أرشيف شهر مارس 2012

8 مارس 2012

 

" ولن يكون هذا شاقاً أو صعباً , إذا تذكرتَ دائماً حياة الرجال الذين ذكرتهم وأعمالهم المجيدة . وعلى الرغم من ندرة هؤلاء الرجال وعظمتهم , إلا أنهم كانوا على كل حال من الرجال , ولم تتح لأي منهم الفرص المتاحة الآن . إذ أن مشاريعهم لم تكن أكثر عدالة ولا سهولة من مشروعك . ولم يكن الله معهم بقدر ما هو معك , فهنا قضية عادلة , ويتمتع الشيء العادل دائماً بالجمال , ويكون ضرورياً , وليس في وسع أية قوة , مهما كانت وحيثما جاءت أن تدمره وتقضي عليه , وهنا الإرادة العظمى , وحيث توجد الإرادة تنعدم المصاعب , شريطة أن تتبع الاجراءات التي سردتها عليك كأمثلة . يضاف إلى هذا , أن الله قد حقق معجزات لا مثيل لها , فالبحار قد مهدت وفتحت طرقها , والسحب قد أرشدتك إلى الطريق , والماء قد انطلق نابعاً من الصخر , وأمطرت السماء المن والسلوى , وساهم كل شيء في الإعداد لعظمتك , شريطة أن تقوم أنت بإنجاز ما تبقى . ولا يقوم الخالق بعمل كل شيء , ليترك لنا المجال لإرادتنا الحرة لتعمل , ولسيمح لنا بجزء من المجد , يكون من حقنا ونصيبنا "

الأمير

* المضحك في الأمر أن مكيافيللي أهدى الكتاب – في لحظة غريبة وغير مؤاتية – إلى " العظيم لورنزو دي مديتشي " الذي كانوا يصفونه بالمحتقر والأخرق , يشرح فيها كيف أنه تمنى أن يقرأ الشاب هذا البحث " بإمعان " ويضعه في حسبانه حتى يتسنى له أن " يصل إلى الرفعة التي تعده به الآلهة , والتي يبشره بها الكثير من خصاله " ومع أن مكيافيللي اعتاد صد آل مديتشي , فإنه اندهش من هذا السلوك المتعجرف الذي أكسب لورنزو مثل هذه السمعة البشعة , إذ قدّم الرسالة إلى لورنزو , صاحب العظمة , في نفس الوقت الذي أهدى فيه شخص آخر كلبين من كلاب الصيد إليه . ومن المرجح أن يكون لورنزو قد أعرب لهذا الشخص عن شكره بحرارة وامتنان يفوق بكثير ما أظهره تجاه رسالة مكيافيللي , وغادر مكيافيللي , كما ورد في القصة , وهو " في حالة امتعاض وقنوط شديد مخبراً زملاءه بأنه ليس بالرجل الذي يتآمر على الامراء , وإنما حتماً ستحدث المؤمرات لو أنهم ظلوا على نهجهم الذي يسيرون عليه " . وسوف يتضح أن كلماته تنبئ بصدق عن المستقبل .

8 مارس 2012

" لا أجهل أن كثيرين كانوا , وما زالوا , يعتقدون بأن الأحداث الدنيوية يسيطر عليها القضاء والقدر , ويتحكم فيها الله , وأن ليس في وسع البشر عن طريق الحكمة والتبصر تغييرها أو تبديلها , و ان لا علاج لذلك مطلقاً . ولذا فإن من الجهد غير المجدي أن يعمل الإنسان شيئاً لرد ما حكم به القضاء , و أن عليه أن يدع الأمور تجري في أعنتّها وفقاً لمشيئة الحظ . وقد كثر القائلون بهذا الرأي في أيامنا بسبب التبدلات العظيمة التي رأيناها , والتي مازلنا نراها في كل يوم والتي تفوق كل تصور بشري . وعندما أفكر في هذه التبديلات أميل أحياناً إلى مشاركة أولئك الناس رأيهم , ولكني مع ذلك أعتقد أن ليس في وسعنا تجاهل ارادتنا تمام التجاهل . وفي رأيي , إن من الحق أن يعزو الإنسان إلى القدر التحكم في نصف أعمالنا , وأنه ترك النصف الآخر , أو ما يقرب منه لنا لنتحكم فيه بأنفسنا . و أود أن أشبه القدر بالنهر العنيف المندفع الذي يغرق عند هيجانه واضطرابه السهول ويقتلع الأشجار والأبنية , ويجتث الأرض من هذه الناحية ليقذف بها إلى تلك , فيفرّ الناس من أمامه ويذعن كل شيء لثورته العارمة دون أن يتمكن أحد من مقاومته . ولكنه على الرغم من هذه الطبيعة تكون له طبيعة أخرى يعود فيها إلى الهدوء . وفي وسع الناس آنذاك أن يتخذوا الاحتياطات اللازمة بإقامة السدود والحواجز والأرصفة , حتى إذا ما ارتفع ثانية انسابت مياهه إلى أحد الأقنية , أو كان اندفاعه لا ينطوي على تلك الخطورة وذلك الجنون . وهذه هي الحالة مع القدر الذي يبسط قوته عندما تنعدم الاجراءات لمقاومته , ويوجه ثورته إلى حيث لا توجد حواجز ولا سدود أقيمت في طريقه لكبح جماحه . وإذا ما تطلعت إلى ايطاليا التي كانت مسرحاً لهذه التبدلات العظيمة , والتي دفعت الناس إلى الايمان بذلك الرأي , وجدت أنها بلاد لا تضم شيئاً من الحواجز والسدود مهما كان نوعه . ولو قدرت لها الحماية بالوسائل الصحيحة كألمانيا واسبانيا وفرنسا , فإن هذا الفيضان ما كان ليُحدث تلك التبدلات العظيمة التي أحدثها , أو لما وقع الفيضان على الاطلاق "

الأمير

8 مارس 2012

 

" إن ثمة كثيرين يعرفون كيف لا يخطئون , أكثر من معرفتهم كيف يصلحون أخطاء الآخرين "

الأمير