تخيل أنك في الساعات التي تسبق نومك , و أنت على فراشك تخوض حرباً مع الأرق , تقوم بنسج قصص في خيالك الشبيه بعش العنكبوت تشابكاً و وهناً , ثم تستيقظ و أنت تصدق ذلك , و تعتقد أنه حدث فعلاً , و الأدهى منه أنك تسيّر حياتك المختلة طبقاً لما اخترعته أنت قبل نومك – الذي تنسى طبعاً أنك اخترعته – وأصبحت تتعامل معه على أنه حقيقة لا تقبل التشكيك , اغمض عينيك لحظة وتخيل كيف ستكون عليه حياتك ؟! تخيل هذا الضلال ..
Archive for the ‘صباح و مسا’ Category
تخيل ..
السبت, فبراير 23rd, 2008Mêmoriês
الثلاثاء, فبراير 19th, 2008للأشياء الصغيرة الهادئة , للأشياء الصغيرة المخبأة بين الأسطر , للأشياء الصغيرة التي لا تكاد تُرى , للأشياء الصغيرة التي لا تدري , للأشياء الصغيرة المليئة باللعنات , للأشياء الصغيرة المربكة , للأشياء الصغيرة الحزينة , للأشياء الصغيرة بلا ذاكرة , للأشياء الصغيرة الزائفة , للأشياء الصغيرة شديدة النحول , للأشياء الصغيرة في المقعد الخلفي , للأشياء الصغيرة الفخ , للأشياء الصغيرة المهاجرة , للأشياء الباقية لا تُنسى !
* أن تكون بلا تفاصيل , هو حتماً كونك بلا ذاكرة , و أن تكون بلا ذاكرة مردّه إلى أنك لم تكن أبداً ! كذلك الحال مع هذا المكان الذي لم يكن ليُبصر لولا أنه يملك ذاكرة , ذاكرة صنعتها التفاصيل , ذاكرة ممتلئة حد الأمل ! شكراً لأن الاشياء الصغيرة " الفكرة " تخلق على يديكِ كأعظم ما يكون , شكراً لأنك ( حملتيني سنين منن هينين ) , شكراً وسع المدى ..!
شحوب ,
الإثنين, فبراير 4th, 2008
هو شعور لا تدري ماهيته !
يشبه كونك تكره الغروب , إلا أنك لا تدري لماذا تقف طويلاً أمام النافذة تتأمله ,
بمقدار الكآبة الذي يبعثها هذا المنظر بداخلك ,
بمقدارها تماماً أنت متعلق به !
عن الكذب و الخيانة و سوء الفهم !
الخميس, يناير 24th, 2008
" [..] أن تكذب هذا سهل للغاية و لكن تكمن الصعوبة في ما يترتب عليه الكذب من مآسي تهز طينك الرخو أساساً حتى تسقط , يفتك بي اللاحق من الكذب , يلزم عليك حين تكذب أن تتقمص كذبتك تماماً , لا أدري لماذا كنت أكذب , لست محتاجاً له .. إني أتألم , أتألم بسبب كوني خائن و كاذب , و أني أصبحت جزء من هذه الحياة الموبؤة , أصبحت موبؤاً بالكذب والخيانة , و أني صرت وحيداً كالجمل الأجرب , يهرب الناس منه كيلا يعديهم .. هل تصدقيني حقاً !؟ "
عرضت هذا الجزء على أختي العزيزة , و حين قرأته باغتتني قائلة : " لا تكتب هكذا مرة أخرى " , لم أفهم في البداية ماذا تقصد , فسألتها : " لماذا ؟! " , قالت : " أنت أفضل من هذا " .. ضحكت طويلاً , و أخبرتها أن هذا جزء من قصة قمت بكتابتها و لست أتحدث عني بطبيعة الحال , بالرغم من أنها لا تلام على ذلك , في الفترة الأخيرة جميع القصص التي أكتبها كانت ذات شخصية واحدة , بمعنى أنه هناك راوي يتحدث و إن كان يتحدث عن مواقف و أحداث أخرى إلا أنه أساساً يتحدث عن نفسه , من اعتز برأيهم كثيراً أخبروني بأن هذا سمة مميزة فيما أكتبه , ربما !
.. سلّم !
الخميس, يناير 3rd, 2008
الحديث عن هذه الاغنية بالذات شديد الصعوبة , من منّا يقدر على الحديث عن أسطورة أو معجزة بلسان معقود !؟ بالنسبة لي أراها أعظم أغاني فيروز على الإطلاق , هنا بالضبط تجدون الكمال , المنتهى .. الآخر من كل شيء , اعجازها ليس فقط من ناحية الصوت أو الموسيقى أو الكورال أو حتى الكلمات / القصة , اعجازها يكمن في أنها أخذت الأجمل من كل شيء .. ما يهمني الحديث عنه تحديداً هو الآلات الموسيقية خصوصاً ( الكمان – القانون ) و فيروز المتقنة البارعة , في هذه الأغنية أراد عزيزي المسيو زياد اثبات عظمته الموسيقية ليس بالبيانو ( الشاطر فيه ) , وإنما بسطوته كموسيقار على باقي الآلات .. أوه أتحدث أنا ! , لا تهتموا لحديثي وإنما سأرشدكم فقط إلى عظمة هذه الأغنية , في الدقيقة 2:14 مثلاً ( ضحكات عيونو ثابتين ما بينقصوا ) حينما تقول ( عيونو ) ترى المدى الواسع جداً و حينما تقول ( ينقصوا ) تشعر فعلاً بـ ينقصوا القصيرة المقطوعة ! , هذه إحدى الاشياء التي تبرهن عظمة فيروز المغنية و زياد الموسيقار , وفي الدقيقة 3:12 على سبيل المثال , استمعوا فقط إلى عازف القانون الذي وصل إلى حد النشوة فضرب بيده الآلة وخرج منه هذا الصوت الفاتن , و أعتقد أنه أراد تكراره و لم يستطع أو ربما خشي من نظرات المسيو زياد المرعبة أو شتائمه الوقحة فأرتبك و عاد إلى النوتة , في الدقيقة 4:38 آآآه الكورال , هل رأيتم آه مقطوعة يوماً , سريعة ؟ لا تستغربوا .. تعمد صديقي العزيز زياد ذلك , أرد أن تخرج الآه ناقصة ليأتي صوت فيروز كاملاً من أعماق أعماقها وهي تقول ( هوي ) .. ركزوا كثيراً على هذه الكلمة بالتحديد لتعرفوا من أين تخرج , ولتتعرفوا على زياد المستفز لعنة الله عليه , في الدقيقة 4:46 لمحة كورالية أيضاً , فيروز وهي تقول ( بوسو بخدو طولّي علييييه ) , ثم يبدأ الكورال تحديداً من عند ( ولي ) الطاء لفيروز فقط , ما بعرف ليش ! , ربما أرد التكفير عن استفزازه في المرة الأولى والطاء تعني العودة إلى الطا..عة , فهمت علي ؟ ( ما بيقدر ياخيي يزعل أمه ) , ثم وأخيراً الدقيقة 4:52 الكمان الكمان الكمان , هل تسنّى لكم يوماً الاستماع إلى كمان يتحدث ؟ هنا كمان يتحدث .. تيرا !
* منذ انشأت هذه المدونة و أنا أقول في نفسي ماذا سأكتب و أنا الفارغ ؟ ستكون هذه المدونة فارغة بالتأكيد مثلي تماماً , ولكن بقيتُ فارغاً و أصبحتْ ممتلئة , ثم حين أنتهي من كتابة أي شيء أقول في نفسي ( مرة أخرى أيضاً ) أعتقد بأن هذا الموضوع الأخير , ماذا سأكتب بعد بعقلي الفارغ ؟ و رغم ذاك يكتب عقلي الفارغ و أظلّ أنا على خوائي .. لعنة الله على هذا المكان أيضاً .. سأتوقف حتى .. !
لـ ..
الثلاثاء, ديسمبر 25th, 2007
للشعرة التي استوطنت لساني , لأرجلي التي لم تتنفس منذ أسبوع , للعيد الذي طردته حين جاء , للرجل الذي طلب رفقتي و نهرته , لنفسي التي قتلتها عطشاً , لمعدتي الفارغة أياماً , للدقيقة 4:52 من سلملي عليه , لدمي الفاسد , لعيني الخاوية , للرجال الكارهين , للنساء المفتونات , للحظة اللي .. , للجميلة التي أحبتني وقتلتها كمداً , للغيرة العرجاء , لنصف السواد الظاهر , للأغنيات المقيتة , لأبن الحرام , للدنيا العاهرة , لسخافتي التي لا تنتهي , لشتائمي المهذبة , لشتائمي التي لا تخرج , للدموع التي تأبي , للصدر الذي لا يسع , ليأسي , لضحكتي الرقيقة , للشيء الذي لا يأتي , لعامل حالك مش عارف , لزرعاتي التي تذبل ببطئ , لكوب الحليب الصباحي , للجميلة التي من السماء , للجميلة الحنون , للقلب الأبيض , لضحكاتنا المتساوية , لدلالها المفسد , للموسيقى التي لم تتغير , للكتاب الذي هجرته , للأسماء التي كرهتها , ليد أختي المكسورة , لأصابعي البنفسجية , لكآبتي السوداء , لعصفوري الذي يخاف , لصلاتي السريعه , لإعجابي الشيطاني بقراءتي , لصراخ الناس في وسادتي , لسيد درويش , لمللي الممتد بعيداً , لمزاجي الضّال , للتراب , للتراب , للتراب … لم أكن !
قطار الرحمة ,
السبت, ديسمبر 22nd, 2007
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى : " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً " ..
تبدأ المأساة في أكتوبر من سنة 1988 حينما ذهبت الفتاة غادة مع معلمتها الألمانية في رحلة إلى الغردقة , كانوا يقفون مع بقية الطلبة بإنتظار الباصات التي ستقلهم , وإذا بسائق مخمور يأتي مسرعاً ويقوم بدهس المعلمة والفتاة الخجول الواقفة بجانبها و ثمانية طلبة , لم تنتظر المعلمة طويلاً وإذ بطائرة إنقاذ تأتي من أجلها في غضون ساعات وتحملها إلى ألمانيا حيث توفيت هناك , وحملت أيضاً الطلبة الألمان , وبقيت غادة ممددة لم يجرؤ أحد على تحريكها عن مكانها حتى فارقتها الروح !
كانت النار تأكل والدها البرفسور محمود سراج الدين أستاذ الكيمياء العضوية في جامعة الأزهر بسبب فقد ابنته الغالية وهي في عمر 17 سنة , ولكنه آثر أن يحول هذه النار إلى شيءٍ إيجابي , عمل يخدم به الناس , وفي الحال فرض المنطق والأسلوب العلمي صورة واضحة في ذهنه , كان أهم عناصرها هو السرعة , حيث أن الدقائق و حتى الثواني خصوصاً في الإصابات الشديدة تعني حياة أو هلاك , فقرر بناء مستشفى للإنقاذ السريع في مصر لكيلا تتكرر حالة ابنته !
وفعلاً بدأ بإنشاءه ولم يتبقى على إنتهاءه إلا القليل .. ولكن توقف البناء الآن بسبب توقف الدعم !
كان يتحدث إليّ بحرقة وهو رجلٌ جاوز السبعين من عمره , وأصابه التعب , زرته في يوم العيد وهو راقدٌ بالمستشفى بعد عملية للقلب , أوصاني والله أن لا أترك هذا المستشفى وأن أتم بناءه إن هو فارق الحياة , هو يعدّني كإبنه الذي لم ينجبه ..
أكتب إليكم لأدلكم على طريقٍ للخير ممتد بطول أعماركم إن شاء الله , ولتدخلوا الفرحة في قلب هذا العالم الذي خدم الإسلام بمؤلفاته الجليلة , وكانت سبباً في دخول عدد كبير إلى الإسلام , و تذكروا إن أنتم أحييتم إنساناً فكأنما أحييتم الناس جميعاً , وأنا كفيلٌ بكل حرفٍ كتب هنا , و واثق منه تمام الثقة .. وأعلم أن ما تقدموه سيذهب في وجهه الصحيح من دون شك !
لنصنع نحن الشباب عملاً نفخر فيه !
للتبرعات :
جمعية غادة عفيفي للإنقاذ
1 – بنك مصر فرع مصطفة كامل , حساب رقم : 7 / 00 / 12620/ 73 / 105
2 – بنك مصر فرع مدينة 6 أكتوبر حساب رقم : 7 / 11 / 176
عايدة !
الأحد, ديسمبر 9th, 2007
إن حياتي تفزعني
جفت كل عيون البهجة ,
وتهاوت آمالي ..
أنا لا أشتاق لغير الموت !
اعتدت دوماً الذهاب إلى مكتبة الجامعة بين المحاضرات , و غالباً ما اصطحب معي كتاباً من المنزل أكمل قراءته هناك , اليوم انتهيت من قراءة كتابي وكان هناك متسع من الوقت قبل بدء المحاضرة التالية , و مكان جلوسي المحبب هو قسم الفنون ( الموسيقى – السينما – المسرح ) , فبدأت بمطالعة الكتب الموجودة هناك , و لفتت إنتباهي الكتب التي تتحدث عن الأوبرا , و خصوصاً تلكم التي تتحدث عن أوبرا عايدة التي قام بتأليفها الموسيقار الإيطالي العظيم جيوسيبي فريدي , كنت سمعت كثيراً عن أوبرا عايدة ولكن لم يتسنى لي يوماً القراءة عنها أو حضور عرض لها , زاد انبهاري بها حينما علمت أنها من إحدى أشهر ثلاث اوبرات في العالم , وأن الخديوي اسماعيل انشأ دار الأوبرا المصرية خصيصاً من أجل أوبرا عايدة , طالعت هذا الكتاب بشغف بالغ , لم أستطع أن أنتزعه من يدي رغم أن المحاضرة التالية ستبدأ بعد قليل , وسجلت بعضاً من نصوصها على ( منديل ) , فلم يكن معي ورقة أكتب عليها حينها !
وأنا في الطريق للمحاضرة تساءلت بحرقة .. هل سيكون لنا يوماً داراً للأوبرا ؟!
هما !
الإثنين, ديسمبر 3rd, 2007
– بدأت أشعر بأني شخص متطلب , مدلل , والسبب الأول هو أنتِ .. أفسدني دلالك , لا أدري إن كنت أستطيع الإعتماد على نفسي بعد ذلك أم لا !
* قل أنك تمزح !
– أنا هكذا ..
* لا !
– الا
* لا
– الا
* لا
– شو هالحب اللي طالع لي فيه ! شو هالقلب اللي بس بسمع فيه ! بتبلش حب وما بتكفيه .. معصبة فيروز !
* الجميع يمرّ بهذه الحالات , ثم يعود لطبيعته !
– جننها هالزياد !
* صح
– معصبة ؟!
* الآن ؟! لا لست كذلك , ولكن شعرت بالضيق من حديثك !
– آسف ..
* لا تتأسف !
– الا
* لا
– الا
* شكراً لأنك تعاندني طوال اليوم !
– ما تكتبيه فن !
* ليس فن !
– فن !
* لا
– الا
* لا
– الا
* ليس غريباً عنادك اليوم !
– لا
* الا
– لا
* الا
– لا
* بس !
– ب س
* س
–
ثقب ,
الإثنين, نوفمبر 19th, 2007كنت أملك ذاكرة فولاذية , لا يستطيع النسيان على اختراقها , كان أقصى ما أتمناه هو أن آكل في رمضان ناسياً , ولم يحدث ذلك أبداً , حتى كان قبل عام ذهبت مع صديقي إلى قصر السينما لمشاهدة فيلم ومناقشته , كان صديقي هذا عضواً في جمعية نقّاد السينما , وكنا معتادين على السير مسافات طويلة جداً , لم نكن نركب السيارة أبداً , اعتدنا على المشي أو ركوب المترو , في هذا اليوم لا أعرف ما كان يحصل لي , كنت أشعر بنشوة عظيمة , كنت أركض .. كان الناس يتطلعون منذهلين مما أفعله , حتى مررنا بجانب السفارة الإيطالية , وبدأت أقفز على الحواجز .. حتى وصلت عند الحاجز الأخير وعلقت رجلي وسقطت !
كانت سقطة مدوية , شعرت أن وجهي تهشم , كان لها صوتاً سمعته ولا يزال يرن في أذني , بقيت هكذاً حتى تجمع الناس من حولي , وجاء صاحبي ذاك وبدأ برفعي ..
كنت أشعر بأني سأبكي , ليس من الألم , ولكن من شيء لا أعلمه , حالتي كان يرثى لها , وجهي من الجهة اليسرى كان كله مجروحاً , يداي ورجلي تنزفان , ولا تزال آثارها حتى الآن , قميصي ممزق , وبالرغم من ذلك ذهبنا إلى الفيلم سيراً أيضاً , مشيت ما يقارب العشرة كيلومتر , وطوال الطريق كان صاحبي غارقاً في الضحك بسبب ( تنطيطي ) كما يقول , وبسبب النكت التي تذكرّها بسببي , كنت أشعر بالغيظ , لأنه لا يشعر بألمي , و كنت أضحك معه !
منذ هذا اليوم بدأت أشعر بأني أتغير , بدأت أشعر بأني لست الذي كان , أصبحت أتصرف بشكل مختلف عن السابق , وأفكر بشكل مختلف أيضاً عما مضى , أشعر بالإختلال , وكذلك بدأت ذاكرتي تخفت تدريجياً حتى بت لا أتذكر إلا القليل , صرت اسوأ , وكذلك أصبحت أفكر بالموت كثيراً .. وعلمت بعدها لماذا شعرت حينها أني سأبكي !
The Legend
الأحد, نوفمبر 18th, 2007 في الفيلم المجنون ( The Legend Of 1900 ) الذي يحكي قصة عازف البيانو ( داني بودمان تي دي ليمون 1900 ) الذي لا يضاهيه أحد في عزف البيانو ولا في قصته كذلك !
يولد 1900 على سفينة فيرجينيا في سنة 1900 ولم يغادر هذه السفينة قط , عاش 33 عاماً ولم تطأ رجلاه البحرية أرضاً , كان اصدقائه يسألونه لماذا , ويحاولون إقناعه بالنزول يوماً عن السفينة , وهو يرفض .. كان يرى حياة ” الأرضيين ” غير منطقية !
حتى جاء اليوم الذي بدأت فيه الحرب , و قرروا فيه تفجير السفينة فيرجينا التي لم تعد صالحة للإستخدام .. صعق صديقه ماكس لهذا الخبر , فهو يعلم أن صديقه 1900 لن ينزل عن هذه السفينة المليئة بالديناميت , حاول مراراً إقناعهم بإيقاف تفجير السفينة , ولكن بلا جدوى !
فبدأ بالبحث عن 1900 طويلاً ومعه مجموعة من البوليس , ولكن لم يعثروا له على أثر .. لم ييأس ماكس وواصل البحث عنه , كان هناك اسطوانة وحيدة سجلها 1900 يوماً ولكن قام بإتلافها ( لأنه لا يريد لموسيقاه أن تغادر من دونه ) .. و حينما باعوا محتويات السفينة ومنها بيانو 1900 الذي قام بشراءه بائع آلات موسيقية , وجد هذه الاسطوانة مهشمة في البيانو فقام بتجمعيها حتى استطاع إعادتها إلى الحياة , قرر ماكس سرقة هذه الاسطوانة من البائع , فقام بتشغليها على ظهر السفينة , ولم ينتظر طويلاً حتى ظهر 1900 .. وهو يقول له مرحباً , هل فقدت أرجلك البحرية ؟ أين بحق الجحيم عثرت على هذا التسجيل ؟!
سأله ماكس : أين كنت طوال كل هذه السنوات ؟
كان ببساطة يؤلف الموسيقى , لم يصدق ماكس , فقال : حتى خلال سنين الحرب ؟
” حتى عندما لم يكن أحد يرقص , حتى عندما كانت القنابل تتساقط علينا , كانت الموسيقى تساعدهم على أن يتحسنوا , أعني المصابين , أو أيضاً أنها كانت تسليهم وهم يتسربون إلى عالم آخر , لدرجة أنهم أحياناً , لم يكونوا يعترضوا على الرحيل إلى العالم الاخر , وإذا كانوا يستطيعون سماع الموسيقى فان وجهي كان آخر ما يرونه , لقد ظللت أعزف على البيانو إلى أن توقفت الباخرة هنا !
حاول ماكس إقناعه من جديد بالنزول من جبل الديناميت هذا , حاول اغراءه بالثروة والشهرة وأن الناس جميعاً سوف يتعلقون بكل كلمة يقولها , وسوف يجنّون بموسيقاه !
كان مبتسماً طوال الوقت وهو يستمع إلى صديقه , ولكنه لا يستطيع مغادرة السفينة , قال : ” صدقني , كل تلك المدينة إنك لا تستطيع أن ترى لها آخر .. أرجوك هل تستطيع أن ترني أين تنتهي ؟! إن كل شيء على ما يرام على هذه السلالم , وكنت على ثقة كبيرة وأنا أرتدي معطفي ولم يكن لدي شك فى الرحيل , لم يكن هناك أدنى مشكلة , إن ما أوقفني ليس ما رأيته , بل الذى لم أراه .. هل تفهمني ؟! الذى لم أره .. كان هناك فى هذه المدينة المزدحمة كل شيء ما عدا نهاية لها , كان هناك كل شيء , ولكن لم يكن لها نهاية !
الذى لم استطع أن اراه هو أين ينتهي كل هذا , نهاية العالم !
خذ البيانو على سبيل المثال , هناك بداية ونهاية لمفاتيح البيانو , إنك تعرف الثمانية والثمانين مفتاحاً فى البيانو، لا أحد يشك فى هذا , وعلى تلك الثمانية والثمانين مفتاحاً .. تستطيع أن تؤلف موسيقى إلى الأبد , أنا أحب هذا استطيع أن أتعايش مع هذا , ولكن عندما تضعني على هذه السلالم لأرى أن المدينة كبيانو بملايين المفاتيح , وهذه هى الحقيقة لا توجد نهاية لها , فإنك لا تستطيع أن تعزف عليه موسيقى , إنك فى هذه الحالة تجلس على الجانب الخطأ لأن المدينة هى بيانو الرب !
يا إلهي هل رأيت الشوارع ؟! .. هناك الآلاف منها , كيف تعيش على مجرد اختيار واحد ؟! إمراة واحدة , وبيت واحد , وقطعة واحدة من الأرض تمتلكها , ومنظر واحد تطل عليه , وطريقة واحدة تموت بها !
كل هذا العالم ينهال عليك .. بدون أن تعرف أين ينتهي , الا تخاف من الانهيار ؟! من مجرد التفكير فى بشاعة الحياة فيها ؟!
لقد ولدت على هذه السفينة , لقد مر العالم أمامي ولكن ألفي شخص فى الثانية , لقد كانت هنا أمنيات ولكنها كانت قابلة للتحقق في تلك السفينة , بين مقدمة الباخرة ومؤخرتها تعبر عن سعادتك بالموسيقى , على مفاتيح بيانو لها نهاية , لقد تعلمت أن أحيا بهذه الطريقة ..
الأرض .. إنها سفينة كبيرة جداً بالنسبة لي , إنها إمرأة جميلة جداً , إنها رحلة طويلة جداً , عطراً شديد التأثير , إنها موسيقى .. لا أعرف كيف أكتبها !
إنني لا أستطيع أن اغادر السفينة , من الأفضل أن أغادر جسدي عن أن اغادر السفينة .. وبعد كل شيء .. أنا لم أوجد أبداً , أنت استثناء يا ماكس , إنك الوحيد الذي يعرف أنني هنا .. أنت من القلة ومن الأفضل أن تعتاد على هذا .. اغفر لي يا صديقي , ولكني لن أترك السفينة !
,
الخميس, نوفمبر 15th, 2007
ما أحقر الدنيا , حين نموت ونبتغي شربة الماء ..
فلا نجدها !
هل !؟
السبت, نوفمبر 10th, 2007لعله من أشد الأمور غرابة حين نكتب عن الآخرين فيهتفون : هل نحن فعلاً كذلك ؟!
الكتابة بحد ذاتها مربكة , وأمرٌ ليس بالهين على الإطلاق , شئنا أم أبينا فالكتابة تستهلك منّا أعمارنا , نسقط فيها ذواتنا .. تعبنا .. مآسينا و بكائنا , في الحقيقة أن أعمارنا يجب أن تقاس بتعداد كلماتنا ليس بالأيام , فمن لم يكتب لم يعش !
أقول أنها مربكة في حد ذاتها , فكيف إذا أضفنا إليها عنصر الإكتشاف عن جوانب مظلمة – غير مرئية – بالشخصيات التي نكتب عنها , نسبر أغوارها جيداً حتى نستخلص منها رؤيتنا العميقة لهم , لنوجدهم و نعيد اكتشاف خلقهم , ننفض أتربة الظلمة عنهم , ليهتفوا بالكلمة السحرية : ” هل نحن فعلاً كذلك ؟! ”
مأساتي تكمن حين الإنتهاء من الكتابة , يبدأ القلق والتوتر يعبثان بي , أشعر وقتها أن هذا آخر ما أكتبه , و لن أستطيع كتابة أي شيء بعد ذلك , ابدأ بالتفكير هل فعلاً ما كتبته جيداً أم لعلي مهووس بنفسي فقط , فأخلص إلى حقيقة أني لا أجيد الكتابة , ولا أجيد شيئاً على الإطلاق ..!!
ربما أبالغ قليلاً و أظلم نفسي .. فأنا أجيد بتر الأحاديث , و أجيد أن تكون نهاياتي مفتوحة ولا متناهية , وليس ذلك إعجازاً مني , فمنذ أن أخبرني أحدهم ذات لعب أني أفتقر إلى اللمسة الأخيرة وأنا مصاب بلعنة النهايات المشوهة , والنهايات التي لا تنتهي !
أجيد قليلاً المرواغة – ولا أقول الكذب – , و يندر أن أكتب شيئاً أجد نفسي فيه , كأن بي أكتب بروح تسكنني ليست لي , أشعر بالغربة من نفسي حين أكتب , اتأمل يدي وهي تخطو مسرعه , وأحس بشيء غامض يحركها .. أقسم أن الكتابة تبعث بي إلى الجنون !
هل أنا من يكتب ؟!


