تخنقني الأماكن المغلقة , تضيق بي وأضيق بها .. ولدتُ بمنزلٍ فسيح , أقصد كانت حديقته واسعة وكبيرة وملئى بالأشجار من كل الأنواع تقريباً , أذكر أن هناك أشجار ليمون وزيتون وعنب وسدر ورمان ونخل بطبيعة الحال , بالإضافة إلى أشجار الزينة الكبيرة التي لا أعرف اسمائها , وأذكر ونحن أطفالاً أن قمنا أنا وأختي بزراعة بطيخ وأثمر . كانت أرضاً خصبة ومباركة ينبت فيها أي شيء ؛ كل هذه الأشجار كنا نأكل منها ؛ كانت جدتي حينما تزورنا تقوم بقطف الزيتون لتصنعه , لم نكن نشتري الليمون مثلاً أو العنب من السوق فهو يثمر بكثرة لدينا . كانت عريشة العنب كبيرة جداً , والدتي امرأة ذكية ولديها عقل هندسي , وضعت عريشة العنب في موقع استراتيجي على مساحة تمتد لعشرة أمتار طولاً وعرضاً , وكانت شجرة العنب التي بدأت صغيرة أول الأمر لم تلبث أن تمددت على كامل العريشة , وهو ماكان يجعل الجلسة تحتها أمراً ممتعاً , هناك كانت جلستنا الصيفية , قبل غروب الشمس بنصف ساعة إلى منتصف الليل تقريباً , كنا نقوم برشّ المنطقة بالماء آخر العصر حتى تبرد , وقد اشترى أبي زيراً نملأه بالماء , كان في عزّ الصيف شديد البرودة . ومن بعد صلاة المغرب يأتي رفاق أبي إليه كل يوم يجلسون هناك حتى أذان العشاء فيذهبون بعدها إلى الصلاة . بجانب هذه الجلسة كان المشبّ الذي تحدثت عنه سابقاً , كان في الماضي موقف سيارات وحوّله أبي بذكاء إلى مشبّ .. على بساطته إلا أني لم أرى يوماً أجمل منه , وقد رأيت كثيراً . كنتُ أحب عريشة الياسمين أمام المدخل , كانت الأقرب لي ولا أدري لما , كأننا أشقاء . ربما لأنها الشجرة الوحيدة التي أذكر أن أمي زرعتها , وأنا زرع أمي .. أما باقي الأشجار فأعتقد أن جدي هو من زرعها , كان جارنا , ولكن لا أذكر ذلك إلا من الصور فقط , لأنه قام بتغيير بيته ورحل عنا وأنا صغير لمّا أدخل المدرسة بعد , كان بيننا وبينه باباً أعرفه لم يُغلق ساعةً من نهار , وحينما رحل قمنا بإزالة الباب وبنينا مكانه جداراً . رحم الله جدي .. متى يرحل تتحول الأبواب إلى جدران , وتضيق الأمكنة .
“رحم الله جدي .. متى يرحل تتحول الأبواب إلى جدران , وتضيق الأمكنة” .
اخترقتني في العمق !
الضيق يا منصور صار جزء من خدعة الـ modernization الفاشلة.
لم اعتد على العيش في منزل فسيح لظروف مدينتي التي تشبه مساكنها العلب ، لكنني كنت انتظر الصيف بشغف ، نخرج للقرية والمزارع وكلا اجدادي يتنافسون في استضافة كم الاحفاد الهائل. والآن بعد وفاة الكبار انتقل الجميع الى علب اصغر.
صباح الخير (f)
مرحبا
يقال أن الأيام الجميلة لم تأت بعد
لكني أقول الأيام الجميلة هي تلك التي مضت مخلفة وراءها ذكريات جميلة
تحياتي وكل الود
نعم أجدادنا وكل من لديه الوعي ويحمل من النور بداخله ما يحمل، برحيلهم من حولنا ليست الأمكنة وحدها التي تضيق ولكن وكما يقال فعلا تضيق القلوب كذلك…
فالعلة ليست بالمكان ولكنها بداخلنا،
كما غنت فيروز.. “في عنّا بيت صغيّر بيساع الكل وأكتر” …..
شكرا على الوصف الجميل 🙂
جميلة صور الطفولة , تظل منقوشة في ذاكرتنا لاتُمحى ,وإن كبرنا ورمتنا المسافات بعيداً
بالمناسبة من خلال وصفك شعرت وكأنني أرى شجرة الزيتون والليمون وعريشة العنب .
رحم الله جدك .
فراشة باللإيطالي D:
يسعد صباحك : )
أنا أحس مسألة الضيق حالة نفسية أكثر , تشبه مسألة الغنى والفقر , والسعادة .. إلخ , لاحظي إنها تختلف مفاهيمها من شخص إلى آخر , ممكن بالنسبة لي الضيق هو بالمعنى الوصفي للكلمة ” العيش بمكان ضيّق ” المكان اللي مافيه حديقة ولا أشجار ولا زرع , بس بعد الضيق الأكبر بالنسبة لي فقدان من أحب ..
يوم سعيد (f)
~
رشا ,
صباح الخير ,
الآيام الجميلة جميلة : ) , سواء كانت بالماضي أو الآن أو التي ستأتي مستقبلاً .. صدقيني الإنسان قد مايقدر المفروض يحاول يصنع أيامه الجميلة , مايكتفي بالإنتظار للقادم أو الإلتفات للماضي , لتكن الأيام الجميلة كالطموح , نحاول بأقصى جهدنا أن نصنعها .
وأكيد , اشتقنا للأيام السعيدة : )
شكراً (f)
~
أروى
يسعد صباحك : )
أولاً شكراً عالكتاب , تو بس شفت :$
وثانياً أتفق مع كلامك بالكامل ..
بس يارب ماتكون زغيرة قناديلنا والليل كبير : (
أهلاً فيك يا أروى وشكراً على كل شيء (f)
~
آلاء ,
صباحك جميل ,
آمين , ويرحم جميع أموات المسلمين ..
شكراً على كلامك اللطيف , سعيد كثير فيك : )
يومك سعيد (f)
همممم منصور قرأت كلماتك هنا اكتر من مرة , الطفولة الكلمة السحرية اللي كل ماتذكرنا ولو جزء بسيط منها أحسني على بساط الريح
همم بمناسة الحديث عن الوسع والضيق انا لأنو تعودنا نعيش في أماكن واسعة أشعر أن الأماكن الضيقة تلائمني أكثر الواسع يشعرني بأن وحدتي مكشوفة أما غرفتي الجديدة الضيقة وأشيائي المكدسة بداخلها تشعرني بأنني أمتلك أشياء كثيرة وبأنني آمنة لا أعرف الفترةالأخيرة كرهت الأماكن الواسعه
..
تقلد ؟
عريشة العنب ؟ تقلّد . تجمعون الورق وتهاوشكم أمكم !
لأنكم تختارون الورق الأصفر الغلط ! ..
تزرع كل شيء ! جرّبت بنفس المكان اللي تزرع فيه ملوخية بالشتا يطلع فيه جرجير بالصيف !
بيتنا هذا . متأكد بيتكم .
ياحلوك وأنا أشبهك . قصدي تشبهني . أنا أكبر هههههه .
رحم الله جدي .. متى يرحل تتحول الأبواب إلى جدران , وتضيق الأمكنة
يا الله …كم هي موجعة!!
مشاعل ,
أهلاً فيك : )
مو كل طفولتي حلوة , في اشياء أكيد سيئة وأحاول ما اتذكرها ..
والله يبعد عنك الوحدة والضيق بكل وقت وبأي مكان : )
تحياتي لك (f)
~
نيلي
بوناسيرا ,
من جدك !؟ حتى لو بقلدك حكاية الملوخية والجرجير حاجة ثانية هههههههههههه مستحيل تتكرر مع أي أحد بالدنيا P: بعدين مامي ماكانت تهاوشنا عادي :$ << قل ق وأنا ياحلوي بكل وقت اصلاً :$ << قل ق 2 غراتسي سنيورا (f) ~ كاميليا , الله كبير يا كاميليا : ) (f)
جميلة تلك الذكريات . . ليتها تعود في يوم . .
لكن ربما جمالها في انها ذهبت ؟!
لا أعلم حقاً. .
لكني استمتعت هنا كثيراً
“كنتُ أحب عريشة الياسمين أمام المدخل , كانت الأقرب لي ولا أدري لما , كأننا أشقاء . ربما لأنها الشجرة الوحيدة التي أذكر أن أمي زرعتها , وأنا زرع أمي”
وأنا زرع أمي .. ياااه يا منصور !
S.A.R.A.H
صباح الخير ,
جمالها ياسارة في أنها باقية معي إلى الأبد : )
شكراً لك , ويوم سعيد (f)
~
أمل
يسعد صباحك ,
أمس جلسنا نحكي أمي وأنا عن هذه الشجرة , قالت لي إنه بنفس الوقت اللي كتبت فيه أنا هذا الموضوع كانت هي تحكي عنها وكيف إنها أكثر شيء تشتاق له ببيتنا القديم .. وتفاجأت لما شافتني كتبت عن نفس الموضوع . حسيت بشعور جميل كثير وقتها , وإنه فعلاً اللي يربطنا مع هذه الشجرة بالذات أمر غير عادي : )
تحياتي لك (f)