ماحسيبوا ! ( الجزء 2 والأخير )

ألبس خاتماً مطلياً بالذهب . لا أدري كيف جاءتني الفكرة أول مرة , لكن هي تأملات أخذت مني أياماً طويلة , المرة الأولى حينما نظرت إليه بدقة شعرت أنه لو كان أصفر سيكون أجمل , أخذت هذه الفكرة تكبر برأسي شيئاً فشيئاً وإن كنت في كِلا الأحوال متردداً , بعدها شاهدت فيلم وكان البطل يرتدي خاتماً قريب من شكل خاتمي ولونه أصفر ( يعني ذهب ) هنا بدأت أفكر بجرأة أكبر لما لا أفعلها ؟ لكن التردد لا زال يرافقني , اليوم التالي شاهدت فيلماً آخر وكان البطل يرتدي نسخة خاتمي بالتمام لكن أصفر ( النسخة الذهبية يعني ) فقلت هذه إشارة لأفعلها ! وتذكرت أن بشغ عامغ عبدالظاهغ يلبس خاتماً ذهبياً يشبه خاتمي أيضاً في مسلسل زيزينيا , هنا قلت لا مجال للتردد . لم أصدق الخبر وذهبت من فوري وطليت خاتمي بالذهب بعشرة ريالات بعد المكاسرة , هل تعلمون أني أحسن الناس بالمكاسرة ؟ آخذ الأشياء بسعرها الحقيقي . قالوا لي في البداية ثلاثين ريال قيمة طلي الخاتم , ومن هنا وهنا وهذا الخاتم صغير ياصديق كيف يعني ثلاثين ! حتى وصلت بهم إلى عشرة ريال مع التلميع . لما لبسته صدمت من لونه الغريب , لم أعتد أبداً عليه , وددت أن أرجع إليهم وأطلب منهم إعادة لونه الأصلي لكن الباكستانيون لا يحتملون مثل هذه الأشياء , رجعت إلى البيت وأخذت أفركه بالصابون حتى يعود لونه لكن لا فائدة , هنا احتسبت أمري إلى الله وقلت سأنتظر .. مصيره يبهت . الحقيقة الأيام التي انتظرت فيها بدأت أحب لونه الجديد وكما توقعت صار أجمل , المشكلة فقط هي خجلي من أن أريه أحداً , حتى لما أصلي كنت أضعه في جيبي حتى لا يراه أحد . وكما هي الأشياء تأتي بالتدريج دائماً بدأت أعتاد على لونه ولا استحي أن يراني أحداً ألبسه . تقريباً كل من رآه أعجبه , وكلهم يسألوني عنه , عمي الكبير سألني هذا نحاس ؟ مع أني استغربت هذا السؤال لأن النحاس يميل لونه إلى الأحمر وهذا ذهب ياجماعة ! جرح قلبي بسؤاله هذا . فقلت له بفم ملوي : ذهب . فأعجبه وقال أعتقد أن الأمير سلطان يلبس واحداً يشبهه . هنا التئم جرح قلبي . ذهبت إلى محل ورآه البائع المصري الذي استغرب شكل الخاتم وسألني : هوا ده زهب ؟ قلت له : أيوه زهب ولم يعد هاهاها . فقال : حرام ماينفعش , بصراحة استحيت ولم أرد عليه . ثم أكمل : مش حضرتك مسلم والا إيه برضو ؟ فقلت له : لا , أنا إيه برضو هاهاها . فغضب الرجل وسألني : طيب عايز إيه ! وأنا بدوري غضبت أيضاً وقلت مش عاوز حاقة وخرجت ولم أعد . لكن السؤال الذكي كان من السيد ميم الذي سألني هذا ذهب وإلا مطلي ؟ ويغمز لي بعينه أنه لا داعي لتخبي عليّ ! فأقول له ذهب . ويستغرب : أما عاد ! فأتذكر وكيل مدرستي قديماً صديقي الأستاذ حمزة الذي كلما أقول له أما عاد يردّ علي بلا أما عاد بلا أما ثمود روح صفك بس . فقلتها بطبيعة الحال للسيد ميم . السيد ميم الذي من أخبرته من ثلاثة أيام أني لم أعد أشاهد التلفزيون أصبح يخبرني بكل الأحداث الجديدة أولاً بأول , ويقول لي هناك أشياء تفوتك , كالرجل الذي يحمل يافطة كبيرة ويكتب عليها : ما حسيبوا ! فعلاً هذه أشياء لا تفوّت . وبسبب ما يحدث بمصر اتصلت بصديقي زكي , هل تذكرونه ؟ لو كان بيدي رشحت هذا الرجل إلى الأوسكار , أعتبره ملك الدراما , بمجرد أن قلت ألو رد علي إنتا فيييينك يا دكتور . قلت له عرفتني ؟ فقال أيوه يادكتور منصور ازاي ما اعرفكش ! ودي تيجي ؟ . أنا طبعاً لست دكتوراً بأي حال من الأحوال , ودائماً أطلب منه أن لا يناديني بدكتور , لكنها كانت تهون حينما يعرّف بي في أي مكان نذهب إليه ويقول : ده الدكتور المفكر الكبير الاستاز منصور !! المهم سألته ازيك يازكي ؟ فردّ علي بحشرجة : دول وضعوا السيف على رقبتي ! قلت باستغراب شديد مين ؟ فقال لا أدري , هو كلو بقى فكلو ! معرفش مين مع مين والا مين ضد مين , قلت له : طيب يعني اللي حط السيف على رقبة حضرتك هو من بلطجية الحزب الحاكم والا حد ثاني ؟ قالي : أما واللهي أنتا جبتها , ازاي مافكرتش ببلطجية الحزب الحاكم ؟ أيوه يا دكتور منصور هما هما اللي عملوا فيني كده , أنا بئيت أبكي ! وتشهدت قلت لا إله الا الله , كنت حمووووت واللهي يادكتور منصور . فقلت له : يله الحمدلله عالسلامة , بس إنتا مش لازم تسكت ! لازم تنتقم . فقال : انتقم ازاي من أولاد ( .. ) دول ! قلت : ارفع قضية مثلاً عالحزب الحاكم ! قال بفرح : اي والله إنتا جبتها , دلوقتي حأكلم صديق محامي كبير يشوف لي المسألة . قلت له : ابقى طمني بأه ! ثم تحدثنا قليلاً عن الأحداث والذكريات , أردت أن أقول له أنا دلوقتي بقى عندي رخصة يازكي , وعليها شعار دول مجلس التعاون بعد ! لكن شعرت أنه لن يفهم الموضوع جيداً وأهميته بالنسبة لي . أو يعمل هيصة كبيرة أكبر من حجم الموضوع , كما كان يجعل مني مفكراً كبيراً قرأ عشرة الآف كتاب .

2 تعليقان to “ماحسيبوا ! ( الجزء 2 والأخير )”

  1. يقول نوران:

    ههههه
    حبيت .
    لماذا لا تضيف like لمدونتك أيها الدكتور المفكر الكبير الاستاز منصور ؟

  2. يقول Lament:

    أهلاً نوران ,

    والله المفكر الكبير مايعرف يسوي هالأشياء ! اللي يعرفني زين يعرف إني فاشل بأي شيء فيه تقنية .. برأسي اشياء كثيرة اسويها لكن ما أعرف كيف : ( والأكيد ماعندي أي رغبة إني أتعلم بعد D:

    شكراً لك (f)

Leave a Reply

*
To prove you're a person (not a spam script), type the security word shown in the picture. Click on the picture to hear an audio file of the word.
Anti-spam image