وحباً لأنك أهلٌ لذاك.

مارس 22nd, 2013

عرَفْتُ الهَوى مُذ عَرَفْتُ هواك

وأغْلَقْتُ قَلْبي عَلىٰ مَنْ عَاداكْ

رابعة

Bonjour Paris

مارس 13th, 2013

Sinnerman

مارس 4th, 2013

I said, Rock, what’s a matter with you rock?
Don’t you see I need you, rock?
Lord, Lord, Lord.

ميلان.

مارس 2nd, 2013

(13-14)

لا أعرف إسمها, ولم أفكر بسؤالها عنه. فقط كنت أناديها سنيورا. في اليوم الأول استيقظت متأخراً لأني لم أصل إليهم سوا في الساعة الواحدة فجراً, بسبب ما حدث لي في مطار أمستردام, حيث قام موظفو الهجرة بالتحقيق معي لمدة أربع ساعات بسبب الفيزا, لأن هناك سؤالاً وجودياً حيّرهم: "لماذا استخرجت الفيزا من السفارة الألمانية وأنت ذاهب إلى ميلانو أولاً؟" كان هذا من أسخف المواقف التي مررت بها في حياتي, على أية حال سمحوا لي بالمرور وحجزوا لي على رحلة آخر الليل المتجهة إلى ميلانو. الفرق بين الهولنديين والإيطاليين هو كالتالي: الهولنديون يسألوني عن سبب ذهابي لميلانو وأقول لهم لأحتفل بعيد ميلادي, ولمدة ثلاث ساعات يتسائلون عن هذا الأمر, لم يتركوا سؤالاً في العالم لم يسألوني عنه ورغم ذلك يقول أحدهم لي انت تكذب, توقف عن الكذب حتى ننتهي من هذا الأمر. لم يتوقف كل هذا الهراء إلا حينما قلت لهم اتصلوا الآن على سفارتي ليحضر معي أحد التحقيق لأن الموضوع بدأ يطول أكثر من اللازم ولن أسمح لهذه الوقاحة أن تستمر, بعدها جاء ضابط كبير وأنهى كل شيء بنصف ساعة وسمح لي بالذهاب. أما الإيطاليين فمن شدة تعبي ذاك اليوم مررت بجانب الجمارك مسرعاً ولم أنتبه حتى ناداني ضابط وقال لي هيه هيه سنيوري ألا تشاهد هذه اللوحة؟ وأشار إلى لوحة الجمارك فوق رأسه, قلت له أعذرني لم أنتبه, سألني ماذا معك في الشنطة؟ قلت له ملابس فقط, سألني هل تسمح لي بأن أرى؟ فتحتها له ونظر قليلاً ثم أغلقها بنفسه. سألني بعدها ماذا تريد أن تفعل في ميلانو؟ قلت له أريد أن أحتفل بعيد ميلادي لكن يبدو أن الوقت قد فاتني, تجمّع الضباط ونظروا إلى تاريخ ميلادي في الجواز وصرخوا صحيح صحيح إنه عيد ميلاد السنيور وبدأو بالتصفيق لي! كان تعب الدنيا كله بي قبل تلك اللحظة, ثم سعادة الدنيا كلها عادت لي. أخذت تاكسي والحمدلله أني كتبت عنوان السيدة التي سأسكن عندها "روزأنجيلا" على دفتري البنيّ الصغير, لأن بطارية هاتفي نفدت والهولنديون لم يعطوني شاحن آيفون. على أية حال وجدت روزأنجيلا في إنتظاري وبدأنا نشتم الهولنديين سوية لمدة عشر دقائق ثم أخذتني إلى الغرفة الجميلة التي سأسكنها. كل شيء في هذا البيت يبعث على الراحة. لم يطل بي الأمر حتى نمت طويلاً واستيقظت في العاشرة صباحاً, وجدت العجوز تنتظرني بتململ لم تبذل أي جهد في إخفاءه. سألتني لماذا استيقظت متأخراً؟ قلت لها لم أصل إلى ميلانو إلا متأخراً. أعدت لي القهوة والفطور, كانت قهوة لم أذق مثلها في حياتي من قبل. سألتني عن اسمي وهل أنا فرنسي؟ قلت لا, قالت هذا أفضل لأني أكره الفرنسيين. ثم سألتني أنت تركي؟ قلت لا. قالت من أين أنت؟ قلت أرابيا سآودتيا. حركت يدها ونفخت بفمها بصوت مضحك وقالت لا أعرف أين. ضحكت أنا أيضاً. انتظرت قليلاً ثم سألتني أين هذا البلد الذي قلت عنه؟ في أفريقيا؟ أردت أن أقول في الكاريبي لكن ربما تأثر هذه المعلومة عليها كامل حياتها, قلت لها تعرفين دبي؟ قالت أوه أوه دبي أعرفها, قلت أنا من هناك. بعد أن أنتهيت من كل شيء لبست ملابسي وأنا خارج صرخت السنيورا قائلةً أوه بيلّيسمو منسورو! وقبلّت خدي. عدت بعد المغرب وجدتها جالسة تتابع التلفزيون قالت لي تعال أجلس بجانبي, شاهدنا برنامجاً يتحدث عن كارلا بروني, المذيع الإيطالي نطق اسمها بالطريقة الفرنسية ولم تتمالك العجوز نفسها بالضحك. وبدأت تكررها, كارلا برونييي برونييي برونيي وتضحك بصخب وتقول الفرنسيين أكرههم بشدة لأنهم أغبياء.

 

 

في الصباح التالي نمت طويلاً كالعادة, دخلت إلى المطبخ وسخنّت القهوة كما علمتني بالأمس, كانت تقرأ الجريدة بالعدسة المكبرة ولم تنتبه لي إلا بسبب حركة القط مانغو, رمت الجريدة جانباً ووضعت العدسة فوقها وجاءت لي وهي تتمتم بكلمات لا أدري ماهي ثم وقفت مقابلي و صرخت بوجهي لماذا أنت تنام كثيراً؟ كل السياح الذين يأتون إلى ميلانو يستيقظون من السادسة صباحاً, يجب أن تتعلم كيف تكون سائحاً حقيقياً, تفوتك أشياء كثيرة بسبب نومك هذا, هناك أشياء لا يمكن أن تشاهدها إلا في الصباح فقط. قلت لها سنيورا أنا بامبينو (طفل) أنام كثيراً. توقفت العجوز عن الكلام لدقيقة وبدأت بتأمل وجهي وأنا أشرب فنجان القهوة وقالت أوه برافو برافو, بيليسمو منسورو! بيليسمو بامبينو منسورو.. ومسحت على رأسي بحنان الجدّة. أحببتها, أحبت كل من في هذا البيت. أحببت هذه المدينة, قلت في قلبي سأقضي يوماً ما كامل حياتي هنا في بلد الألوان هذا.

(15)

كانت ليلة شديدة البرودة, الثلوج تملأ طرقات ميلانو. كان الحماس يغمرني لمشاهدة مباراة ميلان وبارما, هذه المرة الأولى التي أشاهد فيها مباراة لفريقي الذي أعشقه منذ الصغر. ذهبت قبل المباراة بساعتين ونصف, كانت البوابات مغقلة, لكن الأمن أخبروني أنهم سيبدأون بفتحها بعد نصف ساعة, قبل الموعد المحدد أدخلوني, الإيطاليون آخر همومهم الإلتزام بأي قانون. الملعب كبير جداً وجميل من الخارج, لكن ممراته الداخلية مريعة. بدأت بالبحث عن كرسيي وشاهد حيرتي أحد الباعة الجوالين في الملعب, قال لي " أقعد بأي مكان محدش حيقولك حاقة" جميع الباعة في الملعب مصريين. قلت له لا, أريد أن أجلس في كرسيي, رد عليّ "طيب عاوز كوكا"؟ كوكا! كنت على وشك أن أسبه لأنه غبي لكن قلت هذا أحد أسعد أيامي ولا أريد أن يشوهه أي شيء. وجدت كرسيي وجلست فيه, كان الملعب خاوياً سوى من بعض الأشخاص الذين بدأو يتوافدون. كنت أجلس وحيداً في المدرج البرتقاليّ, أتأمل فقط أرضية الملعب العشبية و باقي المدرجات. بعد دقائق بدأو بعرض أهداف فريق ميلان كامل الموسم, كان هذا أحد أسوأ مواسم ميلان على الإطلاق, انهزموا في أغلب مباراياتهم, قال الجميع أنه انهار إلى الأبد, وأنه ربما سينزل إلى الدرجة الثانية. كنت أتذكر تلك اللحظات حينما كان ترتيبه السابع عشر من أصل عشرين فريقاً يلعبون بالدرجة الأولى, كنتُ أتذكر لحظات انكسار قلبي وأنا أشاهده ينهزم مرةً تلو المرة. لكن لم يتوقف إيماني به, لم أشعر أني أكرهه, على العكس تماماً شعرت بأن هذه هي اللحظة الحقيقية التي يجب عليّ فيها أن أحبه أكثر. كنت أنظر إلى الشاشة الكبيرة وأشاهد جميع الأهداف التي شاهدتها يوماً ما في منزلي, كنت أحفظها عن ظهر حب, كنت أركز النظر في وجوه اللاعبين و للمرة الأولى أشاهد فيها الحزن يملأهم, كانت وجوههم حزينة جداً وتقول نحن أفضل من هذا. ومع الأهداف كانت هناك أغنية مؤثرة, في هذه اللحظة لم أتمالك نفسي وبدأت بالبكاء. كانت لحظة عاطفية كبيرة, لا أذكر آخر مرة بكيت فيها من قلبي, ربما حينما توفي جدي رحمه الله. لكني لم أجبر نفسي على التوقف, أردت أن أبكي أكثر و أكثر, كان شعوري حينها صافياً, كأنه الماء الذي انبجس من الصخر. عرفت حينها أن الإيمان ربما هو أعظم ما تملكه النفس. انتصرنا في هذه المباراة وصرخت مع الجماهير طوال الوقت, في الملعب ونحن خارجون, وقفزت معهم وهم يقولون من لا يقفز فهو نيراتزوري (لون الأعداء), كنا نغني طوال الطريق. حينما عدت إلى البيت وجدت روزأنجيلا في انتظاري سألتَني هل فزنا؟ لكن وجهي أجاب قبل أن أجيب بكلماتي, وبدأت تصرخ بسعادة هي أيضاً. في الصباح سألتني أمها العجوز هل فزنا؟ نعم نعم سنيورا نونّا فزنا وسنفوز دائماً بكل شيء لأننا الأعظم صح؟

فبراير 12th, 2013
{سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }
الرعد الآيات 10-11

يحشرُ العاشقونَ تحتَ لوائي.. وجميعُ المِلاحِ تحتَ لِواكا

فبراير 4th, 2013

تهْ دلالاً فأنتَ أهلٌ لذاكا.. وتَحكّمْ، فالحُسْنُ قد أعطاكَا / ولكَ الأمرُ فاقضِ ما أنتَ قاضٍ.. فعلّيّ الجمالُ قدْ ولاّكا / وتلافي إنْ كانَ فيهِ ائتلافي.. بِكَ، عَجّلْ بِهِ، جُعِلْتُ فِداكا! / وبما شئتَ في هواكَ اختبرني.. فاختياري ماكانَ فيهِ رضاكا / فعلى كلِّ حالةٍ أنتَ مني.. بي أولى إذْ لمْ أكنْ لولاكا / وكفّاني عِزّاً، بِحُبّكَ، ذُلّي، .. وخُضوعي، ولستُ مِن أكْفاكا / وإذا ما إليكَ، بالوَصلِ، عزّتْ.. نِسْبتي، عِزّةً، وَصحّ وَلاكا / فاتهامي بالحبِّ حسبي وأنّي.. بينَ قومي أعدُّ منْ قتلاكا / لكَ في الحيِّ هالكٌ بكَ حيٌّ.. في سَبيلِ الهَوى اسْتَلَذّ الهَلاكا / عَبْدٌ رِقٍّ، مارَقّ يَوْماً لعَتْقٍ، .. لوْ تَخَلّيْتَ عَنْهُ ما خَلاّكا / بِجمالٍ حَجَبْتَهُ بِجلالٍ.. هامَ واستعذبَ العذابَ هناكا / وإذا ما أمْنُ الرّجا مِنْهُ أدْنَا.. كَ فعنهُ خوفُ الحجي أقصاكا / فبإقدامِ رغبةٍ حينَ يغشا.. كَ، بإحْجامِ رَهبَةٍ يخْشاكا / ذابَ قلبي فأذنْ لهُ يتمنَّا.. كَ وفيهِ بقيَّةٌ برجاكا / أومُرِ الغُمْضَ أنْ يَمُرّ بِجَفني.. فكأنِّي بهِ مطيعاً عصاكا / فَعسَى، في المَنام، يَعْرِضُ لي الوَهْـ.. ـمُ فيوحي سرّاً إليَّ سراكا / وإذا لمْ تنعشْ بروحِ التَّمنِّي.. رمقي واقتضى فناني بقاكا / وَحَمَتْ سُنّةُ الهَوَى سِنَةِ الغُمْـ.. ـضِ جفوني وحرَّمتْ لقياكا / أبقِ لي مقلةً لعلِّي يوماً.. قبلَ موتي أرى بها منْ رآكا / أينَ منِّي مارمتُ هيهاتَ بلْ أيْـ.. ـنَ لَعيْني، بالجَفنِ، لثمُ ثَرَاكا / فَبَشيرِي لَوْ جاءَ مِنْكَ بعَطْفٍ، .. ووُجودي في قَبْضَتي قلْتُ: هاكا / قد كَفى ما جَرى دَماً من جُفونٍ.. بِك، قَرْحَى ، فهَل جَرى ما كَفاكا / فأجِرْ من قِلاكَ، فيك، مُعَنًّى ، قبلَ أنْ يعرفَ الهوى يهواكا / هبكَ أنَّ الَّلاحي نهـاهُ بجهلٍ.. عَنكَ، قل لي:عن وَصَلِهِ من نَهاكا / وإلى عِشْقِكِ الجَمالُ دَعاهُ، .. فإلى هجرهِ ترى منْ دعاكا / أتُرى من أفتاكَ بالصّدّ عَنّي، .. ولِغَيرِي، بالوُدّ، مَن أفتاكا / بانكساري بذلَّتي بخضوعي.. بافتقاري بفاقتي بغناكا / لاتَكِلْني إلى قُوى جَلَدٍ خا.. نَ فإني أصبحتُ منْ ضعفاكا / كُنتَ تَجفو، وكانَ لي بعضُ صَبرٍ، .. أحسنَ اللهُ في اصطباري عزاكا / كم صُدوداً، عَسَاكَ تَرْحمُ شكْوا.. يَ ولوْ باستماعِ قولي عساكا / شَنّعَ المُرْجِفُونَ عنكَ بهَجرِي.. وأشاعوا أني سلوتُ هواكا / ما بأحشائِهِمْ عَشِقْتُ، فأسْلُو عنكَ.. يوماً دعْ يهجروا حاشاكا / كيفَ أسلو ومقلتي كلَّما لا..حَ بُرَيْقٌ، تَلَفّتَتْ لِلِقَاكا / إنْ تنسَّمتَ تحتَ ضوءِ لئامِ .. أوْ تنسَّمتُ الرِّيحَ منْ أنباكا / صبتُ نفساً إذْ لاحَ صبحُ ثنايا.. كِ لعيني وفاحَ طيبُ شذاكا / كُلُّ مَن في حِماكَ يَهوَاكَ، لكِن.. أنا وحدي بِكُلّ من في حِماكا / فيكَ مَعْنُى حَلاكَ في عَينِ عَقْلي، .. أُلفِهِ، نحوَ باطِني، ألقاكا / فقتَ أهلَ الجمالِ حسناً وحسنى.. فبِهِمْ فاقةٌ إلى مَعناكا / يحشرُ العاشقونَ تحتَ لوائي.. وجميعُ المِلاحِ تحتَ لِواكا / ما ثنائي عنكَ الضّني فبماذا.. يا مليحَ الدَّلالِ عنِّي ثناكا / لكَ قُرْبٌ مِنّي ببُعدِكَ عنّي.. وحنوٌّ وجدتهُ في جفاكا / علّمَ الشَّوقُ مقلتي سهرَ الَّليْـ.. ـلِ، فصارَتْ، مِنْ غَيرِ نوْم، تراكا / حبّذا ليلَةٌ بها صِدْتُ إسْرا.. كَ وكانَ السُّهادُ لي أشراكا / نابَ بدرُ التَّمامِ طيفَ محيَّا.. كَ لطرفي بيقظتي إذْ حكاكا / فَتراءيتَ في سِواكَ لِعَينٍ.. بكَ قَرّتْ، وما رأيتُ سِواكا / وكذاكَ الخَليلُ قَلّبَ قَبْلي.. طرفهُ حينَ راقبَ الأفلاكا / فالدّياجي لنا بكَ الآنَ غُرٌّ، .. حيثُ أهديثَ لي هدىً منْ ثناكا / ومَتى غِبْتَ ظاهِراً عن عياني، .. ألفهِ نحوَ باطني ألفاكا / أهلُ بدرِ ركبٌ سريتَ بليلٍ.. فيهِ، بل سارَ في نَهارِ ضياكا / واقتِباسُ الأنوارِ مِن ظاهري.. غيرُ عجيبٍ، وباطِني مأواكا / يعبقُ المسكُ حيثما ذكرَ اسمي.. منــذُ ناديتني أقبِّلُ فاكا / ويَضوعُ العَبيرُ في كُلّ نادٍ، و.. هوَ ذكرٌ معبِّرٌ عنْ شذاكا / قالَ لي حسنُ كلِّ شئٍ تجلّى..  بي تَمَلّى! فقُلتُ: قَصدي وراكا / لي حبيبٌ أراكَ فيــهِ معنًّى.. غُرّ غَيري، وفيهِ، مَعنًى، أراكا / إنْ تولَّى على النفوسِ تولّى.. أو تَجَلّى يَستَعبِدُ النُّسّاكا / فيهِ عُوّضتُ عن هُدايَ ضَلالاً، .. ورَشادي غَيّاً، وسِتري انهِتاكا / وحّدَ القَلبُ حُبَّهُ، فالتِفاتي.. لكَ شِرْكٌ، ولا أرى الإشراكا / يا أخا العذلِ في منِ الحسنُ مثلي.. هامَ وجداً بهِ عدمتُ أخاكا / لو رأيتَ الذي سَبانيَ فيهِ.. مِن جَمالٍ، ولن تَراهُ، سَباكا / ومتى لاحَ لي اغتَفَرْتُ سُهادي، .. ولِعَينَيّ قُلْتُ: هذا بِذاكا. 
ابن الفارض

Bella Italia

يناير 16th, 2013

كان كل شيء يسير في إتجاه واحد و ثابت. نظرتُ إلى الوجوه التي اعتدت رؤيتها كل ثلاثاء و أربعاء, باولو و كاميلو الإيطاليان و وليام الفرنسي. سألتنا فيكتوريا أن نتحدث عن أصدقائنا المقربين, أن نصف أشكالهم و شخصياتهم. تحدث باولو عن صديقه بتقديس كأنه راكعاً تلك اللحظة على مذبح كنيسة القيامة. كاميلّو رمى القلم بعصبية وقال ليس عندي صديق مقرب, سألته لا يعقل أن لا يكون لديك صديق! قال أقصد عندي أصدقاء مقربين كثير, أو كما قالها بكلمات لا أنساها وهو يهز يده: I have much beste friendi, بيستّي فريندّي, على عادة الطليان بإضافة حرف علة في آخر كل كلمة بلغتهم. المسكين كاميلو يعاني من مشكلة أن لديه أصدقاء مقربين كثر. نظرنا إلى وليام, قال صديقي very nervous. ذهب فكري بعيداً بعد ذلك, كنت أتحدث و أضحك مع الجميع بإستثناء وليام الذي لم يضحك معنا يوماً أو قال كلمة لطيفة, يأتي صامتاً ويخرج صامتاً, تبدو علامات العصبية ظاهرة عليه, تراها كبثور, أو لكأنها الحاسة السادسة لوجهه, قلت في قلبي وليام المكتئب دائماً والعصبي يقول عن صاحبه أنه نيرفز, كيف يكون إذاً هذا الصديق؟ شعرت بالرهبة, كان كل شيء قبل تلك اللحظة يسير في إتجاه واحد و ثابت, أن أحتفل بعيد ميلادي في باريس "أن أطل من الشرفة على برج إيفل وهو يتلألأ وأفكر أن شعاع أنواره اليوم أقوى من المعتاد. وأقول ربما أضافوا سبع وعشرين لمبة (ولمبة أخرى) هذا اليوم . الأكيد أن هناك شيء ما مختلفاً به, أشعر بهذا. لا أجزم أنه لأجلي فأنا لست لامارتين على أية حال" كان هذا مشهدي المسرحي الذي أتخيله كلما تذكرت عيد ميلادي, لكن بعد تلك اللحظة, بعدما وصف وليام صديقه المقرب أخذتُ أنعطافة كبرى, قررت الذهاب إلى ميلانو, فأنا أريد بداية عمر جديد مع شعب يقدّس الحياة, الرجل الذي لا يضحك فيها غاضب لأن لديه "متش بيستي فريندي". تشاو

يناير 11th, 2013

تتعبني العاطفة, المحبة, أن أتعلق بالأشخاص ثم أتركهم. كان هذا يوماً عاطفياً؛ في منتصف الحصة الثانية جاء مسؤول من الإدارة و أعطاني جدولي الجديد وقال لي إنني انتقلت للمستوى الأعلى, شعرت بألم في قلبي بالذات حينما نظرت إلى أصدقائي الذين أعتدت عليهم طوال الأيام الماضية. يندر أن تجد مجموعة من الأشخاص تتأقلم معهم بسهولة وتشعر أنهم جميعاً قريبون منك, جاء ماخا* من آخر الصف وأخذ جدولي و نظر إليه, هزّ رأسه وقال مانسور! مانسور! وعاد إلى كرسيّه, أخذتْ جدولي جلاديس الفتاة من تشيلي وأخذه منها تاكا الياباني, كلهم نظروا إليه بحسرة ويحاولون أن يجدوا أي مادة مشابهة, ماكوتو الياباني الذي كان يجلس بجانبي قال Masok**, I sad I sad.  كان قلبي حزيناً, والأستاذة تنظر لي بحزن أيضاً وتقول لي منصور يجب أن تبتهج أن تقول هيييييه ليس أن تحزن, حتى أنا سأفتقدك لكن يجب أن تفرح. لكنهم أصحابي ولا أحب أن أتركهم, كيف لي أن أترك ماخا الذي لا أتخيل أحداً بالعالم يضحكني أكثر منه, بمجرد أن يتحدث بأي كلام عادي أضحك, كيف لي أن لا أرى تاكا الذي يشعر بالألفة تجاهي, أستطيع أن أفهمه من دون أن يتحدث, على أية حال لا يستطيع أن يقول أي كلمة بالإنجليزية, يحمل كمبيوتره المحمول ويكتب لي بترجمة غوغل كل ما يود قوله, بالأمس كان جالساً بجانبي وكتب لي أنت يا صديقي :Friendly, Kind, Nice, Honest, Optimistic.  الكلمات التي تعلّمها للتو, لم أجد أحداً أكثر عاطفةً من اليابانيين. درس الأمس كان عن الأوصاف, سألته تاكا, صف لي أمك, كتب لي أمي دافئة. نظرنا إلى أعين بعضنا و كنا على وشك أن نبكي أنا وهو. هؤلاء أصدقائي الذين آخذ أغلب الدروس برفقتهم, هناك من أحضر معهم حصة واحدة في اليوم, مثل إيلدر, الطيار, الذي يأتي برفقة زوجته بارعة الجمال ماريّا غابرييلا, لا يمرّ يوم دون أن أتحدث مع إيلدر, يوماً ما قال لي إن لديه صديق في البرازيل اسمه منصور, سألته هو من أصول لبنانية أو سورية؟ قال لي لا هو برازيلي. شعرت بالأسى على نفسي, حتى هنا أفكر بأصول الناس؟ لكننا نتعلم كثيراً من أبسط الكلمات. هناك باولو وكاميلو من إيطاليا, باولو رجل أعمال ويدرس الإنجليزية لتنفتح له فرص أكثر كما يقول, نتحدث كثيراً عن كرة القدم, عن ميلانو وروما, عن بعض الدول العربية التي زارها, و أضحك عندما يتحدث الإيطالية بلكنة إيطالية, كاميلو الرجل الذي لا يضحك أبداً, ويشعر بالتوتر طوال الوقت. كلهم أحببتهم ولم أرغب أن تأتي اللحظة التي يذهب كلٌ منا لمرحلة أخرى. بعد أن خرجنا من الحصة قاموا كلّهم بإحتضاني, تاكا كان يحاول حفظ هذه الكلمات طوال الحصة ليقولها لي, "إنه سيعمل بجهد أكبر ليلحق بي", ماكوتو قال لي أنا حزين ألف مرة, ماخا لم يقترب مني, لكن حينما خرجت لحق بي وقال لي أنه سينزل الآن للإدارة ليقاتلهم, إما أن تبقى معنا في المستوى أو يأخذوني معك, ثم قال الليلة سأشرب الفودكا بكثرة حتى أنسى هذا اليوم الحزين. قلت له أنا موجود هنا دائماً, قال لكن المشكلة أننا لن نأخذ الدروس سويةً ولن أسمعك تضحك. لكني ضحكت لأجله وخرجت لألحق بالباص الذي سيأخذني لصلاة الجمعة. هذه المرة الأولى التي أصلي فيها الجمعة هنا, لذلك لا أعرف ماهي طريقتهم وماهو الوقت وأي المساجد تصليها. على أية حال ذهبت للمسجد القريب من البيت الذي أسكن فيه, اسمه دار الأمان, دخلت في الساعة الثانية عشرة وربع, وكنت أعتقد أن الجمعة ستفوتني لأن أذان الظهر الساعة 11:55 صباحاً. حينما دخلت وجدت المسجد فارغاً, شعرت بالحيرة, قلت ربما لا تقام صلاة الجمعة في هذا المسجد, انتظرت قليلاً ثم خرجت و وجدت شاباً هندياً يقف بالخارج سألته هل تقام صلاة الجمعة هنا؟ قال نعم, الساعة الثانية ظهراً, قلت له ولكن العصر يأذن الساعة 1:34 دقيقة كيف لكم أن تصلّوا الجمعة الساعة الثانية؟ قال نجمع الصلاتين. على أية حال شعرت بالخجل أن أذهب إلى البيت وأعود عند موعد الخطبة, عدت لأنتظر في المسجد. عند الساعة 1 امتلأ المسجد قليلاً وقاموا بتشغيل البروجكتر الذي يعرض خطبة الجمعة لا أدري من أين, ربما من الهند أو مدينة أخرى في بريطانيا. كان الخطيب هندياً ويتحدث بالأردو لذلك لا يوجد أدنى أمل أن أفهم كلمة واحدة. خطب من الساعة الواحدة تماماً حتى الثانية تماماً. وأنا أغفو و أصحو طوال الخطبة, وبعد أن أنتهى الشيخ من خطبته عبر البروجكتر قام المصلّون في مسجدنا واصطفوا للصلاة, قمت معهم وأخذت ألتفت ليأتي أحد ويؤمنا للصلاة, لكن أحداً لم يتقدم وبدأو يصلّون, قلت لنفسي ربما هذا مسجد لمسلمين من مذهبٍ آخر, فالهنود طقوسهم تختلف. صلّيت الظهر و العصر, وبعد أن انتهيت تقدم رجل وبدأ يخطب للجمعة! خطبة غريبة أيضاً بالأردو وقليل من العربية والأنجليزية, وبالطبع لم أفهم سوا بعض الكلمات كهابي نيويير و إنا لله وإنا إليه راجعون والفاتحة التي بدأ خطبته بها, كما فعل الشيخ عبر البروجكتر. خطب لمدة 10 دقائق وكأنه يتحدث معهم, وبعضهم يتجاوب معه ويرّد عليه. أعرف أن هذا مسموح في صلاة الجمعة أن تُحّدث الإمام لكن وجدته غريباً بعض الشيء, على أية حال صلّى بنا الجمعة والعصر ثم عاد وخطب قليلاً, لكن لم أقوى على الصبر وخرجت, فهذا أكثر الأيام برودة في حياتي, وما من أمٍ تدفيني. 

* ماخا, من كازاخستان, اسمه الحقيقي ماخامبد والتي تعني محمد. لكنه يقول لنا نادوني ماخا. في اليوم الأول حينما شرح لي معنى اسمه قلت له إذاً أنت مسلم؟ قال لي yes yes but I am not big fan.  يحب أن يقضي ليله بالسُكر, في اليوم الأول سألته الأستاذة ماذا تحب أن تعمل في أوقات الفراغ, قال أشرب الفودكا و أسكر, وقام بتقليد مشية السكرانين في الفصل. دخلت إلى صفحته في الفيسبوك و وجدت أغلب الصورة في (بيت البيرة) كما يسميه, أو بجانب زجاجات الويسكي في السوبرماركت, أو يحمل زجاجة فودكا وينظر بقسوة. أخبرتكم أنه أكثر رجل أضحكني في هذه الحياة, لو كنتُ مخرجاً لقمت بتسجيل فيلم كامل عنه, ربما سأفعلها يوماً ما حتى لا أتوقف عن الضحك حتى البكاء كما هو حالي معه.
** ماسوك : هو الإسم الذي يناديني به ماكوتو.
*** هناك رجل آخر لم أكتب عنه, أستاذي ويل. كنتُ دائماً ما أواجه هذا السؤال حين التسجيل في المواقع –ليكون السؤال السريّ- : ما اسم استاذك المفضل؟ وأبحث عن إجابةِ غيره لأنه لا يوجد لديّ أستاذٌ مفضل, لكن بعد أن عرفت ويل تغير هذا المفهوم بالنسبة لي, لا يكبرني كثيراً بالعمر لكنه أحد أعظم الأساتذة الذين درسوني في حياتي.
– الصورة : الأول من اليسار: ماخا, في لقطة رومانسية له. الثانية: إيلدر بعنقه المكسورة وباولو. الثالثة: تاكا يحمل رسمته. الرابعة: كاميلو المتجهم أبداً. الصورة الأخيرة ماكاوتو.

La dolce vita

يناير 2nd, 2013

 

الأول من يناير
طريق المطار, الساعة الثالثة والنصف فجراً, درجة الحرارة في الخارج ثلاثة عشرة لكن أشعر أن الجو أدفأ من أن يكون ثلاثة عشرة, أشعر بالنعاس يتملكني, و محمد عبده على إذاعة "ألف ألف" يصدح بأغنية ليلة خميس. أقول للسيد ميم -الذي طلب منذ ثلاثة أيام أن يوصلني للمطار- إنها سنة جديدة و حياة جديدة في إنتظاري, و يقول لي إن الطرب في هذا الوقت له معنىً آخر, ثم يصرخ هابي نيووو ييييير. و تنهيدة طويلة تخرج مني.

مطار الملك خالد الدولي
في الصالة الدولية رقم 2, كل شيء يمرّ بسلاسة, وزن الشنطة 29كيلوغرام و موظف الخطوط الفرنسية الهندي لم يكترث لهذا الأمر, طلب مني الجواز فقط و سألني عن وجهتي, قلت له مانشستر, أعطاني تذكرة المرور و سألته هل سأستلم الشنطة في مانشستر أم في باغي؟. ضحكت من نفسي أن قلت باغي, لكنه لم يكترث أيضاً لها وقال مانشستر مانشستر, والنعاس رجلٌ نهم و أنا كعكة يلتهمني رويداً رويداً. ذهبت لموظف الجوازات الذي قرأ اسمي و سألني عن رجل اسمه محمد حماد هل أعرفه؟ قلت له لا, قال هو زميلنا في المطار, قلت طيب؟ لا أعرفه والله. قال بلكنة غبية يا رجل! ثم ألتفتْ إلى زميله الذي يجلس خلفه وقال فرق بينه و بين محمد صح؟ ضحك زميله ضحكة رجل على وشك النوم من دون أن يلتفت إلينا. أردت سؤاله عن الفرق لكن رأيت أن هذا ليس مكان حوارات, ثم أنا نعسان.

في الطائرة – Paris je t’aime
بمجرد دخولي إلى الطائرة ابتسمت, المضيفة تقول لي بونجور مسيو, الاغاني الفرنسية تصدح بكامل الطائرة, وهناك حرارة شديدة تنبعث في كل مكان, دفء غريب, جلست على مقعدي رقم 36E  على الممر, المقاعد مريحة أكثر مما توقعت, على يساري كرسيان تجلس على أحدهما فتاة تحمل كيس بندة, بعد قليل جاء ثلاثة فتيات كنت رأيتهم على ممر الصعود, يرتدين الحجاب وملابس محتشمة للغاية, لم يكنّ جميلات حينما نظرت إليهن للمرة الأولى في ممر الصعود, جلسن على المقاعد الثلاثة بجانبي, خلعن ملابسهن المحتشمة و حجابهنّ, و ياللغرابة تحولن إلى جميلات, كنَّ يتحدثن بالفرنسية طوال الوقت, حتى عطست التي بجانبي وقالت الحمدلله, أعتقد أنهن تونسيات, التي بجانبي كان وجهها ممتلأً بحبات الخال, تذكرت الموال الذي يغنيه ناظم الغزالي, له خالٌ على صفحاتِ خدٍ كنقطة عنبرٍ في صفح مرمر, قلت في قلبي هؤلاء خوال كثر في خدها وضحكت. كانت الثالثة على الطرف الآخر تنظر إليّ كثيراً, ربما أشبه أحداً تعرفه. جلسنا حوالي الربع ساعة والمضيفة تمرَ على الركاب و تعدهمّ, هنا فرنسا. بعد الإقلاع بقليل جاءت وجبة الإفطار, سألني المضيف ماذا ترغب وقال كلمات متداخلة لم أفهم منها إلا أومليت, طلبتها, وحينما فتحتها وجدت أنه بالإضافة إلى الأومليت هناك (Bacon) "لحم الخنزير المقدد", لعنتهم في سريّ, لأني حددت نوع الوجبة من قبل أن لا تحتوي على خنزير أو كحول. هذا المضيف يقول كلمات لا يفهمها أحد, حتى الفتاة بجانبي طلبت أكثر من مرة أن يكرر كلامه حتى تفهم مايقول, أكلت قطعة صغيرة من الأومليت لكن لم تحتمل معدتي الطعم وبدأت أشعر بالآلام ولم تفارقني حتى وصلت. أردت النوم, طلبت من المضيف الآخر أن يعطيني غطاء العين (لا أعرف أسمه) لكن أشرت على الفتاة التي بجانبي, كانت نائمة وتضعه على عينها وقلت مثل هذا, قال لي موجود مع السماعات التي وزعها علينا في بداية الرحلة, قلت له لا يوجد شيء, قال لي لا لا تقل أنه لا يوجد قل أنك لم تجده أو ضيعته, أخرجت له كيساً وقلت أنظر لا يوجد شيء, قال لي هذا كيس البطانية, هي موجودة في كيس السماعات لكن يبدو أنك اضعتها, قلت له يا عزيزي أقول لك أنه لا يوجد شيء, لماذا أكذب عليك؟ رد عليّ كمن يشفق على نفسه: إن كنت تريد واحدة أخرى يجب أن تدفع, قلت له لماذا؟ هنا قال (ذس از كريزي يورب), ضحكت وقلت إنها مجنونة حقاً, قال أنتظر قليلاً, سأذهب إلى الخلف وأبحث لك عن واحدة, بعد قليل جاءني و أعطاني إياها, ثم قال لا تقل أنه لم يكن مع السماعات واحدة, قلت له لماذا؟ ألا نتوقع كل شيء من (كريزي يورب) ضحك مرة أخرى ويبدو أنه صدقّني. أقلعت الرحلة من الرياض الساعة السابعة صباحاً, و وصلت إلى مطار شارل ديغول حوالي الثانية إلا ربع, كنت ما يقارب الأربعة ساعات مغمضاً عيني ولم أنم إلا ما مجموعه ساعة ونصف, لكنها جيدة. بمجرد أن تحركت الطائرة, أخرجت الفتاة التي تحمل كيس بندة منه صوفاً وبدأت تغزل, كنت أنام و أصحو وهي تغزل الصوف, نامت قليلاً واستيقظت متعرقة و وجهها شديد الحمرة وبدأت تغزل, فكرت بالقيامة إن أذنت على الأرض سيبقى إثنان لا يهتمان لأمرها, رجلٌ يغرس فسيلته وفتاة تجلس بجانبي ستكمل غزلها.

باغي باغي
مطار شارل ديغول, أحد أجمل المطارات التي شاهدتها, كل شيء فيه يبدو جميلاً ومتقناً. انتقلت من صالة الوصول إلى صالة المغادرة في الصالة 2E  عن طريق الميترو, الفرنسيون مهذبون جداً ويجيبون على كل سؤال بأدب جمَ ومحبة, ربما لأني أسألهم بالفرنسية. اليابانيون يملأون المطار, يشترون الشنط من ديور والأوشحة من هيرمس, و يعاملهم الباعة بإحترام كبير, في كراسي الانتظار والمقاهي ومحلات الألكترونيات و دورات المياه أينما تنظر تجد اليابانيين, لكنهم مشغولون بأنفسهم. مطار شارل ديغول يعطيك ربع ساعة تستخدم فيها الإنترنت مجاناً, بعد ذلك تدفع مبلغاً رمزياً, بالنسبة لي لم أنتظر أكثر من نصف ساعة وأعلنوا عن الرحلة المغادرة لمانشستر. 

Paris – Manchester
9E هو رقم مقعدي على مخرج الطوارئ, في المنتصف, على يساري تجلس المضيفة, ويميني جاء متأخراً راكباً إنجليزياً يشبه هذا الممثل, و يبدو أنه لا زال يعاني من آثار ثمالة رأس السنة, تفوح منه بشدة رائحة الويسكي, ويحمل أيضاً أربع زجاجات في كيس, لم نتحدث أغلب الرحلة, كنت اقرأ مجلة الطائرة ويبدو عليه أنه يعاني من الصداع. حينما جاءت المضيفة بالمرطبات طلب منها ويسكي وكولا, أعطته ثم طلب أخرى, قالت له دعني أنتهي من الخلف وإن بقي شيئاً أعطيك, بعد ربع ساعة عادت إليه وأعطته ويسكي وكوكاكولا دايت, كان منهكاً للدرجة التي لم يقدر على فتح زجاجة الويسكي الصغيرة, قلت له دعني أحاول, وفتحتها له. من شدة فرحه كان على وشك أن يقبلّني وقال لي أنا ضعيف لم تعد لديّ قوة, لم أعلّق على كلامه, لكن غمرته السعادة ولم يرد أن يسكت لحظة. سألني من أين أتيت؟ قلت له من السعودية, سألني عن مدة الرحلة ومدة مكوثي في باريس, كانت يداه مملؤتان بالوشوم, كتابات غريبة وأسماء حفظت منها Lusa Oscar, lous  وكتابات أخرى, قال لي أنه سيذهب إلى أبوظبي الاسبوع المقبل بعدها إلى تايلاند وفيتنام, سألني إن كنت زرت أي واحدة منها؟ قلت له أبوظبي فقط, شككت أنه جاسوس ههه لكنه قال لي إنه ذاهب للسياحة, سألته كيف كانت باريس؟ أجابني بغضب أن الرجال الفرنسيين ملاعين والنساء رائعات, كررها (Amazing Amazing)  ثم بدأ يشتم انها أغلى مدينة زارها في حياته والفرنسيون فوق هذا ملاعين أبناء ملاعين, قلت له أغلى من لندن؟ قال لندن أغلى مدينة في بريطانيا. قلت أغلى من موسكو و طوكيو؟ قال ربما, لكن باريس مدينة ملعونة وغالية. أحب هذه الأسئلة العبيطة, ولحسن الحظ كان متجاوباً معي. سألني ماذا تفعل في مانشستر؟ قلت له أدرس, سألني عن اسمي, قلت مارسيل, سألني عن معناه بالإنجليزية قلت لا معنى له, مجرد اسم. قال لي لا تبقى هناك طويلاً إذهب شمالاً, كلما ذهبت شمالاً تتحسن أطباع الناس, أخبرته أني أفكر بالذهاب إلى غلاسكو, قال غلاسكو أمايزنغ أمايزنغ, ثم نصحني إن كنت أملك رخصة قيادة أن أشتري سيارة وأتمشى في الشمال, قال إذهب إلى بريستول المدينة التي أسكنها, أمايزنغ, تبعد حوالي الساعة من مانشستر, ابنتي تنتظرني في المطار لتأخذني لها, إذهب إلى أدنبرة المدينة التي ولدت فيها, إنها رائعة الجمال, أمايزنغ, والإيرلنديون شعب عظيم. سألني عن المدة التي سأجلس فيها في مانشستر, أجبته ثم قال Stay away from girls, أعلن في هذه اللحظة قائد الطائرة عن قرب الهبوط إلى المطار. مدة الرحلة حوالي الخمسين دقيقة. كنت في الأوقات التي أدون فيها ما يقول على جهازي الآيباد ينظر بدقة إلى ما أكتبه كأنه يعرف القراءة بالعربية, وهو ما زاد شكوكي أنه جاسوس! 

مطار مانشستر
اليابانيون يملأون المكان هنا أيضاً, عبأت البطاقة ووقفت بصف لا يوجد فيه أحد, والصف الآخر طابور طويل يقف فيه حوالي المئة وخمسين شخصاً, ولا أدري حتى هذه اللحظة لما لم يأتوا إلى هذا الصف الفارغ, سألني موظف الهجرة عن سبب قدومي لبريطانيا, أخبرته دراسة, وأعطيته أوراق المعهد, طلب مني خلع القبعة التي أرتديها, نظر إليّ مطولاً ثم سألني إن كنت سأدرس هنا الإنجليزية أو لغة أخرى؟ قلت الإنجليزية. ختم على جوازي وقال لي استمتع بالإقامة في مانشستر العظيمة, شكرته بالفرنسية. 

مانشستر
بمجرد خروجي من بوابة المطار شعرت بشعور جميل لم أعهده من قبل, كنت خائفاً أن لا تعجبني المدينة ويصيبني الإكتئاب بها, كل مدينة نأتيها نشعر فيها بالرهبة والخوف من الأشياء المجهولة التي ننتظرها, لم أعرف هذا الشعور هنا, كان صدري منشرحاً, هاتفت أبي وكنت أضحك وأصف له الأجواء ومشاعري, كان أبي سعيداً أيضاً, وسائق التاكسي الهندي سعيد هو الآخر, أنزلني إلى الفندق و أعطاني رقمه وقال لي في أي وقت تحتاجني فيه أرجو أن تتصل عليّ سآتيك فوراً, قلت له ok, I will kill you. هههه الغريب أنه ضحك وقلت له أقصد أني سأتصل بك قريباً. كانت الأجرة 45 باوند, وأعطيته 50 باوند وقلت له احتفط بالباقي, زادت سعادته عن الحد المطلوب, و كرر عليّ أن أتصل به. في الفندق كل شيء جميل ومريح, لم أستطع أن أقاوم ونمت. 

Gio & Giorgio
بعد ساعتين استيقظت على أصوات الألعاب النارية, كنت جائعاً, في طريقي للفندق شاهدت مطعم صب واي, ذهبت إليه لكن وجدته مغلقاً, مشيت حتى وجدت مطعماً إيطالياً, بلا أدنى تفكير دخلت إليه, رحبّ بي مدير المطعم, رددت عليه بالإيطالية وسألته عن حاله, أجابني بفظاظة أنه بخير, بالإنجليزية. اختار لي طاولة لم تعجبني لكن المكان كان مزدحماً قليلاً, سألني ماذا تشرب؟ قلت أريد أن آكل فقط, أعطاني المنيو, وأغلب من في المطعم كانوا ينظرون لي بإستغراب, كنت أتحدث معهم بالإيطالية ويردون عليّ بالإنجليزية, حتى جاءتني ماريّا تسألني كيف أنت تتحدث الإيطالية؟ ثم بدأو جميعاً يتحدثون فيها معي. جاءني مدير المطعم بالبيتزا وقال هَلال!. قالها بسخرية, لكني ضحكت طويلاً, أخذ يسألني لماذا أنت وحدك؟ قلت له هذا يومي الأول في مانشستر, بدأ يتحدث معي بأسلوب مختلف عن طريقته الأولى, وغيرّ طاولتي إلى مكان جميل و منزوي عن نظرات الفضوليين وأشعل لي شمعة, وفي كل دقيقة يأتيني ويسألني عن طعم البيتزا, كانت من ألذ ما أكلت, قلت له أن الجميل بها عوضاً عن الطعم أنها لم تكن دائرية وإنما أجزاء زائدة وأخرى ناقصة, لم أشاهد هذا من قبل, قلت له أن هذا الأمر يشعرك بأن يدان هما من صنعتهما وليس شيئاً آخر. صافحني بشدة وشكرني على ما قلته. ماريا أتت تسألني بعد الأكل ماذا تشرب؟ واين؟ قلت لها قهوة, اختاري لي قهوة, تقول لي أسبريسو؟ أقول لا. تقول كابتشينو؟ لاتيه؟ وتشرح لي طريقة صنع اللاتيه بشغف. قلت لا كابتشينو. كان المطعم مزدحماً وكنتُ سعيداً أنهم متحلقين حولي, كنتُ أكلت نصف البيتزا وطلبت الباقي لآخذه ونسيته وأنا خارج, كلهم صاحوا بي ومدير المطعم يركض خلفي ليعطيني إياها, يسألني و نحن ننتفض بجوار الباب من البرد ما اسمك سنيور؟ أجيبه مارسيل, اسمي مارسيل.

يناير 1st, 2013

يـافـا

ديسمبر 15th, 2012

" لأ دشرّو لأ خلص.. أكتر من مرة حكيت وبصير أعيّط, لأ خلص, لأ لأ, بتصير إيديني بترج وبتصير .. لأ, 48 أمسحو من الخار.. إمسحو من راسك, أمسحو. لو أنا بنسى كان نعمة من الله, بس أنا بنساش .. أنا بنساش, وهذا أنا بعدّو غضب! بيكفّي إني أقلّك إنو نزل بيافا أكتر من أربعة آلاف صاروخ, بقلب البلد, بتعرف ايش قدا؟ هالقدّا يافا! خلينا لورا, وخليناش, 48 دشرّو إمسحو من الخارطة ".

سِفر البرتقال 13:08-14:14

فما

نوفمبر 4th, 2012

فَمَا لِعَيْنَيْكَ إِنْ قُلْتَ أكْفُفَا هَمَتَا .. وَمَا لِقَلْبِكَ إِنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ / أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أَنَّ الحُبَّ مُنْكَتِمٌ .. مَا بَيْنَ مُنْسَجِمٍ مِنْهُ وَمُضْطَرِمِ / فَكَيْفَ تُنْكِرُ حُبًّا بَعْدَمَا شَهِدَتْ .. بِهِ عَلَيْكَ عُدُولُ الدَّمْعِ وَالسِّقَمِ / نَعَمْ سَرَى طَيْفُ مَنْ أَهْوَى فَأَرَّقَنِي .. وَالحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذَّاتَ بِالأَلَمِ / يَا لاَئِمِي فِي الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً .. مِنِّي إِلَيْكَ وَلَوْ أَنْصَفْتَ لَمْ تَلُمِ .
البوصيري

أكتوبر 31st, 2012

{ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ }

الطارق, آية 8