حينما رأيته للمرة الأولى قلت في قلبي أريد أن أكون مثله , أن أملك وسامته , أناقته , ابتسامته , طريقته في الحديث , لم أكن أعي معنى الشِعر في حينها وإلا قلت أن أكتب مثله . لا أذكر من هذه المرة الأولى التي شاهدته فيها في برنامج خليك بالبيت إلا مشهدين ؛ الأول الصور التي تأتي بعد الفاصل الإعلاني وظهر فيها سعود بن عبدالله مرتدياً بدلة سوداء أنيقة , ويلتفت إلى اليسار وشعره مصفف إلى الخلف بطريقة مرتبة للغاية ( هل تتذكرون هذا المشهد ؟ ) كان أكثر الرجال أناقة رأيتهم في حياتي , لا أدري إن كان مضحكاً أن أتحدث عن رجل بهذه الطريقة؟ لم أفعل ذلك من قبل , لكن أنا أشعر أن الأمر مع سعود مختلف . هناك كثير من الأمراء الشعراء , بعضهم يملك وسامة لا بأس بها , لكن قطعاً ليس هناك من يشبه سعود , باختصار هو صورة كاملة لما قد يخطر في بالك عن الأمير . المشهد الثاني كان سؤال زاهي وهبي له عن مشاركته في حرب الخليج وإجابته التي رأيتها مضحكة : ذهابه إلى قائد الجيش وطلبه أن يكون في الجبهة الأمامية ( على خط النار ) كما قال واستغراب القائد من طلبه وأنه يستطيع أن يشارك في الحرب لكن في مكان آخر غير الجبهة وإصرار سعود على المشاركة في هذا الموقع . شعرت أنها بروبغاندا لتكتمل بالأذهان صورة الأمير الفارس . لكن قبل قليل شاهدت ألبوم صوره , توقفت بشكل خاص عند صور حرب الخليج , بلباسه العسكري الذي يبدو مضحكاً عليه , ابتسامته التي لا تفارقه , دائماً سعود لا تفارقه ابتسامته , في كل الصور يبدو الآخرين بغاية الجدية باستثناءه هو أجده يضحك ! أنا أيضاً لا أضحك بالصور وأغصب ابتسامتي غصباً . أما سعود فيظهر على دبابة ضاحكاً , يركض هو وأحد الأمراء الضباط ضاحكاً والآخر يجبر نفسه على الابتسام حتى يبدو سعيداً بالانتصار المتعب , طفل هذا الرجل ويحب أن يبدو سعيداً . لذلك أنا أنحاز إليه دائماً , أجزم أنه سعيد في حياته لكن يرسم الحزن جيداً , لدينا نفس المزاج الجنائزي بالكتابة ! ولدينا ذات العينان اللتان تريان الناس جميعاً طيبين . في أمسية الرياض يقول عن الشعراء أنهم أصدقاء ويحبون بعضهم بعضاً لأنه لا مكان للحسد بينهم كما تجد في مجتمع الفنانين , ولا يعلم أن الحسد كله يكمن بالشعراء , يحسدون الناس على ما آتاهم الله وعلى ما لم يؤتهم أيضاً . استغرب كيف يوازن بين هذه الطيبة وبين كونه أمير على ما يترتب عن ذلك من اختلاف كل شيء . كانت التسعينات فترة نميمة الرياض بامتياز , أبطالها بالتأكيد هم الأمراء , نسمع عن مغامراتهم العاطفية , قتالهم على امرأة , القصائد الغاضبة المتبادلة بينهم , كنت صغيراً بالطبع لكن أعرف الكثير مما يتحدثون به أمامي , الغريب أن سعود بن عبدالله الوحيد الذي لم أسمع أي حديث مسيء عنه , على الرغم من مشاركة أمراء معروفين جداً بهذه المغامرات , حتى لو كانت مجرد ( تذبيل عيون ) بمقاهي باريس , أو زواج شاعر كل شهر من امرأة جديدة حتى اكتفى بصديقة بناته . لم أسمع عن سعود بن عبدالله أن شارك بهذه الدناءات على الرغم من أن وسامته باعتقادي تفوقهم جميعاً . لعله كان يكتفي بمزاجه الجنائزي وابتسامته أمام كل كاميرا يواجهها . لا يعلم سعود أني أحبه , من عشرة سنين وأنا أحبه , أنساه كثيراً لكن لم أمرّ يوماً عليه إلا وأبتسم .. وأتمنى لو أشبهه .
وداع وكلمة التوديع آسف
وإذا باقي لكم غدر اعذروني !
حبيب الكذب , فيني الصدق حالف
أموت الصادق اللي تعرفوني
سألتك هو بقى للناي عازف ؟
يغني للحزن مرة بدوني ؟