23 أبريل 2011
"قرن من أجل لا شيء" كما سماه غسان تويني. سنوات العجف والبدد، وخيول داحس والغبراء. لم نمض العقود فقط في النزاعات الدموية، مصر والسودان، مصر واليمن، المغرب والجزائر، ليبيا والجميع، بل نقلنا القضية الفلسطينية من حرب على اسرائيل، الى حرب أهلية في الاردن، ثم حرب جماعية في لبنان، انتهت بوصول شارون الى بعبدا وخروج "الثورة" الى تونس، ومن ثم وصولها الى منزل صغير سري في اوسلو.
تدفع الامة اليوم ثمن قرون من غياب البديهيات التي نظمت حياة الامم واقامت نهوضها: القانون والحريات وضمان كفاية المواطن. كان حسني مبارك ينوي ان يماثل سابقيه: لا يخرج من الرئاسة الا الى الضريح. ذهبت، ماشياً، الى "منصة 6 اكتوبر" في مدينة نصر، لأرى المكان الذي اغتيل فيه انور السادات وهو يحتفل بذكرى العبور. لم أرَ سوى مدرجات جرداء علاها شيء من سواد العتق والاهمال. تأملت البلاد من جديد، وقلت في نفسي: اللعنة على البلاط وعلى الغبار، ذلك الغبار المذرّ في العمر وفي الريح، ويتكرر على ايقاع حزين في ديوان روبير غانم "ميتافيزيق". وماذا يأخذ الحاكم الى ضريحه سوى سمعة التاريخ وألق المناقب؟ بماذا يُذكر إلا بما تواضع الى شعبه وكبرت به دولته؟ "
افتتاحية النهار