
أقسم أني أردته أن يمرّ كأي يومٍ آخر . لكن ماذا عساك أن تفعل لو كان الذين حولك لهم رأي مختلف ؟ أعياد الميلاد الأخيرة مرت مضحكة , أفكر قبلها بيوم أو يومين وأشعر أنها ستكون حزينة , لا أدري لما , فتأتي عكس ذلك . قبل أقلّ من عام كنا في طريق السفر , ضحكت وأنا أسوق وقلت لأمي فجر اليوم وأنا أفتح الثلاجة قرأت تاريخ الانتهاء الهجري على اللبن واكتشفت أن اليوم عيد ميلادي ! ضحكت أمي .. ضحكت فقط , ثم تحدثنا في موضوع آخر . بمجرد وصولنا نمت ثم في آخر الليل لما صحيت دخلت الانستجرام وإذ بسارة تنشر صور لكيكة عيد الميلاد ( التي فكروا بعملها منذ أيام ) عليها صورتي وأنا صغير , رسمتَها بأناملها الجميلة , وكتبت أنهم مستعدون ( للمفاجأة ) بإنتظار أن أستيقظ فقط من النوم ! على أية حال كنت أعتقد أن الموضوع مجرد كيكة وتفاجأت أن هناك أشياء أجمل أجمل مما تخيلت , كفتني فقط ابتسامة أمي ودموع أمي . تبكي أمي لأي شيء , لكن دموع فرحها جميلة , تلمع عيناها كألماستين . لا أحب أن تبكي أمي , لكن دموع فرحها أمر آخر , وأحبه . كان عيداً جميلاً ذاك الذي على البحر واعتقدت أن تلك الحميمية لن تتكرر أبداً . لكن اليوم ؟ كان نفس الذهول حينما شاهدوني أقوم من النوم الساعة 11 مساء على غير المتوقع . هل تلاحظون أنه في عيد ميلادي أنام لآخر الليل ؟ الموضوع يحتاج إلى دراسة . كانوا مستغربين وأمي تسألني وش صحاك ؟ أخبرتها أردت الصلاة فقط . ثم لما جلست كانوا يتحدثون عن عيد الحب , فقلت : اليوم عيد ميلادي ! مع أني وعدت نفسي لن أقول شيئاً عنه لكن ما باليد حيلة , أحياناً نتحدث لأننا نريد أن نتحدث لا أكثر . الحقيقة أني لم أقوى منذ الأمس الساعة 12:01 AM على منع ابتسامتي , شعرت أن هناك أشياء جميلة تحدث بالجو , أن عصفوراً سيحط على كتفي الآن , أن قطط الشوارع تنظر لي بمحبة , ربما من أجل ذلك قلت لهم أن اليوم عيد ميلادي , فإن شعرتم بشيء ما مختلف فتأكدوا لأني ولدت في هذا اليوم قبل بضع وعشرين سنة وليس لأنه بكرا عيد الحب ! ضحكت أمي كالعادة .. وأدارت وجهها وقالت : أنا قديمة , أعترف بالهجري بس . كان تعليق أبي اللطيف أني لحقت عيد الحب . يعني لا بأس قبله بيوم , قريب منه . أكلت معهم العشاء وقلت سأرجع لأنام . لم أنم طبعاً لأنه لم تمضي دقائق حتى كان أبي يدخل إلى الغرفة حاملاً الكيكة بيده ؛ أمي بجانبه وليان تحمل شمعة قبل أن يدخلوا وهي تصرخ طفت طفت ! هل يمكن لكم أن تتخيلوا مشهداً أجمل من ذلك ؟ دفنت وجهي بداخل اللحاف وأنا مذهول لا أدري ما عساي أن أقول . ما عساي أن أقول ؟ كانت كيكة بيضاء كبيرة وعليها صورة Midnight In Paris التي وضعتها من قبل في إحدى التدوينات ؛ وأبي يحملها . الصورة فكرة سارة , اختارتها قبل حتى أن أكتب عن أمنيتي بالاحتفال بعيد ميلادي عند برج إيفل . هل هناك أجمل من هذه المصادفة أيضاً ؟ أن يكون برج ايفل على كيكة عيد ميلادي ؟ طبعاً لن أخبركم أنها ليست حمراء كفاية , لأن المحلات تخاف في هذا اليوم من إظهار أي شيء أحمر وتحايلوا على ذلك بتخفيف اللون الأحمر وإضافة لون آخر غريب أشاهده للمرة الأولى معه . أردته أن يمرّ كأي يوم , حتى لا يذبل قلبي إن نساه أحد , و لم أفكر أن هناك من لا ينسى للحد الذي أحتفل بعيدين في عام واحد . شكراً لأبي على هذه الحنية , شكراً لأمي , قمري الذي لا يغيب , لأنها قامت بكل شيء وأعتذر أني فوتّ عليكِ نومة العصر : ) , شكراً لسارة لأنها التي لا تنسى .. شكراً لكل من أرسلوا لي وغمروني بهداياهم الجميلة . وكل سنة وقلبي بكم أكبر .