أرشيف تصنيف 'غازي القصيبي'

8 يونيو 2013

" في خريف سنة 1974م (1394هـ) قرّر الملك فيصل, رحمه الله, أن يزور المنطقة الشرقية, وقرر أن يأتي بالقطار. أُبلغنا بالخبر قبل الرحلة بأقل من اسبوعين, و وقع الخبر علينا وقع الصاعقة. كان الملك سعود, رحمه الله, يحب استخدام القطار, إلا أن الملك فيصل لم يسبق له خلال فترة حكمه أن استعمل القطار. كانت هناك عربة ملكية إلا أنها بعد سنين من عدم الاستعمال لم تعد صالحة. أثبت الزملاء العاملون في الورشة أنهم على مستوى التحدي. خلال تلك الفترة الوجيزة تمكنوا من تجهيز عربة ملكية جديدة تحتوي على صالة وغرفة نوم (لم يستعملها الملك!) وغرفة طعام. في الموعد المحدد كان كل شيء جاهزاً, وكنت في محطة الرياض استقبل الملك فيصل و أسافر في معيته.

كنتُ قد رأيت الملك فيصل, أول ما رأيته, خلال عملي في اليمن. بعد ذلك, خلال عملي في الجامعة, كنتُ أذهب للسلام عليه وتناول العشاء على مائدته مرة كل ثلاثة شهور أو أربعة. كان الجلوس على مائدته متعة كبرى. كانت الطاولة صغيرة وكان بوسع الموجودين جميعاً المشاركة في الحوار. كان الملك يتحدث في عدد من المواضيع أقربها إلى قلبه الشئون الخارجية. عبر حياته كلها كان الملك فيصل قليل الكلام إلا أنه في سنواته الأخيرة أصبح يميل إلى التأمل والسكوت وكان نادراً ما يتحدث. أتاحت لي سفرة القطار أن أشهد عن كثب, الإنضباط الصارم الذي كان مفتاح شخصيته.
جلس على المقعد بقرب النافذة ولم يتحرك طيلة الرحلة التي استغرقت قرابة سبع ساعات. خلال هذه الساعات لم ينطق إلا بجملتين أو ثلاث. ما أدهشني هو أنه استطاع البقاء هذه الفترة الطويلة دون أن يتململ, أو يغّير جلسته, أو يطلب شيئاً, أو يقول شيئاً. طلب مني الصديق الأستاذ محمد النويصر, رئيس المكتب الخاص وقتها, أن أذهب إلى الملك واشرح له معالم الطريق. لم يكن الملك فيصل يحب المتطفلين, ورأيت أن من التطفّل أن أحدثه عن مواقع يعرف عنها أضعاف ما أعرف أنا. رأيتُ على مائدته, أكثر من مرة, ما يحدث لأولئك الذين كانوا يخوضون في مواضيع لا يكادون يعرفون شيئاً عنها. كانت تعليقات الملك النفّاذة تتركهم صامتين ولسان حالهم يُردّد "رُبَّ كلمةٍ قالت لصاحبها: دعنيّ!". أثناء زيارة الملك كُلفت بإلقاء كلمة الأهالي الترحيبية. كانت كلمة من طراز فريد: لم يكن فيها أي إطراء شخصي. أخبرني الأمير سلطان فيما بعد, أنه لم ير الملك يصفق إلا تلك الليلة".
حياة في الإدارة

8 يونيو 2013

" قال لي الأمير عبدالله بعد إنتهاء الأزمة: "كنت أعرف عنك أشياء كثيرة, ولكني لم أكتشف, إلا أثناء الأزمة, أنك شجاع". كانت هذه مجاملة كريمة من إنسان كريم. ذكرّني تعليق ولي العهد بحوار طريف دار, ذات يوم, بين الملك خالد رحمه الله, وبيني. سألني الملك: "غازي! هل أنت شجاع؟". قلت: "لا أدري". ضحك الملك وقال: "لاتدري؟ ماذا تقصد؟". قلت: "لم يسبق أن مرّ بي موقف يتطلب شجاعة حقيقية. عندما أتعرض لموقف كهذا يمكن أن أجيب على السؤال". قال الملك: "معظم الناس لو تسألهم هل هم شجعان يردّون بالإيجاب". قلت: "ربما كان معظم الناس شجعاناً بالفعل" قال الملك: "أشك في ذلك".

حياة في الإدارة

8 يونيو 2013
"كان الأمير فهد, وفيما بعد الملك فهد, رجلاً جمّ الأدب شديد الحياء. لم أره, قط, يرفض طلباً من وزير أو من أي إنسان آخر بصفة مباشرة. مع الزمن تعودتُ, وتعودّ بقية الوزراء, على أسلوب ولي العهد. عندما يوافق على طلب من وزير كان يوجهه بأن يمضي قدماً في التنفيذ (كان يستعمل عبارات مثل "على بركة الله" أو "توكل على الله" أو "هذا مناسب جداً"). عندما تكون لديه تحفظات على الطلب كان يطلب من الوزير أن يكتب له رسالة عن الموضوع (يعني هذا أن إحتمال الموافقة قد انخفض إلى 50%). عندما تكون لديه شكوك جديّة حول حكمة القرار المطلوب كان يقول للوزير "دعني أفكر". (معنى هذا أن إحتمال الموافقة انخفض إلى 10%). عندما يقرر عدم الإستجابة لطلب كان يطلب من الوزير أن يبحث الموضوع مع وزير المالية (يعني هذا أن إحتمال الموافقة أصبح 1%)".
حياة في الإدارة

7 يونيو 2013
" لم تتوطدّ علاقتي مع ولي العهد –فهد بن عبدالعزيز- وتتعمق إلا خلال الوزارة. عندما أتحدث عن علاقة وطيدة عميقة فأنا أتحدث عن علاقة عمل. لقد لقيت من عطف هذا الرجل, أميراً وولياً للعهد وملكاً, ما يجعلني عاجزاً عن أن أفيه حقه مهما فعلت أو قلت. ولكني أكذب عليه وعلى نفسي وعلى التاريخ إذا زعمت أن العلاقة بين الرئيس والمرؤوس تحوّلت إلى صداقة أو ما يشبه الصداقة. كان فارق السن بيننا يسمح لي أن أعتبره بمثابة الأب, وكان الإحترام, من جانبي, يقودني إلى أن أعامله كما أعامل الأب. الذين تصورّوا, وردّدوا, أني كنت أقرب الناس إليه يتحدثون عن شرف لم أدّعه وعن شيء لم يحدث. كان ولي العهد قائداً سياسياً لديه برنامج سياسي وكان بوسعي أن أنفذّ برنامجه, في مجال عملي, بلا تحفظ. أعتقد أنه لمس فيّ القدرة على تنفيذ ما يكله إليّ من المهام بقدر من الفعالية".
حياة في الإدارة

7 يونيو 2013
" كنت ولا أزال من المؤمنين بحرية الإرادة المحكومة بقدر الله. وكنتُ, و لا أزال, أرى أن على المرء أن يخطط لمستقبله بكل ما يملك من قوة وأن يعرف, في الوقت نفسه, أن إرادة الله, لا تخطيطه, هي التي سترسم مسار هذا المستقبل".

حياة في الإدارة

2 فبراير 2011

 

" لماذا كل هذه الصور ؟ لا يوجد فينا شخص وسيم يستحق التصوير سوى الأمير سعود الفيصل ! "

" هيلموت كول " الوزير المرافق

2 فبراير 2011

 " لقد تحدثت يا جلالة الملك عن الصداقة . وأحب أن أتحدث بدوري عن الصداقة . كلمة الصداقة في اللغة الألمانية لفظة تشير إلى القلب والعقل معاً . إنني أؤيد أن يتصرف الإنسان من هذين المنطلقين العقل والقلب . إن العالم الذي يحكمه العقل وحده عالم بارد كالصقيع . والعالم الذي يحكمه القلب وحده هو عالم عاطفي متهوّر . لا بد أن نجمع بين الاثنين . إن الإنسان لايستطيع أن يغيّر اصدقاءه كما يغير ملابسه القديمة . ولقد أدركت معنى الصداقة الحقيقية من خلال تجربتي في معترك السياسة الألمانية . كنت أربح وأخسر وأصعد وأهبط ولكن أصدقائي لم يتغيّروا . أما بعد أن أصبحت مستشاراً فقد كثر الاصدقاء فجأة . أصبح لديّ من الأصدقاء ما يزيد على حاجتي . ومن هنا فإنني حريص على الاحتفاظ بأصدقائي الحقيقيين . إنني أؤمن أن الصداقة تعطي الحياة معنى أعمق . كان لي صديق عزيز قال لي وهو يحتضر إنه يموت سعيداً لأنه يموت وهو محاط بالكثير من الاصدقاء . قال لي إن هذا يجعله يشعر أن حياته لم تكن عبثاً . إن تلاميذ ميكافيلي , وهم كثير في كل مكان , لا يؤمنون بهذه القيم . ولكنني أعتقد أن المدرسة الميكافيلية قد فشلت . وشهد التاريخ على فشلها . وستظل فاشلة دائماً "

" هيلموت كول " الوزير المرافق