" – سأسألك سؤالاً آخر إذن , ما الذي تريده ؟
– ماذا أريد ؟ هل تريدين الحقيقة ؟ أظنها موجودة هناك في فيلم ( الفندق العظيم ) , لقد فكرت طويلاً بالأسباب التي تدفعني لمشاهدة الفيلم , وأظنها ثلاثة أسباب , الأول مايقوله الكونت المزيف للبطلة ( ليس لدي شخصية على الإطلاق , عندما كنت صغيراً علّموني ركوب الخيل والتصرف بنبل , ثم في المدرسة علموني الصلاة والكذب , ثم في الحرب علموني القتل والاختباء ) صحيح أني لم أقتل , ولكني أختبئ .
– ولكنك لست كذلك .
– الذي تعرفينه إذن ويحمل اسمي واحد غيري .
– لن أناقشك , وما السبب الثاني ؟
– ما يقوله الكونت المزيف أيضاً للبطلة
– ماذا بالتحديد ؟
– ( أحب أن أكون في غرفتك لأتنفس الهواء الذي تتنفسينه ) هكذا أفكر وأنا معكِ دائماً .
– صحيح !! والسبب الثالث .
– كنت أتوقع أن تقولي أكثر من كلمة واحدة حول السبب الثاني , ولكن سأقول لك السبب الثالث , إنه النهاية .
– هذا ما لا أستطيع أن أتحدث فيه , فأنت الأستاذ . ولكن ما الذي تقصده ؟
– نهاية الفيلم لا نهاية لها , هذا ما اكتشفته أخيراً , أظن أن هذه أعظم النهايات , لأنها نهاية وبداية في الوقت نفسه .
– لم أفهم !
– بعد مقتل الكونت المزيف يقول الدكتور المشّوه ( ماذا تفعل في الفندق , تأكل , تنام , وتتكاسل وتتودد للنساء قليلاً , وترقص قليلا , مائة باب تقود للقاعة نفسها , لا أحد يعرف عن الشخص المجاور له , وعندما ترحل يشغل أحد غرفتك ويستلقي في سريرك ) لأول مرة أدرك أن الفندق الكبير ليس فندقاً وحسب , إنه أكثر من ذلك بكثير , ألم تلاحظي أناساً جدداً يدخلون وآخرين يخرجون تماماً بعد أن انتهت حكاياتهم , من الأبواب التي لا تتوقف عن الدوران ؟ إنه الحياة . هل يمكنك أن تعطيني نهاية بلا نهاية ؟ نهاية هي بداية ؟ بداية نهايتها بداية ؟
– لا أعرف .
– هذا ما يحيرني أيضاً , فلديّ بدايات كثيرة لا طعم لها .
– وماذا عن نهايتك , يعني , هل تتصور نهاية لمشوارك في هذه الحياة ؟
صمتَ كثيراً إلى الحد الذي ظنّت معه أنه لن يتحدث أبداً , بحيث ندمت على طرحها لسؤال شائك كهذا , وقبل أن تفتح فمها المتوّرد الصغير لتعتذر قال : لم أكن سوى واحد من عائلة كتبت الخيل أقدار رجالها .
عندها تجرأت وقالت بصوت حزين : ولكنني أتحدثُ عنك .
– أنا ؟! لم يكن لي حصان في أي يوم من الأيام !
– أظنك غير طبيعي اليوم !
– نعم , إنني مريض ألم تلاحظي ذلك ؟ هل نسيتِ ما يقوله الدكتور في الفيلم ( عندما أرى شخصاً ملابسه كبيرة عليه , أعرف أنه مريض ) وأنا ملابسي كبيرة عليّ , ألا تلاحظين .
– لا . إنها مناسبة تماماً "

زمن الخيول البيضاء

لا يمكن إضافة تعليقات.