أُنظر إليّ ؛ قدمي مبتورة , لا يهمك أن تعرف كيف حصل ذلك ومتى , لازلت طفلاً وأنسى ذلك , لكن أمامي عُمراً طويلاً لأتذكره كل ليلة . أُنظر إليّ ؛ أقف أمام بائع الخضروات فيعطيني حبة طماطم , دائماً ماتكون الطماطم فاسدة , لئيم هذا البائع ومحله مليئ بالذباب , أقف بعيداً ويعتقد أني أشعر بالخجل , لا يعلم أني أهرب من غابة الذباب في دكّانه . أُنظر إليّ ؛ أقف أمام الدكان فيسألني البائع ماذا أشتهي , أهز له بكتفي , أي شيء . فيعطيني عصيراً وشيبس , أحب " ليز " تحديداً , لكن لم يحصل أن أعطاني منها يوماً , لئيم هذا البائع أيضاً , يبحثون عن الأرخص ليتصدقوا به عليّ . هم يعتقدون أني لا أفهم مايفكرون به , لكن صدقني .. أفهم كل مايدور في عقولهم , هم السذّج ولست أنا . أن تكون رجلي مبتورة ليس معنى ذلك أن جزءً من عقلي مبتور أيضاً , هل تفهم عليّ ؟ أعتقد بأنك تفهم . دعني أكمل لك ؛ أقف أمام باب المسجد لأشرب من ماء السبيل المرّ الطعم والمليء بالجراثيم فيراني أحد المحسنين ويعطيني مالاً . لا تتعدى عملة واحدة , ما أشد لؤمهم هؤلاء المحسنين , لم يزد أحدهم يوماً عن عملة واحدة . أتمنى أن أقذفها في وجوههم , لكنّي أحتاجها , أُنظر إليّ , أنا يتيم وقدمي مبتورة وأحتاج أن يحسن عليّ الناس , أتمنى أن يعطيني أحدهم مئة أو مئتان , تخيل معي رجلاً بائساً يفعلها . هل تعلم متى قد يحصل ذلك ؟ لو كان هذا الرجل سبباً في بتر ساق طفل , سينظر إليّ ويعطيني مئة أو مئتان لأنه يشعر بالذنب . أُنظر إليّ ؛ أقف أمام النجّار ويقول لي سأصنع لك عكازاً , أنت لا تعلم أني كنت أسير بحديدة أضعها تحت يدي , أُنظر أسفل يدي المشوّه , أخبرني النجّار أنه لا يستطيع صنعه اليوم , فصُنع العكّاز يأخذ وقتاً , سألته هل ستأخذ مقاساتي الآن ؟ نظر إليّ وقال أنا لست ترزياً , أنا نجّار وأستطيع صنع عكّاز مناسب بمجرد النظر إليك . وبالغد صنع لي عكازاً أطول منيّ , لئيم هذا النجار . ومقاسات عمله دائماً خاطئة . كنت أعلم أنك تنظر إليّ كل يوم , أجلسُ على الرصيف وأنتظر أن تفتح النافذة وبيدك الكوب الأزرق , كنت أقول لأصدقائي مبتوري القدم هذا سيكون صديقي الوحيد ذو القدمين , أحب كوبك الأزرق , هل كنت تفتح النافذة في هذا الوقت بالذات كل يوم من أجل أن تنظر إليّ ؟ أنا أيضاً كنت أجلس في هذا الوقت لأراك , أشعر أن روحينا متشابهتين , كلاهما مبتورتان , لكن .. هل ستجعلني أشرب من كوبك الأزرق ؟