25 مايو 2011
" يجب أن يكون هناك شيء صلب داخلك وأن تكون مرتاحاً مع نفسك . وإذا لم تشعر بالراحة في داخلك فلا يمكنك إدخال التغييرات ؛ الانتقال السريع المطلوب في دوري الحالي " .
وللتعبير عن هذه النقطة بمزيد من الوضوح , لجأ بندر إلى رواية إحدى الطرف . " هناك شخص يدعى جورج شولتز . كان مسؤولاً عن المكتب العام في عهد نيكسون , وهو منصب غير حكومي . وكان أستاذاً للأقتصاد في شيكاغو , وفي نهاية عهد نيكسون أصبح وزيراً للعمل .
تدفقت الآن الكلمات بسرعة عندما تابع بندر بدأب : " خسر فورد الانتخابات وعاد شولتز إلى القطاع الخاص . وانتهى به الأمر إلى رئاسة شركة بكتل , وهي شركة ضخمة . عند التعامل مع المملكة العربية السعودية كان يتعامل مع الحكومة ومع أرامكو , ونسج صداقة عظيمة مع السيد سليمان العليّان . وقد بدأ العليان كسائق شاحنة في أرامكو , لكنه كان ذكياً وأصبح غنياً جداً . كان شولتز والعليان يقضيان الاجازة معاً ويصطحبان زوجتيهما . وعندما كان شولتز يقصد المملكة للعمل , ينزل عند العليان , وعندما كان العليان يتوجّه إلى سان فرانسيسكو , يقيم عند شولتز . أعني أن الزوجتين كانتا كالأختين وكانا [ أي العليان وشولتز ] كالأخوين . ولا يمكن أن تكون العلاقة أوثق من ذلك . في سنة 1982 , أصبح شولتز وزيراً للخارجية . كان العليان في نيويورك عندما أعلن عن ذلك , لذا ألتقط الهاتف وأتصل بصديقه .
" مرحبا يا جورج , كيف حالك ؟ " قال العليان .
" مرحباً سيّد عليان " . وشدد الأمير لم يقل سليمان بل سيد عليان .
ذهل العليان باللهجة الرسمية التي اتخذها رد شولتز , فقال له : " تهانينا . إذا كان لدينا الوقت فسأعرج على واشنطن وأقدم إليك وإلى بوني تهنئتي " .
" في الحقيقة كنت سأتصل بك لكي تأتي لرؤيتي " . أجاب شولتز . " لما لا تأتي إلى المنزل بعد ظهر غد ؟ "
قال العليان : " حسناً , أراك لاحقاً " .
توّجه العليان إلى منزل شولتز حيث ألتقت الزوجتان كالأختين , فتعانقتا وقبّلت إحداهما الأخرى . لكن شولتز كان جافياً وبعيداً . وظنّ العليان أنه ربما كان منحرف المزاج . وجلس الجميع لتناول الشاي والبسكويت , لكن شولتز لم يظهر أي دفء .
وفيما كان العليان وزوجته يتهيئان للرحيل , خاطب شولتز العليان باسمه الأول سليمان . وكانت المرّة الوحيدة التي يناديه باسمه الأول طوال تلك الليلة .
قال شولتز : " إننا أصدقاء منذ مدة طويلة . لكنّني أقدّر كثيراً , كبادرة صداقة , ألا تتصل بي في البيت أو في المكتب , ما دمت وزيراً للخارجية " .
ران صمت محرج . وقال العليان مذهولاً : " ماهذا الهراء الذي تتحدث عنه ؟ "
عندئذ نهضت السيدة شولتز وغادرت الغرفة .
وسأل العليان : " هل تمزح ياجورج؟ " .
فأجاب شولتز : " لا , لا أمزح . ومن الآن فصاعداً أنا وزير الخارجية لا جورج " .
فقال العليان بعد صمت طويل : " أتعرف يا جورج ؟ لا تشرّفني مصافحتك . وأنا خارج . في إمكانك أن تذهب إلى الجحيم " .
وبعد أن غادر على الفور , اتصل العليان ببندر من سيارته ؛ وكان يفترض أن يتوجه إلى المطار لكنّه غيّر طريقه وسأل إذا كان في وسعه المجيء للأجتماع به بدلاً من ذلك . وأوضح بندر : " لذا فإنني أخبرك بشيء علمته من أحد المشاركين مباشرة " .
سأل العليان بندر : " ماذا تستنتج من ذلك؟ "
فقال بندر : " إنها ليست إشارة طيبة . وإنني سعيد لأنك أخبرتني لنستعدّ لهذا الخسيس " .
وفي نهاية قصة شولتز قال بندر : " هذا هو الفارق بين البشر . سُئل جورج بوش الأب عندما كان رئيساً , هل صحيح أن الأمير بندر يعتبر عضواً في حكومتك؟ فقال جورج بوش , غير صحيح على الإطلاق , لكنّ الأمير بندر صديق عزيز من بلد صديق ولا أخجل من دعوته صديقي . انتهى النقاش " وتابع بندر : " مع جورج بوش , نجم عن صداقتنا ثمن سياسي كبير . كان يسعدني , وأنا أفهم السياسة , لو قال فقط , إنه ليس عضواً في حكومتي ؛ ذلك أمر خاطئ . أنتهى النقاش . لم يكن عليه أن يخطو تلك الخطوة الإضافية . فلماذا فعل ذلك؟ الإخلاص ! إذا أظهرت الإخلاص , يمكنك أن تتوقعه . لكن , لا تطلبه إذا كنت غير راغب في تقديمه . الإخلاص طريق باتجاهين . ولا يقتصر وجوده عندما تكون الأمور على ما يرام . فما يعتّد به وقوفك إلى جانب أحدهم عندما لا تسير الأمور على ما يرام " .
الأمير