إلهنا .. أهل القبور رهائن ذنوبٍ لا يفكون , وأسرى وحشةٍ لا يطلقون , وغرباء سفر لا يُنتَظرون، وجيران قربٍ لا يتزاورون ، محا الثرى محاسنَ وجوههم ، وجاورتهم الهوام في قبورهم ، فهم جمودٌ لا يتكلمون , منهم المعذبون ومنهم المسرورون , اللهم من كان منهم معذباً ملهوفا فأبدل عذابه فرحاً وسرورا , ومن كان منهم منعماً مسرورا , فزده نعيماً وحبورا , يارب العالمين , وارحمنا اللهم إذا صرنا إلى ما صاروا إليه , تحت الجنادل والتراب وحدنا , لا أنيس ولا جليس إلا عملاً صالحاً , اللهم ارحمنا إذا نُسي اسمنا , واندرس رسمنا , وبُليت عظامنا , اللهم ارحمنا إذا تشققت السماء بالغمام وطال بين يديك القيام , وعرّيت الأجساد , ونُصب الميزان , وبُرّزت النيران , وقد ظهرت الفضائح بين الأنام , إذا تكلمت الأيادي , وشهدت الأقدام , ونطقت الجلود والأسماع والأبصار , اللهم كما سترتنا في الدنيا ولم تفضحنا , فاسترنا يوم العرض عليك والوقوف بين يديك , وأظلّنا اللهم في ظلك يوم لا ظل إلا ظلّك , يوم يكون كل واحدٍ منا في ذنبه غارق , يوم يتهرب الوالد من ولده , وتتبرأ الأم من ابنتها , وكلٌ يقول نفسي نفسي , وجيء يومئذٍ بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام , مع كل زمامٍ سبعون ألف ملك , تقول أين العصاة , أحيطهم بناري , إلهنا يا خالقنا يا مولانا يا رازقنا زلّت بنا الأقدام , وغرقنا في بحور المعاصي والآثام , اعترفنا بذنوبنا فنرجو عظيم عفوك ، فإن ذنوبنا عظيمة وعفوك أعظم منها , اللهم إنا نستغفرك لما تبنا إليك منه ثم عدنا فيه , ونستغفرك لما وعدناك من أنفسنا ثم لم نوفِ لك إياه , ونستغفرك للنعم التي أنعمت بها علينا فتقوينا بها على معصيتك , فبعزتك وجلالك ما عصيناك إذ عصيناك ونحن بعذابك جاهلين , ولا بنظرك وعقوبتك مستخفين ، ولكن سولّت لنا أنفسنا أمرا , وغرنا سترك المرخى علينا ، فعصيناك بجهل ، وخالفناك بجهل , فالآن من عذابك من سينقذنا ، وبحبل من نعتصم إن قطعت حبلك عنا , فواسوأتنا من الوقوف غداً بين يديك , إلهنا إن لك في كل ليلة عتقاء من النار اللهم اجعلنا من عتقائك من النار , اللهم اعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وجميع المسلمين يارب العالمين , ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين , ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار , سبحان ربك رب العزة عما يصفون , وسلامٌ على المرسلين والحمدلله رب العالمين ..