أكتب الآن لأسبابٍ لا تحصى , لأني : 1- لا أجد شيئاً آخر أفعله وأهلي كلهم مسافرون . 2 – من أجل أمي التي لا تحب خوضي في المواضيع السياسية . 3- لأن شهيتي هذه الأيام منفتحة جداً على الكتابة , لم أترك أحداً لم أكتب له حتى سمير عطالله . 4 – لأن هذا الأسبوع كان مضحكاً وأحداثه كثيرة جداً . 5 – لأني وللمرة الأولى في حياتي حدثّت نسخة المدونة وأود تجربتها . من أين أبدأ ؟ من الكذبات الصغيرة المفاجئة القادمة من غيابات العقل , اللا معنى حقيقي لها ولا مناسبة , وتسوّد لك عيشتك ؟ أعتقد أنها البداية المثالية ؛ كل الناس تعلم أني أفشل الناس بالكذب لأسبابٍ لا تحصى أيضاً منها : 1 – أني غبي . 2- أن وجهي يحمرّ لما أكذب . 3 – مفضوح دائماً , الأطفال يكتشفون بسهولة أني أكذب من حركات جسمي ! وكما تقول سارة الكذب فن لا تجيده . حدثت القصة يوم الجمعة الماضي , ورغبة أبي الشديدة في أن نذهب إلى المسجد مشياً , لا أدري سبب هذه الرغبة الغريبة , لكن استحيت أن أقول له نذهب بالسيارة أحسن لأن المسجد بعيد , ودائماً الجمعة سبحان الله يكون الجو حاراً وأنا لا أحتمل الشمس ( دلوع صحيح ) . ذهبنا إلى الصلاة باكراً وجلست في الصف الأمامي وجلس أبي بالخلف قليلاً , للأمانة إمام المسجد هذا لا أحبه , الميكروفونات تأتي بأذني مباشرة والأهم أنا لا أفهم تناقضات هذا الشيخ الغريبة – على الرغم من أنه قاضياً معروفاً – كأن يمتدح أخلاق الأوربيين ثم يلعنهم ويلعن الصليبيين واليهود والعلمانيين والليبراليين والرافضة , تستطيعون القول أنه في هذه الخطبة لعن ثلاثة أرباع الأرض , بشكل عام لا أحب اللعانين , بالذات إن جاءت ممن يعتقد أنه من الفئة الناجية وأن الأرض كلها فئة هالكة . بعد انتهاء الصلاة انتظرت قليلاً حتى يخفّ الازدحام عند الباب ثم خرجت لا أنظر لا عن يميني ولا عن يساري ولا تحتي ولا فوقي , عيني فقط على الباب . لبست نعالي وانطلقت مسرعاً إلى البيت . بعد عشرة دقائق رجع أبي غاضباً والسبب أني تركته بالمسجد ولم أرجع معه ! غضب أبي نادر ويأتي دائماً في وقته , قال لي " أحد يترك خويه ويروح " . أعرف أبي إذا زعل مني بشدة لا ينظر في وجهي , كان ينظر لحظتها بعيداً إلى اليمين . بصراحة , لم أعتقد أن الموضوع مهم , هنا جاءت الكذبة السخيفة اللا معنى لها وقلت : انتظرتك ولما طولت رجعت البيت ! قال لي : ما انتظرتني ولا شيء ! قلت بإصرار غبي : إلا انتظرتك عند المظلة والسيارة الفورد . اعتقدت إذا قلت تفاصيل دقيقة يعني سيصدقني ! قال : أنا طلعت وراك على طول وشفتك ماشي وجلست أناديك منصور منصووووور وأنت ولا تلتفت حتى ! هنا أسقط في يدي , يعني لم أتمنى أن تنشق الأرض وتبلعني , لكن شعرت أن حياتي اسودّت فعلاً وأصبح وجهي يؤلمني ! قلت له أنا لا أتحمل الشمس وكنت معصب من الإمام , وهذا عذر قبيح طبعاً ! و لأنه طيّب نسي الموضوع , لكن أنا لم أنسه وطوال الوقت كان يشغلني , وأعرف نفسي إذا توترت أتحدث بشكل مبالغ فيه , مع فنجال القهوة لم أترك موضوعاً في العالم لم أتحدث فيه , وأبي وأمي ينظران إليّ باستغراب شديد , عيشتي اسودت فعلاً . من أحداث هذا الأسبوع المثيرة , أني استخرجت رخصة , نعم , من بعد هالعمر الآن فقط استخرجت رخصة قيادة ! تعلمت القيادة على وانيت أحمر أيام الإبل , كنت حينها بأول متوسط , وإلى الآن لا أدري لماذا تعلمت القيادة على سيارات كبيرة , وانيت أو جمس , لم يتبقى إلا أن أتعلم قيادة شاحنة أيضاً ! المهم كان يوماً عظيماً الذي استخرجت فيه الرخصة , العسكري الذي ركب بجانبي ليتأكد من قيادتي كان متعجباً من الموضوع , سألني كم لك سنة تسوق ؟ فقلت بسرعة 11 سنة ! ولا أدري لماذا خطر هذا الرقم فجأة على بالي , شعرت فقط بأنه رقم يوحي بالصدق ! لكن بعد أن حسبتها طلع فعلاً 11 سنة ! لما توقفنا سألته بسذاجة بشّر ناجح ؟ قال لي : تشوف بعدين . راح أشوف وثائق ويكيليكس مثلاً يالغامض ؟ وعند امتحان الكمبيوتر تعاطف معي العسكري هناك وأدخلني أول الأشخاص , حتى أنه صار يغششني بعض الأسئلة ويقول لي جاوب على هذا السؤال كذا وهذا السؤال كذا , لم اسأله حقيقة نجحت أو لا لأني ببساطة أشاهد إجاباتي على الكمبيوتر لكن لم يفوّت على نفسه الفرصة وبشّرني أني نجحت والحمدلله . وددت أن أضحك بصخب وأقول ياما انتا كريم يارب ! لكن تذكرت وقاري وأن الموضوع لا يستحق , ماذا يعني رخصة قيادة من بعد هالعمر ؟