قولي: صباح الخير !
قولي أيّ شيء لي لتمنحني الحياة دلالها .
أمي – مارسيل
ومع الوقت ، والوقتُ رَمْلٌ ورغوة صابونة
كسر الصمتَ ما بيننا والملل
قال لي : ما العمل؟
قلت : لا شيء .. نستنزف الاحتمالات
قال : من أَين يأتي الأمل ؟
قلت : يأتي من الجوّ
قال : أَلم تَنْسَ أَني دَفَنْتُكَ في حفرة
مثل هذي ؟
فقلت له : كِدْتُ أَنسى لأنَّ غداً خُـلَّبـاً
شدَّني من يدي .. ومضى متعباً
قال لي : هل تُفَاوضني الآن ؟
قلت : على أَيّ شيء تفاوضني الآن
في هذه الحفرةِ القبر ؟
قال : على حصَّتي وعلى حصّتك
من سُدَانا ومن قبرنا المشترك
قلت : ما الفائدة ؟
هرب الوقتُ منّا
وشذَّ المصيرُ عن القاعدة
ههنا قاتلٌ وقتيل ينامان في حفرة واحدة
.. وعلي شاعر آخر أن يتابع هذا السيناريو
إلى آخره
هِيَ : هل عرفتَ الحبَّ يوماً ؟
هُوَ : عندما يأتي الشتاء يمسُّني
شَغَفٌ بشيء غائب ، أُضفي عليه
الاسمَ , أَيَّ اسمٍ , وأَنسى ..
هي : ما الذي تنساه ؟ قُلْ !
هو : رَعْشَةُ الحُمَّى ، وما أهذي به
تحت الشراشف حين أَشهق : دَثِّريني
دثِّريني !
هي : ليس حُباً ما تقول
هو : ليس حباً ما أَقول
هي : هل شعرتَ برغبة في أن تعيش
الموت في حضن امرأةْ ؟
هو : كلما اكتمل الغيابُ حضرتُ ..
وانكسر البعيد فعانق الموتُ الحياةَ
وعانَقَتْهُ .. كعاشقين
هي : ثم ماذا ؟
هو : ثم ماذا ؟
هي: واتحَّدتَ بها فلم تعرف يديها
من يديك وأَنتما تتبخَّران كغيمةٍ زرقاءَ
لا تَتَبيَّنان أأنتما جسدان .. أم طيفان
أَمْ ؟
هو : مَنْ هي الأنثى – مجازُ الأرض
فينا ؟ مَنْ هو الذَّكرُ – السماء ؟
هي : هكذا ابتدأت أغاني الحبّ . أَنت إذن
عرفتَ الحب يوماً !
هو : كلما اكتمل الحضورُ ودُجِّن المجهول ..
غبتُ
هي: إنه فصل الشتاء ورُبَّما
أصبحتُ ماضيَكَ المفضَّل في الشتاء
هو : ربما .. فإلى اللقاء
هي : ربما .. فإلى اللقاء !
ثم يخرج من كوخنا الخشبيّ ،
ويمشي ثمانين مترًا إلى
بيتنا الحجريّ هناك على طرف السّهل
سلّم على بيتنا يا غريب .
فناجين قهوتنا لا تزال على حالها , هل تشمّ أصابعنا فوقها ؟
هل تقول لبنتك ذات الجديلة والحاجبين الكثيفين إنّ لها صاحبًا غائبًا ،
يتمنّى زيارتها، لا لشيءٍ ..
ولكن ليدخل مرآتها ويرى سرّه :
كيف كانت تتابع من بعده عمره
بدلاً منه ? سلّم عليها
إذا اتسّع الوقت ..
وبلادُنا , في ليلها الدموي
جوهرةٌ تشعُّ على البعيد
تُضيء خارجَها ,
وأمَّا نحن , داخلها ,
فنزدادُ اختناقا !
لا شيء يعجبني ..
يقول مسافرٌ في الباصِ لا الراديو
ولا صُحُفُ الصباح , ولا القلاعُ على التلال .
أُريد أن أبكي .
يقول السائقُ : انتظرِ الوصولَ إلى المحطَّةِ ,
و ابْكِ وحدك ما استطعتَ
تقول سيّدةٌ : أَنا أَيضاً . أنا لا
شيءَ يُعْجبُني . دَلَلْتُ اُبني على قبري
فأعْجَبَهُ ونامَ ولم يُوَدِّعْني
يقول الجامعيُّ : ولا أَنا لا شيءَ
يعجبني . دَرَسْتُ الأركيولوجيا دون أَن
أَجِدَ الهُوِيَّةَ في الحجارة . هل أنا
حقاً أَنا ؟
ويقول جنديٌّ : أَنا أَيضاً . أَنا لا
شيءَ يُعْجبُني . أُحاصِرُ دائماً شَبَحاً
يُحاصِرُني .
يقولُ السائقُ العصبيُّ : ها نحن
اقتربنا من محطتنا الأخيرة فاستعدوا
للنزول ..
فيصرخون : نريدُ ما بعد المحطَّةِ
فانطلق !
أمَّا أنا فأقولُ : أنزلني هنا . أنا
مثلهم لا شيء يعجبني , ولكني تعبتُ
من السِّفَرْ .
هنالِك مَوتى يُضيئون لَيْل الفَراشات ، مَوْتى
يجيئونَ فَجْرًا لكي يَشْربُوا شايهم مَعَكُم ، هادِئين
كما تَرَكَتْهمْ بنادُقكُم ، فاتركوا يا ضُيوفَ المَكان
مَقاعَد خاليةً للْمُضيفينَ .. كي يَقْرؤوا
عليكُمْ شُروط السّلام مَعَ .. المَيّتين !
يا أبي , هل تعبت ؟ أرى عرقًا في عيونك !
قالت امرأة للسحابة : غطِّي حبيبي
فإنَّ ثيابي مُبَلَّلةٌ بدَمِهْ
إذا لم تَكُنْ مَطَراً يا حبيبي
فكُنْ شجراً
مُشْبَعاً بالخُصُوبةِ ، كُنْ شَجَرا
وإنْ لم تَكُنْ شجراً يا حبيبي
فكُنْ حجراً
مُشْبعاً بالرُطُوبةِ ، كُنْ حَجَرا
وإن لم تَكُنْ حجراً يا حبيبي
فكن قمراً
في منام الحبيبة ، كُنْ قَمرا
هكذا قالت امرأةٌ
لابنها في جنازته .
يا حبُّ ! لا هدفٌ لنا إلا الهزيمةَ في
حروبك .. فانتصرْ أَنت انتصرْ ، واسمعْ
مديحك من ضحاياكَ : انتصر ! سَلِمَتْ
يداك ! وَعدْ إلينا خاسرين .. وسالما !