتاج إلى مجلّد ومتحف. هذه المدينة التي نقلت الحركة الأدبية إلى مصر ونيويورك في بدايات القرن، ما لبثت أن استعادت حقوق النشوء: حركة الرمز انطلقت من هنا. حركة الحداثة من هنا. الرسم والنحت. وبعدما أقامت إمارة الشعر في مصر على أغصان شوقي ومقام الكرد استعادها الأخطل الصغير حزيناً: اليومَ أصبحتُ لا شمسي ولا قمري.
استعادت جبران رفات تمشي في جنازته الكنيسة التي تمرّد عليها. واستعادت ميخائيل نعيمه شاباً يكتب بدائعه من شخروب بسكنتا في سفح صنين. واستعادت أمين الريحاني إلى حنين الموت في الفريكة على درّاجة. طاف الصحارى والبراري والبحار، مخاطباً الملوك والشيوخ والرحّالين، وعاد إلى الفريكة ينهي مغامراته على دراجة بلهاء. وإليها عاد في زيارة قليلة شاعر الطلسم إيليا أبي ماضي معاتباً “وطن النجوم” حدِّق، أتذكر من أنا؟ حدِّق.
لم يعرفه وطن النجوم. كان يستقبل مي زيادة المُستعادة من مصر، أنشودة من العبقرية والجمال والحزن. أرسل القرن إلى مصر ألمع سيدتَين في الآداب والفنون: مي زيادة، شجاعة الأزمان، التي يؤمّ صالونها كبار العمالقة من أدباء المحروسة، وفاطمة اليوسف، الملقّبة روز، صبيّة التبنّي، التي سوف تُصبح سارة برنار الشرق وملكة الصحافة المصرية. وإذا كنت تريد أن تعرف ماذا أعني بسارة برنار، أرجو أن تقرأ ما كتب جول رينار عن برنار الأولى. وأرجو أن تقرأ، في كل حال، ليس لأن سارتر قال إن مع برنار بدأ الأدب الفرنسي، بل لأنك سوف تقول أنت ذلك.
آه، اللبنانيون. أعطهم ورقة، وقلَماً، ولغة. وسوف ترى. دعْك مما فعلوا في مصر ونيويورك. فماذا عن فرنسا في هذا القرن؟ ماذا عن شكري غانم في “الكوميدي فرانسيز”؟ ماذا عن مسرح جورج شحادة؟ ماذا عن شعر أندريه شديد وناديا تويني؟ وماذا عن، وماذا عن فتى الأكاديمية، أمين معلوف؟ قرن من الصيّاغين. بالعربية والفرنسية والإنكليزية والبرتغالية في بلاد البرازيل. أعطهم قلماً وورقة وخُذ فؤاد سليمان، وسعيد تقي الدين، والياس أبو شبكة، وعمر فاخوري، وعبدالله العلايلي، وحسين مروة، ورشدي المعلوف. ورقة أخرى وخُذ شفيق المعلوف وخُذ خليل رامز سركيس.
قرن الصيّاغين. صلاح لبكي، وشفيق حيدر، وشارل قرم، ويوسف غصوب وأمين نخلة. وكم نسينا. هذا الذي مضى ليس قرناً. هذا ديوان أو مكتبة وطنية أو “بانتيون”. مجمع الخالدين. أكاديمية فيها جرجي زيدان، حارس التراث الإسلامي. ووليّ الدين يكن، الوحيد الذي قيل إن مي زيادة أحبته، فيما هامَ بها العمالقة من طه حسين وعباس محمود العقاد. ومن نيويورك عشِق جبران عذوبتها حتى قيل إنه كان حبّها الوحيد.
ورقة وقلم. البعض أخذهما وقسّمهما مثل خبز الجبل: كامل مروة أنشأ “الحياة” في غرفة من غرف “النهار” التي كانت كلها ثلاث غرف. سعيد فريحة بدأ “الصياد” في غرفة على المعرض. سهيل إدريس أدار من المعرض مجلة “الآداب”، والحركة الأدبية في العالم العربي، وحركة الترجمة، وأطلق بين قرّاء العربية أعمال سارتر وكامو.
المسرح. الرواية. الشعر. الصحافة. النشر. الرسم. النحت. سوق الصيّاغين، كان هذا البلد يُشرق ويتألّق. وكانت بيروت مثل وادٍ تلتقي فيه الثلوج الذائبة من الجبال. وادٍ خصيب تملؤه أصوات التغاريد وتتجاور فيه الغصون. لم نكن نعرف مدى ذهبه وألماسه ونحن نمرّ به صفحة صفحة، فلما تجمّع بين دفّتيّ ذاته، أدركنا أنه كان قصراً من قصور الأدب، ومتحفاً من متاحف الفنون. قرن من ضياء.
مع منصور وعاصي وفيروز انتصف القرن وكأن بيروت هي سالزبورغ: “صوت الموسيقى” على التلال الخضراء. أعطهم ورقة وقلماً وكمنجة. كان منصور شرطي بلدية في النهار وعازف كمان في الليل. ويروي الشرطي أنه كان مرة في مأمورية قرب “الريفولي” عندما رأى الناس تتجمّع حول مَشيق وسيم فَلَش شعره للعلا وهي تقول “إنه سعيد عقل”. فاقترب وتفرّج. وبعد سنين قليلة كان هو وعاصي وسعيد عقل ينحتون معاً لبنان المفترض. وفي المساء كانوا يحملونه إلى فيروز كي تُغنّيه وتُعطيه ما فات الشعر والموسيقى أن يعطيا، وأن يحفرا، وأن يُهدهدا شِغاف القلوب العاشقة.
جاءها الشعراء وغنّوها. لم تحتضن فقط مواليدها، بل كما احتضنت باريس المنفيين والحالمين، ضمّت إلى صدرها كوكبة الشعر ومجاني الأدب: نزار قباني، بدر شاكر السياب، محمود درويش، نذير العظمة، أدونيس، الياس مسوح، محمد الماغوط، خالدة سعيد، علي أمين، خالد قطمة وعلي الجندي. مناهل – مناهل. فيما كانت المرأة العربية تبحث عن حقوقها كانت ليلى بعلبكي تكتب “أنا أحيا” بمعنى أنا امرأة. وكانت إميلي نصرالله ترود الرواية في “طيور أيلول” وملحمة الهجرة والحياة بين وطن مقيم وجميع أوطان الأرض المهاجرة. كان قرناً من القِطاف. كروم الشعر وحصاد الجمال وبساطة النفوس. مشاكيك صيّاغين وجوهرجية. وإذا لم ترَ سوق الصاغة وأنت ملء طفولتك فلن تعرف ما أعني. أنا أعني تلك المدينة التي تركت خلفها مجاعة 1914 لكي تمضي في صناعة الأضواء، وتدوين الموسيقى. جبابرتها الثلاثة، منصور وعاصي وفيلمون وهبه كانوا يدندنون بلا نوتات ومفاتيح.
جورج أبيض بدأ المسرح في مصر، وشوشو أزهر المسرح في سينما مهجورة اسمها شهرزاد. كيفك يا شخص… و”الشخص” كان يتقبّل المزاح إذا ما جاء عن المسرح. ضحك فؤاد شهاب طويلاً وهو يرى أنطوان كرباج يشخِّصه، برَوْعة التبدّل في الأداء، مِن غاضب إلى مستضعَف في عزلة موصدة. كأن تقول fin de siècle، بدأ في المجاعة والشهداء. ولا يزال يرفع راية الحرية. “الشمولية”، يقول التعريف، “هي رفض لكل أشكال الحرية”. إليكم ما هو لبنان من دونها.

سمير عطاالله – النهار

الأربعاء, سبتمبر 24th, 2014

“Someday you’ll find the right person, and you’ll learn to have a lot more confidence in yourself. That’s what I think. So don’t settle for anything less. In this world, there are things you can only do alone, and things you can only do with somebody else. It’s important to combine the two in just the right amount.”

– Haruki Murakami

السبت, مارس 29th, 2014

فـيـصـل

الثلاثاء, يناير 14th, 2014

"في يونيو 1945 وقّع الأمير فيصل بإسم المملكة العربية السعودية في سان فرانسيسكو وثيقة تأسيس الأمم المتحدة، وألقى كلمة أعرب فيها عن الثقة بأن هذه المنظمة ستسعى إلى خير العالم كله، ولم ينس أن يشكر الرئيسين الأميركيين روزفلت وترومان على مساهمتهما في الدعوة إلى عقد المؤتمر التأسيسي. وكانت تلك خطبة رائعة تقبّلها الحاضرون بارتياح.
افتتح المؤتمر في جو من الحماسة بهيج للغاية، والأمل كبير بنجاحه. كان كل وفد يصل إليه يستقبل بحفاوة وترحاب. أما وصول الوفد السعودي فقد كان من المفاجآت المثيرة. فقد وصل فيصل مع نجله عبدالله وإخوته محمد وفهد ونواف الذي كان في التاسعة من العمر. وقد أثار وصول الأمراء ومرافقيهم الزنوج اهتمام الناس ودهشتهم، فغصّت الصحف بصورهم وتجمهر العامة أمام الفندق ليلقوا نظرة عليهم. وكانت لغة فيصل الإنجليزية أفضل من المتوقع. وكان المسؤول عن الوفد السعودي هذه المرة هو السيد توبس من مديرية أمن وزارة الخارجية.
في اللحظات التي يتملص فيصل فيها من نظرة توبس الساهرة، كانت عيناه تشّعان بزهو الشباب. وقد رافق فيصل آنذاك رئيس مكتبه الشيخ إبراهيم سليمان الذي كانت عيناه البنيتان الحيويتان كعيون الشباب في تعارض صارخ مع لحيته البيضاء وشعر رأسه الأشيب. لغته الإنجليزية أدنى مستوى من لغة فيصل، لكنه كان جاداً في إتقانها، يحمل معه دفتراً يسجل فيه كل كلمة جديدة عليه. وفي خارج الإطار الرسمي، كان الأمراء السعوديون يرتدون البزّات الأوربية، وقد بدوا فيها أيضاً أنيقين جداً.
خلال مكوث الوفد في سان فرانسيسكو، حلّ أعضاءه ضيوفاً على جهات عدّة، وقاموا بجولات في المنتزه في خارج المدينة، وتناولوا طعام العشاء في المطاعم الفاخرة. ونظمت لهم إحدى الجولات الترفيهية في منتزه تيلاند بارك، فوصلوا إليه بسيارات فخمة ومعهم منتسبو وزارة الخارجية وأصدقاؤهم. وفي بركة المنتزه استقلوا القوارب، وكان الأمير فيصل نفسه على المجذاف، وكذلك أخوه الأمير محمد، والشيخ إبراهيم. لم يكن الأميران يجيدان التجذيف، فتبلل كل الجالسين في القارب. تلك كانت أول تجربة لهما مع المجذاف. ثم تناول الجميع وجبة السندويش، وحملهم المطر على العودة إلى منزل علي رضا المتزوج من أمريكية، فتناولوا القهوة مع الفطائر هناك. وأدى أحد السعوديين عرضة السيوف تحت أنغام "جيرسي بونس"، وكان ماهراً في الأداء".

وجدتُكَ

السبت, أغسطس 10th, 2013

 

"وجدتكُ بعضي بل وجدتكُ كلّي، حتّى كأنَّ شيئاً لو أصابكَ أصابني، وحتّى كأنَّ الموت لو أتاكَ أتاني"

– من رسالة علي بن أبي طالب -كرّم الله وجهه- لإبنه الحسن.

 

يا حزن

الأربعاء, يوليو 24th, 2013

يا حزن ياريت أعرفك
كنت اسويلك حديقة
وممشى من كاشي الفرح
جدّام بيتك
يا حزن يا ريت أعرفك
وين تسكن
كنت أقل لك لا تجيني
وتمشي كل هاي المسافة
وحدي كان اجيتك
يا حزن وحياة حزنك ما عرفتك
كنّك مغير مشيتك
حاط ريحة رخيصة كلِّش
يا رخيص وش قد بكيتك.

الجمعة, يونيو 14th, 2013

من هو الممثل إذن؟

– نحن رواة قصص (Storytellers) ونحن صعالكة ومتشرّدون بعيدا عن عملنا. أعيش كمتشرد وصعلوك على أي حال. أركب جيادي وألتحم مع من ألتقي بهم وأعايشهم. أختفي فيما أحب أن أقوم به. أغني وأعزف غيتاري وأسعد كثيرا حين أخرج من بؤرة الرؤية وأغيب عن الكاميرا. بالنسبة لي إذن، شخصية ألكسندر هي كابوس رازح إذا ما انطلت علي بعد مغادرتي الدور. لا يمكن معايشة الشخصية التي تمثّلها إلا حين العمل. لا شيء أسوأ من أن تبقى معك بعد ذلك. ذلك قبل ثماني سنوات، وكما ذكرت أنت، قلت إنني لا أريد أن أكون أكثر شهرة لأنني أريد أن أحافظ على ما أنا عليه. تنظر إلى بعض الممثلين الجدد وتشعر بأن الحياة باتت جريمة. لا يستطيعون الخروج من منازلهم أو الانخراط في حياة اجتماعية عادية. ذلك أمر بائس.

 

فهد

السبت, يونيو 8th, 2013

" في تلك الفترة بدأ يتضّح أنني أتحول شيئاً فشيئاً, إلى "وزير تحت التمرين". كنت قد رأيت الأمير فهد بن عبدالعزيز في الستينات الميلادية (الثمانينات الهجرية) عدة مرات, إلا أن المقابلات لم تتجاوز السلام العابر. لم يتح لي أن أعرفه معرفة حقيقية إلا أثناء عملي في المؤسسة. بعد أسابيع قليلة من انتقالي إلى الدّمام زار الأمير فهد المنطقة وذهبت للسلام عليه. طلب أن يراني على انفراد, وبقيت بعد أن إنصرف الحاضرون. بدأ يتحدث بإنطلاق وعفوية وفُوجئت خلال الحديث أنه يتحدث عن فلسفة تنموية لا تختلف عن تلك التي كنت أطمح إلى وضعها موضع التنفيذ. قال الأمير فهد: "أنا لست من حملة الشهادات العالية ولست من المثقفين. ولا أعرف النظريات الإقتصادية. ولكني أعرف تماماً ما يريده كل مواطن. يريد المواطن بيتاً لائقاً يضمه ويضم أولاده. ويريد عملاً كريما يرتزق منه. ويريد مدرسة في الحي يرسل إليها أطفاله. ويريد مستوصفاً متكاملاً بقرب بيته. ويريد مستشفى لا تبعد كثيراً عن المستوصف. ويريد سيارة. ويريد خدمة كهربائية منتظمة. ويريد…" إتضح لي من خلال الحديث, أن الأمير فهد كان, عن غير قصد, يتبنى النظرية التنموية التي عُرفت, فيما بعد, بإسم اشباع الحاجات الأساسية. كان الأمير فهد وقتها نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية وقد بدأ يضطلع بدور متزايد في إدارة شئون الدولة. لم يقل الأمير فهد شيئاً عني ولكني في نهاية اللقاء خرجت بإنطباع واضح وهو أن في ذهنه لي دوراً يتجاوز تسيير القطار وإدارة الميناء".

الخميس, أبريل 25th, 2013

 تعرفون جنابكم، جميعا، حكاية، أو حكايات، سليمان القانوني، أو سليمان الكبير، أو سليمان العظيم. اختر ما شئت. لكن إذا قبلت نصيحتي، فدعك من لفظة «القانوني» هذه. لقد سنّ بعض القوانين، لكنه سحق كل قوانين البشر. في أي حال، سوف أروي لجنابكم حكاية واحدة من حكايات السلطان الكبير؛ حكايته مع إبراهيم باشا. إبراهيم هذا لم يكن إبراهيما ولا باشا، كان صبيا يونانيا من غنائم الحروب، لكن شاء القدر أن يرسل الصبي إلى القصر، حيث أصبح أقرب الأتراب إلى سليمان الصبي.
فلما صار سليمان سلطانا، عين إبراهيم وزيرا أول (1523م). وبعدها بعام، زوجه من شقيقته «هاتيس» في احتفالات دامت 8 أيام. وانتقل الزوجان إلى القصر الذي بناه المعرس بما جمعه من أموال جراء صداقته مع السلطان.
بعدها تولى إبراهيم قيادة الجيش في الحملة على هنغاريا إلى جانب سليمان الكبير. يومها، دوّن السلطان في مفكرته ما يلي: «السلطان، جالسا على عرش ذهبي، يتلقى التهاني من الوزراء والبكوات. قتلنا 2000 أسير دفعة واحدة. المطر شلالات». الحملة التالية على أوروبا (1529) كان إبراهيم أيضا قائد الجيش. هدف الحملة هذه المرة كان فيينا، لكن المدينة لم تسقط، فتراجع سليمان للمرة الأولى. ولكي ينسي الشعب مرارة الهزيمة، شغل إسطنبول باحتفالات طهور أبنائه الأربعة. بعدما وقّع سليمان الكبير معاهدة سلام مع النمساويين، استدار، ومعه إبراهيم باشا، نحو أذربيجان، وبعدها نحو بغداد وتبريز.. وفيما كان يمضي الشتاء في بغداد، تلقى رسالة من زوجته الروسية روكسانا. إنها مشتاقة إليه شوقا هائلا، ولديها ما تريد أن تسرّ إليه.
ماذا؟ إبراهيم باشا، السبي اليوناني يا سليمان. إنه لا يكف عن الثرثرة؛ يقول إنه صانع البطولات والانتصارات. يقول إنه المفكر والمدبر. يقول إنه المفكر الذي لا يخطئ والقائد الذي لا يُهزم. وأنت يا حبيبي وسيدي السلطان، أنت أين أمجادك وسلطانك؟ في تلك المرحلة كان سفير البندقية لدى الصدر الأعظم قد سجل محضر لقاء مع إبراهيم باشا: هل هو غبي هذا الرجل؟ إنه يقول إن نفوذه أوسع من نفوذ السلطان، ألا يخشى أن يرسل إليه السلطان ذات يوم عشاء مسموما، وينتهي كل شيء؟! صدقت مخاوف سعادة السفير في مسألة العشاء، لكن ليس في السم؛ ففي 15 مارس (آذار) 1536 دعا سليمان رفيق الصبا إلى العشاء في جناحه، في قصر توبكابي. وفي اليوم التالي، عُثر على إبراهيم عند البوابة الإمبراطورية من السراي، وقد بدت على جثته آثار مقاومة لما يُعتقد أنه عملية خنق. صدر أمر سلطاني بمصادرة كل أمواله؛ ما هي أمثولة الحكاية؟ احفظ تواضعك.

سمير عطا الله