بروبغندا الصحافة

حياكم الله ,
تنقسم سلطات الدولة إلى ثلاثة أقسام , السلطة التنفيذية وتمثلها الحكومة , السلطة التشريعية ويمثلها البرلمان , والسلطة القضائية . ويمكن اعتبار الصحافة بصفة مجازية أنها السلطة الرابعة , فهي المعبّر عن توجهات الرأي العام . هذا في الدول التي يوجد بها فصل واضح بين هذه السلطات واستقلالية تامة لكل منها , فلا يمكن أن تطغى السلطة التنفيذية على التشريعية , ولا يجوز أن يتبع القضاء الحكومة , والصحافة يفترض بها الأخرى أن تكون مستقلة أيضاً بطبيعة الحال . هذا في الدول المتقدمة , وأقصد بالمتقدمة هنا ليس صناعياً وحسب وإنما سياسياً واجتماعياً بالتحديد . أما هنا ومن نظرة بسيطة لا تحتاج إلى بحث معمق نجد أن هناك مزجاً تاماً بين السلطات الثلاث في سلطة واحد وهي السلطة التنفيذية , فالحكومة هي من يعيّن برلمان لاحول له , وهي من يقود القضاء أين شاءت , وأصبح لا معنى لإستقلالية أو عمل أي منهما . هذا في ما يجب أن يكون مستقلاً بالضرورة فكيف حالنا بالصحافة ؟ بالتأكيد هي لن تكون بعيدة عما سبقها , فصحافتنا الغرّاء هي صحافة مُوجَهة ( بضم الميم وفتح التاء ) وليست مُوجِهة ( بضم الميم وكسر التاء ) كما يفترض بها أن تكون . ولن أضرب أمثلة على هزالها بالقول أنها معدومة الحرية ولا تتحدث إلا بالمواضيع التي تسمح بها الحكومة , وأنها وجدت لتسبح بحمدها أناء الليل وأطراف النهار , كل هذا أمر بديهي لا حاجة إلى الحديث عنه , ولكن أنظر من يقوم بتعيين رؤساء التحرير أو عزلهم ؟ تجد أنه وزير الإعلام وليس مجالس إدارة الصحف التي يفترض أن هذا هو عملهم . وكنت دائماً ما اتسائل إذاً ماقيمة مجالس الإدارة تلك إن لم تتدخل في شيء ؟ لا تعيين رؤساء تحرير ولا حتى مراقبة عملهم فقد كفتهم وزارة الأعلام مؤونة ذلك ؟ نحن صحافتنا هزيلة إلى الحد الذي لا يلقي لها الآخرون بالاً , و ضعيفة إلى الحد الذي يغري أي صحفي مبتدئ يبحث عن الثراء السريع أن يسيئ إلينا وإلى بلدنا لتقوم حكومتنا بإغداق أموالنا عليه لإسكاته . ولا أعتقد أن أحداً يجرؤ على المساس بدول أصغر منا كالبحرين أو الكويت وإبتزازهم مالياً ! انعدام الصحافة الحرة والكلمة الصادقة هي التي قادتنا إلى الحساسية من أي نقد خارجي , وصرف ثرواتنا لإسكات الآخرين عن نقدنا . نحن وحدنا من يفعل ذلك , والجميع يعرفه ويستغله ولا أدري إلى متى سيستمر هذا الأمر . نحن بحاجة إلى صحافة قوية يعتد بها , صحافة تقوّم اعوجاج مايحدث الآن في البلد من مخالفات وفساد مستشري أصبح بصورة علنية واستغلال الكبار للصغار بشكل لا ينبغي السكوت عنه , لا أن تتردى الصحافة إلى هذا المستوى الذليل للحد الذي أصبح توجيهها ليس حكراً على ( ولاة الأمر ) بل حتى من مؤسساتها التابعة كالإتصالات السعودية –  على سبيل المثال – التي أمرت رؤساء التحرير بعدم نشر أي مقال ينتقدها وإلا قامت بإيقاف إعلاناتها في هذه الصحف ! عموماً ما أطلبه ويطلبه غيري ليس الانشغال بالأمور الجدلية التي لا تؤدي إلى شيء , بل الانشغال بما يهم الناس حقاً وأن تكون صوتاً قوياً في مواجهة الفساد الذي نراه بأعيننا المجردة الآن , وذا مصداقية حتى لا يقتات الناس على الشائعات كما هم الآن , فهم لا يثقون بحكومة معدومة الشفافية , ولا يثقون بصحافة تابعة لا قيمة لها ولا تقول الحقيقة , فإلى من يستمعون ؟ علاجنا يأتي منصحافة مستقلة قادرة على نقد كل السلبيات بحرية وصدق . فالصحافة الحرة هي السلطة الوحيدة القادرة على قيادة عملية استقلال باقي السلطات عن استبداد إحداها في ظلّ خمول المجتمعات .

ربما أكمل.

5 تعليقات to “بروبغندا الصحافة”

  1. يقول مشعل:

    الموضوع ذو شجون ، والحديث فيه لم ولن يتوقف
    وللحق اصوات تصل دون أي سُلطات ، ولعلك منهم ..

    ولكن هناك من يتبعون منهج “الله لا يغير علينا” يحبطون تعزيز اي مبادرة ممن يحبون اوطانهم ويتمنون لها الأفضل .

    اما عن الصحافة فما أن تقوم واحدة لتحلق في سماء الكلمة الحرة ، حتى تصطدم بسقف قصير يقتل البوح ، ويفتك بالصادقين ، والوطن ثم شمس ثم الحياة ، ولم يبقى في حياة المواطن شيء يقراءه حتى يصدقه ما عدى كاريكاتير في زاوية مستترة في بعض الأحيان .

    شكراً لمقالك ، وتقبل مروري

  2. يقول Lament:

    أهلاً فيك يا مشعل ,

    شكراً لك على إبداء رأيك ..

    تحياتي (f)

  3. يقول nelly:

    ،
    قبل كل شيء !
    عاجبك الوضع ؟ وحشتنا طيب عارف (L)
    .. وبعد كل شيء ، أظن يامنصور بأن الحال الذي وصلت إليه
    صحافتنا المحلية جعلنا نتحرج حتّى من مناقشة وضعها .
    فنحن في مرحلة الصحافة لتدعيم الخبر ( البايت) وبهرجة ( السخيف)
    وماحاجة المواطن لمثلها وهو يجد خيرًا منها !

  4. يقول Lament:

    يا هلا والله ,

    لاوالله موب عاجبني الوضع , عشان كذا كتبت الموضوع P:
    ما أعرف وش أقولك بجد , لكن الله يصلح الحال : (

    مايحتاج أقولك منورة واللزي منه , عشان مكانك هذا (f)

  5. الوضع تطبيل وتمجيد !

    حال صحافتنا من حال الشعب تفسه تطبيل وتمجيد والله لا يغير علينا مثل ماتقضل الأخ مشعل

    أضف الى ذالك إستخدام السلطة والقوة !

    يعني ناس تبطش في ناس اذا مامجدوا وطبلوا لها !

Leave a Reply

*
To prove you're a person (not a spam script), type the security word shown in the picture. Click on the picture to hear an audio file of the word.
Anti-spam image