Archive for ديسمبر, 2011
” إن يَمْسَسكُمْ قَرحٌ ..
الجمعة, ديسمبر 30th, 2011جارة القمر ,
الأربعاء, ديسمبر 28th, 2011
كل عام تطل علينا فيروز، بغير ما تطل علينا كل يوم. تطل بحضورها المسرحي، وخفرها التاريخي، وفستانها الطويل إلى الأرض، وعينيها اللتين تحدقان في السقف والعلو لكي لا تواجها ولع الجمهور، وصورتها الطفولية، وهالتها الغامضة، وذلك الضوء على جبينها الحزين، تأكيدا لانعكاس أغانيها الأولى: هي والقمر، جيران .
يدخل المرء إلى مسرح فيروز، وقلبه على الوقت. سوف تتضاعف سرعة الزوال. ولا نعرف أين نحن وأين تضعنا فيروز: في شبابنا أم في حسرتنا على انقضائه؟ في الحب الذي كان أم في الحب الذي لم يكن؟ «في عندي حنين، ما بعرف لمين». تغني فيروز، وعيناها الواسعتان في السقف .
أشعرتنا أم كلثوم جميعا، حكاما وزعماء وشعراء وبسطاء ومتعمشقين على جدران مسرحها، أنها سيدتنا. مهما استخف بنا الطرب وحلق بنا الهيام ومرجح بنا النغم، أن التي تؤرجحنا، هي الست، هي سيدتنا. من فرح أو طرب أو نشوة، لكن إياك أن تنسى أن صاحبة المنديل، الواقفة في الأعلى، هي الست، ومن حولها مخلصوها الكهول ذوو النظارات السميكة، ورابطات العنق الرفيعة من أيام التخت الشرقي الأول. لا تنخدع. هؤلاء هم حرس هالتها وصورتها في ذاكرتك وفي روحك .
فيروز، لا. فيروز، منذ البداية، كانت رفيقتنا. امرأة بسيطة ومؤنسة، تحزن مثلنا وتخفق مثلنا، وعندما يعوزها الشعر تقول: «شايف البحر شو كبير، قد البحر بحبك. شايف السما شو بعيدة، بعد السما بحبك». وعليك أن تصدق نفسك وتصدقها. فأنت مثلها ضعيف وليس لك سوى أغانيها. يا لها، أغانيها، من كنز مشاعري جميل. مثل بلبل يبرد خاطرك ويمضي. ولا يمضي قبل أن يبرد خاطرك .
الست، من فوق، تهدّ عليك وهي تشد على منديلها: «ما تصبرنيش، ده خلاص، أنا فاض بيَّ ومليت». تنادي على ظالمها وتعذّره. وتغني القصيدة لكي تهدر، من كان مثلي لا يذاع له سر. الست هي التي صنعت شعراءها، وهي التي هذبت وأدبت وعدلت ألحان موسيقييها. ولولا محمد عبد الوهاب لما عرف الغيتار المجنون حرمة الشرق في أغانيها. أبقت الجميع غرباء عنها، خلف السور .
فيروز، زوجة وأما، وجدت نفسها في عائلة عبقرية تكتب الفصيح والعامي والمسرح وتلحن أجمل الألحان والموشحات: «يا شادي الألحان، آه يا للالي». وفي المسرحيات ليست هي الست، بل هي البنت المسكينة بياعة البندورة. أو هي «عفريتة» محطة القطار الخيالية. ودائما هي فيروز، أجمل ما رافق عمرنا من شجن .
سمير عطا الله
Rhinoceros !
الأحد, ديسمبر 25th, 2011
رجل يحب امرأة من زمن آخر . " أرى لوحة ! " يقول مان راي بثقة كمن وجدها .
" أرى فيلم ! " يقول لويس بونويل , بغضب , كأنها لا تكون إلا فيلماً .
" أرى مشكلة لا حلّ لها " الرجل الذي يحب امرأة من زمن آخر , يقولها ويتحسّر .
" أرى وحيد قرن " ؛ سلفادور دالي يصف القضية بذكاء .
أنا مهووس , أشاهد ذات الفيلم لمرتين متتاليتين ! لم أفعلها أبداً في حياتي . كلنا نشاهد أفلام تعجبنا مرات كثيرة . لكن أن أشاهد نفس الفيلم مرتين على التوالي لم تحدث معي من قبل . يمكن لأنه فيلم مجنون هو الآخر , أعشق وودي آلن وأفلامه وموسيقاه وقصصه القصيرة في النيويوركر والبلاي بوي ( نشر أجمل قصصه في مجلة البلاي بوي ) . قرأت بالتأكيد لسكوت فيتزجيرالد وهمينغواي , وشاهدت لوحات بيكاسو وسلفادور دالي , لكن أن أشاهدهم على طبيعتهم ( الغير عادية ) لن تشعر بذلك مهما قرأت آلاف الكتب عنهم , ستراهم حقيقة حين تشاهد هذا الفيلم المذهل . همينغواي الذي يريد أن يقاتل أي أحد , دالي المهووس بإسمه و بوحيد القرن , بيكاسو المتملك والغاضب على الدوام , غوغان المتعجرف , سكوت فيتزجيرالد الجنتل مان الذي يحب زيلدا بطريقة مربكة ومحيّرة . مهما قرأت عنهم لا يمكن أن تقع على شخصياتهم الغنية بالشكل الذي صورّه وودي آلن . كيف لك أن تجمع كل شخصيات هذه الفترة الذهبية بقاماتها الطويلة بفيلم واحد ؟ بقصة مترابطة وحبكة مذهلة ؟ ثم تصوّر هذه الشخصيات من جانبها الخفيّ الذي لا نراه , بقوتها المفرطة وغرورها الفج وإنسانيتها المميزة . فيلم لا أعتقد أني سأملّ من مشاهدته على الدوام , وبالتأكيد سيكون في قائمتي لأهم عشرة أفلام شاهدتها في حياتي . شكراً وودي آلن على هذا الفيلم الرائع .
بوسطجية !
السبت, ديسمبر 17th, 2011
قلبي يرفرف . للمرة الأولى في حياتي أفتح صندوق البريد الخاص بي وأجد شيئاً . كنت أذهب إلى البريد كل أسبوع أملاً في أن أجد حتى ورقة بالخطأ ويخيب ظني . أحب البريد , أحب أن فيه الانتظار والترقب والأماني ونشوة الوصول . في هذا الشهر بدأتُ أشياءً كثيرة دفعةً واحدة , استخرجت بطاقة ماستركارد لأستخدمها في مشتريات الانترنت , اشتركت بصندوق بريد , وطلبت للمرة الأولى من موقع الكتروني . لم أترك موقعاً لم أتصفحه , نيل وفرات وأمازون ومواقع الملابس والأجهزة الالكترونية ولم أجد فيها الذي قد أصرخ أني أريده ! حتى وقعت مصادفة على هذا الموقع الذي يأتيك على واجهته أنه يوصل الطلبات إلى أي مكان في العالم مجاناً : ) على عكس موقع أمازون الذي يطلب منك عنوان بريد أميركي توفره لك شركة أرامكس ( لا أدري الطريقة تحديداً ) ؛ أو موقع نيل وفرات الذي يأخذ منك رسوم الشحن ضعف سعر الكتاب ! بالطبع مهمة مسألة السعر , ما الفائدة من شراء كتب تساوي 100 ريال وأدفع 150 ريال سعر الشحن ؟ هذا الموقع على الرغم من أنه يرسلها من المملكة المتحدة وبفترة قياسية لا يأخذ منكم أي رسوم للشحن . طلبت كتابين منهم على سبيل التجربة , لأني لم أسمع عن أحدٍ من قبل أن قام بالشراء منهم . وهاهي قد وصلت . هذا الموقع سيكون جنتّي منذ اليوم .
* شكرًا لمن أجبرني على تدوين هذه التجربة : )
نيرودا
الخميس, ديسمبر 15th, 2011 " أنا أكتب للشعب ,
برغم كونه لا يستطيع بأعينه الهلكى
أن يقرأ أشعاري .
ولكن ستأتي اللحظة التي يبلغ فيها أسماعه
سطر هو الريح التي تزلزل حياتي
وعندئذ ، سيرفع الفلاح الطيب عينيه ,
وسيبتسم العامل وهو يحطم الأحجار
وسيغسل حامل المجرفة جبينه ,
وسيتملى الصياد ألقاً نابضاً من
السمكة التي ستحرق يديه !
والميكانيكي المستحم بعطر الصابون
سيرنو إلى قصائدي ،
وربما قالوا جميعاً :
لقد كان رفيقاً لنا .
هذا يكفيني
إنه التاج الذي أشتهي !
أريد أن يتحد شعري بالأرض
وأن ينصهر بالهواء ، بانتصار
الإنسان المهان "