" في ذلك الزمان القديم البعيد السعيد كانت المعاني والحركة واحدة . في عصور الجنة تلك كانت الاغراض التي نملأ بها بيوتنا , وخيالاتنا حول تلك الاشياء واحدة دائماً . في سنوات السعادة تلك كان الجميع يعرفون أن الأشياء والأدوات والخناجر والأقلام التي نمسكها لم تكن استطالات أجسادنا فقط , بل استطالات أرواحنا أيضاً . حين يقول الشاعر " شجرة " في ذلك الزمان تتجلى في أذهان الجميع شجرة , ويعرف الجميع أنه لا ضرورة لبذل الجهد لفترة طويلة لعدّ الأوراق والأغصان لكي يستنتج بأن الكلمات والشجرة في القصيدة يمكن أن تشير إلى الشجرة والشيء الذي في داخل الحياة والحديقة . كان الجميع يعرفون بأنه حين تكون الأشياء التي يحكى عنها بالكلمات متقاربة , فإن الكلمات تتداخل فيما بينها حين يهبط الضباب على القرية الشبحية الواقعة بين الجبال . كان المستيقظون في ذلك الصباح الضبابي لا يستطيعون الفصل بين الحلم والواقع , ومابين الشعر والحياة , ومابين الأسماء والناس . كانت الحياة والحكايات واقعية في ذلك الزمن إلى حد أن أحداً لا يخطر بباله السؤال عن أصل الحكاية وأصل الحياة . كانت تعاش الأحلام , وتفسّر الحياة . كانت وجوه الناس في ذلك الوقت ذات معنى حتى إن الذين لايعرفون الألف من العصا , والخمسة من الطمسة يقرؤون بوضوح حروف المعاني الواضحة التي على وجوهنا "

الكتاب الأسود

لا يمكن إضافة تعليقات.